خلف كل عمل كبير جنود مجهولون، لولا جهدهم وإخلاصهم لما ظهرت الأعمال للنور، ولما اكتملت هذه المعزوفة والسيمفونية الراقية، باعتبارهم «العضلات» التى تنفذ توجيهات «المخ».. إنهم العمال والمساعدون الذين يقومون بالحفر والتفريغ وتنفيذ الماكيت، الذى يصممه الفنانون والنحاتون المشاركون بـ«سومبوزيوم» أسوان الدولى للنحت.
فلا يقل المجهود الذى يبذله هؤلاء العمال عن الجهد الذى يبذله الفنانون المشاركون فى الـ«سومبوزيوم» إن لم يكن يزيد، كما لا يقل ما يقدمونه من إبداع عن إبداع الفنانين المشاركين إن لم يزد أيضًا، لأن أى خطأ ولو كان يسيرًا فى تنفيذ المخطط الذى يضعه الفنان للعمل الوليد، من الممكن أن يؤدى إلى إفساد العمل الفنى كله، وبالتالى فإن العمال والمساعدين يتم اختيارهم بشكل دائم لهذه المهمة الشاقة ضمانًا لحسن سير العمل.
غير أن المشاكل والمتاعب التى يعانى منها هؤلاء العمال قد لا تُرى بالعين المجردة لأغلب المتابعين لنشاط السمبوزيوم على مدار الأعوام الماضية، والمصاعب التى تواجههم فى الدورات المقبلة من السمبوزيوم تحتاج لمن يذللها ويزيلها لهم، حتى تستمر حالة السلاسة التى يقام بها الفعاليات.
عم رشيد أحمد رسلان، أكد أنهم ينقسمون إلى فئتين «مساعد وعامل»، وكل فنان يكون معه مساعد وعامل، ويحصل المساعد على ١٨٠ جنيهًا قبل الضرائب، والتى تم تقديرها هذا العام بـ٣٠ جنيهًا، وهو رقم كبير مقارنة بالأعوام السابقة، مشيرًا إلى أنهم طالبوا المسئولين بأن يجدوا حلًا لهذه الخصومات الكبيرة، إلا أنهم لم يجدوا آذانًا صاغية، أما العامل فيتقاضى ٧٦ جنيهًا عن اليوم الواحد، وهو رقم هزيل يجب زيادته.
وأضاف رشيدي: «كان القائمون على السمبوزيوم فى بدايته يعطوننا حقوقنا الأدبية بوضع أسمائنا وصورنا بالمطبوعات التى تصدر مصاحبة لفعاليات السمبوزيوم، وهو ما لا يحدث الآن، ولا ندرى سبب عدم استمرار الوضع على ما هو عليه، حيث كان المساعدون يتم تصويرهم مع الفنانين باعتبارهم جزءًا من أعمال السمبوزيوم، مطالبًا ضرورة التأمين على العمال والمساعدين فى السمبوزيوم، لأن الغالبية العظمى منهم تعمل به منذ إنشائه أى ما يزيد على ٢٠ عامًا، دون أن يحصلوا على أى ميزة نسبية، مضيفًا أننا نعمل ٤٠ يومًا دون الحصول على يوم إجازة خلال السمبوزيوم، لأن إدارته ترفض ذلك، كما أننا نعمل تحت أشعة الشمس الحارقة دون أن يتم تجهيز أى شمسيات تقينا حر الشمس، أو ما يترتب عليها من حرارة.
أما أحمد رجب، فيقول: «العبء الأكبر فى تنفيذ الأعمال الفنية يقع على عاتق العمال والمساعدين، لأنهم يتسلمون قطع الجرانيت التى يبلغ وزنها فى أغلب الأحيان أكثر من ١٠ أطنان، ويروضونها، على حسب طبيعة الماكيت الذى يريده النحات، وبناء على رؤيته ووجهة نظره، ويكون دور النحات هو متابعة العامل وتوجيهه للمكان الذى يجب على العامل أن يجتثه، هذا فى البداية، ومع مرور الوقت واتضاح معالم العمل الفنى، يأتى دور الفنان بالقيام بعمله الفنى بالتدقيق فى كل شيء يتم لقطعة الجرانيت، والقيام بصنفرة بعض الأجزاء وتهذيبها لتتناسب مع رؤيته الفنية، وهكذا إلى اليوم الأخير فى السمبوزيوم.
ويضيف قائلًا: «يقوم العمال والمساعدين بعملهم طوال ٤٠ يومًا، بينما لا يحصلون على حقهم الأدبى أو حتى المالى، نظرًا لضعف اليومية التى يتقاضاها العامل، والذى لا يتجاوز ٧٠ جنيهًا فى اليوم، بينما المساعد ١٨٠ جنيهًا يتم خصم جزء فى صورة ضرائب، وكان يجب أن يتم تكريم العمال والمساعدين فى ختام السمبوزيوم بجانب الفنانين، حتى ولو كان على سبيل المجاملة، نظرًا لتعبهم طوال ٤٠ يومًا هى أيام السمبوزيوم، نعمل خلالها من ٨ صباحًا وحتى ٥ مساء.
من جانبها، قالت الفنانة التشكيلية ريم أسامة: لقد بذل المساعدون والعمال جهدًا جبّارًا فى إكمال العمل، وكنتُ أساعدهم فى تنفيذ الماكيت الذى وضعته، لذا أرى أنهم الجنود المجهولون فى السمبوزيوم، ويجب أن يتم تكريمهم والاهتمام بهم بشكل أكثر مما يتم حاليًا، خاصة أن بعضهم يبذل جهدًا كبيرًا قد يفوق الجهد الذى يبذله بعض الفنانين فى أعمالهم.