الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

مانديلا.. الثائر المناهض للعنصرية

مانديلا
مانديلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن يعرف الزعيم المولود بقرية "ميفتزو" الجنوب إفريقية في 18 يوليو 1918، أنه سيصبح واحدًا من أهم القادة بالعالم وأكثرهم تأثيرًا بالقارة الإفريقية السمراء.

أصبح نيلسون مانديلا في 10 مايو 1994 أول رئيس أسود لجمهورية جنوب إفريقيا، بعد فوز حزبه "المؤتمر الوطني الإفريقي" بأغلبية ساحقة في أول انتخابات تجري في بلدٍ متعدّد الأعراق والإثنيات، بعد أن لوّح بآخر أعلام التمييز العنصري في العالم، الرجل الذي مرّ على حصوله على جائزة نوبل في السلام 20 عاماً، عاش مناضلًا من أجل الحرية ومناهضًا لسياسة العنصرية والاستعمار، ولد في قبيلة "كوسا"، ودرس القانون في جامعتي "فورت هير" و"ويتواترسراند"، وأصبح قدومه إلى السلطة بمثابة ميلاد حقيقي لدولة العدالة الاجتماعية والحريات. 

عاش "مانديلا" سنوات طويلة داخل السجون، لكن بمجرد أن وصل إلى منصب الرئيس - عن طريق الانتخابات الديمقراطية - لم تدفعه سياسة الحقد والكراهية التي مارسها البيض ضد الزنوج، إلى الانتقام من معارضيه وأصحاب البشرة المختلفة، هذه السياسة التي انتهجها "مانديلا" مكّنته من مقاطعة الحكم العنصري بـ "بريتوريا" وعزله إلى جانب حكومات الكيان الاقتصادي للكومنولث البريطاني، و"هولندا" الوطن الأم للأفارقة الذين مورست ضدهم أصناف من التمييز العنصري.

جاءت الحكومة الجديدة إلى الحكم بعد انتخابات ديموقراطية نزيهة، وكانت لها مجموعة من المميزات، أهمها: أن الرئيس المنتخب نيلسون مانديلا حكم إلى جانب نائبه "دوكليريك"، الذي كان في وقتٍ ما على رأس النظام العنصري وفي مقام الجلّاد، كانت خطوة فريدة من نوعها قامت على "الصفح"، خصوصًا وأن معظم الحكومات الإفريقية - في تلك الفترة - انتهجت سياسة الإقصاء والانتقام من الآخر الذي مارس ضد شعوبها القمع والتجبر، مما أدّى في النهاية إلى نشوب حروب أهلية وصراعات اقتصادية طاحنة أدّت في النهاية إلى تفكير بعض الشعوب في الاستعمار كبديل لتلك الحروب الأهلية.

كان سجن مانديلا في جزيرة "روبن" محل اهتمام الأحرار، وبعد أن أُطلِق سراحه تحوّلت هذه الزنزانة بدورها إلى مزار سياحي، ويقول "مانديلا": "خلال ثلاثة قرون، كانت هذه الجزيرة سجنًا لكل المواطنين المبدعين والمناضلين والديمقراطيين، وإذا كان ذلك حقًا هو رأس الرجاء الصالح، فإن هذا الرجاء مدين لأرواح أولئك المقاتلين ورفاقهم"، وخلال هذه المسيرة من النضال والكفاح، استطاع مانديلا - الذي ساند الفقراء وأطلّق عليه السكان "غاندي إفريقيا" - أن يرسّخ لمبادئ العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية، وإذا كان كل من: ماركس ونهرو، جناحا الثورة والنضال اليساري تجاه المستعمر الجلّاد، فقد كان "مانديلا" كذلك أيضاً، وزاد عليهما في أنه تمكّن من تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة داخل الدولة، ولذلك لم يكن غريبًا أن يُكْرَمْ بالحصول على جائزة نوبل في السلام عام 1993.