كشفت دولة تونس، اليوم الخميس، عن تفكيك خلية نسائية تكفيرية تتكون من ستة عناصر، وتنشط بإحدى الضواحي الشعبية حول العاصمة، طبقًا لما ذكرته الداخلية التونسية في بيانها.
وأكد بيان وزارة الداخلية التونسية أن الخلية تضم ستة عناصر تتراوح أعمارهن بين 21 و32 عامًا بمنطقة حي التضامن، أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم أنصار الشريعة المتشدد، في الوقت الذى نجح فيه الأمن التونسي في تفكيك 160 خلية إرهابية أخرى.
وتعد تلك المرة الأولى التي يتم فيها ضبط خلية إرهابية نسائية في تونس، وتأتى تلك الخطوة بالتزامن مع عملية الاستقطاب المستمرة التي تقوم بها الجماعات المسلّحة وتنظيم الدولة الإسلامية" داعش" لتجنيد النساء في الحروب، والتي قامت من قبل باستغلال الصغيرات في تشكيل خلايا عنقودية من النساء في 3 أكتوبر عام 2016 بالمغرب تم إحباطها من قِبل أجهزة وزارة الداخلية، ضمن خطة الجماعات المسلَّحة لمشروع إدماج العنصر النسوي بالمغرب داخل المنظومة الإرهابي.
وأكدت المغرب حينها أن الخلية تتكون من عشر فتيات مواليات لـ"داعش" لاستقطاب عدد من المقاتلات الناشطات في كل من مدن القنيطرة وطانطان وسيدي سليمان وسلا وطنجة وأولاد تايمة وزاكورة، إضافة إلى جماعة سيدى الطيبي الكائنة نواحي القنيطرة.
وكان مرصد الفتاوى بمؤسسة الأزهر، قد حذّر من قبل من تجنيد النساء في القتال واستخدامهم كدروع قتالية في العالم عبر دراسة كشف فيها النقاب عن عددا من الكتائب التي ابتكرتها "داعش" لتجنيد النساء في القتال، من بينها "كتيبة الخنساء"، والتي تمثل النموذج الأبرز لدور المرأة داخل التنظيم، كابتكار جديد لـ"داعش" يختلف عما كان معهودًا في تنظيم القاعدة، التنظيم الأم الذي انشق عنه" وذلك إلى جانب "مؤسسة الزوراء" التي تعنى بتعليم النساء وإعدادهن للحروب وحمل السلاح.
وحذر عددا كبيرا من الخبراء في مجال حقوق الإنسان والسياسة من تجنيد النساء في الحروب والقتال، واصفين تلك الدعوات بالمضللة والمنحرفة التي تناهض التكوين النفسي المسالم للمرأة، والتي خلقها الله لتعمير الأرض لا تدميره بحمل السلاح.
في السياق، حذرت المحامية رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، من فكرة استغلال النساء في الأعمال الإرهابية وتجنيدهم من قبل الكيانات الأصولية المتطرفة من معتنقي الأفكار التكفيرية الهدامة.
وأضافت "عبده" في تصريحات خاصة لـ" البوابة" أن توجيه بوصله التنظيمات الإرهابية صوب النساء والفتيات بغرض إقحامهن في تنفيذ المخططات الإرهابية، خير دليل علي أن تلك الكيانات الإرهابية "المضللة" أبعد ما يكون عن الفهيم السليم لصحيح الدين الإسلامي وكافة الشرائع السماوية، والتي جاءت جميعها لتؤكد علي التسامح، ومنحتها أولوية قصوى في حمايتها لتقدير دورها في المجتمع كأم تلد الرجال، وتربي الرجال، وتشارك في صنع مستقبل الأوطان.
وأشارت نائب الجمعية المصرية إلى أن فكرة تجنيد النساء هو نوع من الشطط في الفكر ومخالفة لطبيعة دور المرأة الهام الذى تلعبه بالمجتمع، ومن هنا نري أن محاربة مثل تلك الأفكار المغلوطة لن يتأتى إلا من خلال تحقيق مسارين متوازيين، الأول من خلال التمكين الفعلي والحقيقي للنساء بكافة مناحي الحياة، ومساعدتهن علي المشاركة الفاعلة في الحياة العامة والسياسية، وإعادة بحث وتطوير التشريعات الداخلية ذات التوجه الغير منصف للنساء والتي يحمل (بعضها) شبه التمييز السلبي ضد النساء، وموائمة ذلك باستحداث من مبادئ دستورية تقرر المساواة بين الجنسين دونما النظر الي جنس او لون أو معتقد ديني أو سياسي، وهو ما اعتنقه المشرع الدستوري بعجز نص المادة 53 من الدستور المصري المعدل في يناير 2014.
إلى جانب زيادة مساحة الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة النساء في صنع مستقبل الوطن، وإزالة الصورة الذهنية الراسخة لدي البعض منهن بأنهن ( مواطنات منقوصات الحقوق )،وحضهن علي السعي تجاه الحصول علي حقوقهن، بكافة الطرق المشروعة، وهو الدور التوعوي الذي تعمل علي تحقيقه منظمات المجتمع المدني وفي القلب منها المنظمات النسوية، مع خلق مسار اعلامي تنويري يساعد علي تعميم الفكرة ونشرها بشكل واسع النطاق.
وقالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسة: إن الخلية النسائية في تونس لم تكن الأولى، حيث سبقها محاولات كثيرة من جانب "داعش" للدفع بالنساء إلى القتال، وأشارت" الشيخ" في تصريحات خاصة لـ" البوابة" أن "داعش" يدرك أن حركة المرأة في المجتمعات العربية أسهل بكثير من حركة الرجل، حيث إنها لا تخضع لملاحقات أمنية كثل ما يحدث في الغرب، كما أن العادات تقلل من تفتيشها في العالم الغربي، وبالتالي تسهل حركاتها وتنفيذ العلميات الإرهابية بسهولة، مضيفه في الوقت نفسه أن ظاهرة تجنيد النساء في الغرب خلال السنوات الماضية كانت أكبر منها في العالم العربي، والدليل الحرب التي قادتها روسيا على عمليات الذئاب المنفردة، التي قامت بها عددا من النساء في الشيشان ضمن استغلالها كأدوات لتنفيذ عمليات إرهابية موالية للجماعات المسلحة، وأشارت أن تجنيد النساء في العالم العربي سيتم بصورة أكبر خلال السنوات المقبلة، ولن يعتمد فقط على النساء المحجبات، التي قد يتم ملاحقتهن، ولكنه قد يتبع نهجا للتمويه بدفع النساء غير المحجبات لتسهيل مرورهم في الأماكن العامة.