للأسف الشديد.. يتباهى بعض الزملاء المؤيدين لأحد المُرَشَّحَيْن على مقعد نقيب الصحفيين بأنه سينقذ النقابة العريقة من غضب الحكومة، وإعادة العلاقة الجيدة بين النظام الحاكم ومجلس النقابة حتى نستطيع المطالبة بحقوقنا.
الحقيقة أن خروج مثل تلك العبارات من بعض الذين من المفترض أنهم يشكلون وعي أمة هو بمثابة الكارثة.
فإذا كنت أفهم جيدًا ما وراء كلماتهم بأن كل ما يسعون له هو مجرد زيادة في بدل الصحفيين، فهذا يعني أن هؤلاء تنازلوا عن قضية وطن بأكمله من أجل حفنة جنيهات، بل إنهم يشوهون هذا الوطن حكامًا وقادة رأي، فمهنة الصحافة كما تعلمناها يا سادة هي في الأساس مهنة يعمل ممتهنوها ليل نهار في البحث عن السلبيات، وقضايا الفساد التي تعوق تقدم الأوطان، وهي عين الحاكم دائمًا وسلاحه الأول لإصلاح الاعوجاج، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.. مهنة الدفاع عن المظلومين لم تكن أبدا مهنة للتطبيل للحاكم، وإغماض الأعين عن الفساد، وإلا سيصاب الوطن كله بالعمى، وسيغرق في بحر الظلمات بكل مَن فيه.
يا سادة إذا كان بعض قادة الرأي قد ارتضوا الحصول على بعض الجنيهات في مقابل أن تصبح أعرق نقابة للدفاع عن الحريات مجرد طبول تصم آذان متخذي القرار عن صراخ وأنين المظلومين والمقهورين، وتعمي أعينهم عن الحقيقة، معتقدين أننا نعيش في دولة الغاب، فهذه أكذوبة تهيننا جميعًا حكامًا ومحكومين.
وإذا كان فهمي خاطئا فلم يعد أمامي سوى تفسير واحد للأسف أكثر سوءًا، وهو أن بعض قادة فكر هذه الأمة أصبحوا يعانون من خوف مرضي وأيادٍ مرتعشة، وقرروا أن يتحولوا من قوة ناعمة لهذا الوطن إلى كائنات مستأنثة تبحث فقط عن حياتها، وتخلت عن رسالتها في الدفاع عن المظلومين، والبحث عن إصلاح الوطن، بل وقررت حتى التنازل عن الدفاع عن حقوق أعضائها التي يكفلها لها القانون والدستور في التعبير عن الرأي.
كنت أتمنى أن يتبارى الزملاء المرشحون لتقديم برامج لتحسين أحوال الصحفيين على المستويين المعيشي والمهني، وحماية أعضائها من مخاطر ممارسة المهنة، بدلا من تلك العبارات المهينة التي وصلت إلى حد تقديم كل التنازلات للزواج مع السلطة التي لا ترغب حقيقة في إتمام هذا الزواج؛ لأنها من مصلحتها ومصلحتنا جميعا أن يظل نور عينها مضيئًا ومرشدًا لها في إصلاح هذا الوطن.
يا سادة مصر- حاكمًا وشعبًا- نريد صحافة قوية وليست أيادي مرتعشة تبحث عن حقوق شعب ناضل لبقاء وطن، لا صحافة تتسول.