الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

آراء متباينة حول السماح للمسيحيين بالدراسة في جامعة الأزهر.. أزهريون: موافقون بشرط حفظ القرآن الكريم والحديث الشريف.. و"خطاب" يتساءل: كيف يدرس المسيحي شيئًا لا يعتقد بصحته؟

 جامعة الأزهر
جامعة الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القضاء: الحصول على «الإجازة العليا» وليس الديانة شرط الالتحاق بالأزهر
داعية: دعوى التحاق المسيحيين بالأزهر تنشر البلبلة ولا تحقق المواطنة


قال الدكتور حسن خطاب، أستاذ الدراسات الإسلامية، ووكيل كلية الآداب، بجامعة المنوفية، إن التحاق المسيحيين للدراسة بالأزهر الشريف، يواجهه عدة إشكاليات؛ أولها: أن طالب الأزهر يلزم بدراسة وحفظ القرآن الكريم، وهو أمر يستدعى بعض الشروط فى قراءته وحمله وتقديسه، وهى أمور لا يمكن إلزام غير المسلم بها.
وأضاف «خطاب»، أيضًا هناك الأحكام الفقهية والعقائدية، التى يدرسها طلاب الأزهر، والتى هى فى مجملها واجبات على المسلمين، وهو ما يمثل عقبة أمام دراسة غير المسلم لها؛ متسائلًا: كيف يدرس الطالب «غير المسلم»، شيئًا لا يعتقد صحته، بل إنه بحكم دينه يعتقد بطلانه.
وأشار، إلى أن الدراسة فى الكليات العلمية الأزهرية، ليست دراسة علمية مجردة، وإنما يدرس فيها الطالب قدرًا من القرآن الكريم، والفقه، والحديث النبوي، والأصول، وهذا ما يجعله مميزًا بها عن غيره من الكليات الأخرى، لاسيما أن كثيرًا من الأحكام الفقهية المتعلقة بالمريض، كالصيام، إضافة إلى أن بعض المسائل الخاصة بالمرأة، كالحيض والنفاس والحمل، يرجع فيها إلى الطبيب الثقة، باعتبار أنها شهادة، والشهادة يُشتَرَط فيها العدالة، وأول درجات العدالة الإسلام، ومعرفة الأحكام الشرعية.
ويرى «خطاب»، أن التحاق غير المسلمين للدراسة بكليات جامعة الأزهر، قد تُستخدم، بمرور الوقت، كذريعة لإلغاء مقررات القرآن الكريم، والعلوم الشرعية، من الكليات العملية، وهو ما يتنافى مع رسالة الأزهر، كما أن إلغاء مثل هذه المقررات قد يؤدى إلى قلة أو انعدام الوعى الديني، بالأحكام الأساسية والضرورية، التى لا تقوم الحياة العلمية للطبيب والمهندس المسلم إلا بها.
واختتم أستاذ الدراسات الإسلامية، حديثه بقوله: «أرى أنه لا توجد ضرورة لذلك، لاسيما أن هناك ما يزيد عن عشرين جامعة مصرية، تفتح أبوابها، بجميع المحافظات على مستوى الجمهورية، لغير المسلمين، ومن ثم فإننى أرى أنه لا داعى لهذه التعديلات، التى قد تثير فتنة بين المسلمين وغير المسلمين.

تركيبة «الأزهر» مختلفة
بينما استغرب الباحث الإسلامي، معتز عبدالرحمن، صاحب كتاب «أزمة البخاري»، وكيف يمكن فهم البخارى فى ضوء مناهج الأزهر، على مثل هذه الدعاوى، وقال: «منذ سنوات عديدة تظهر وتختفى فى فضاء الإعلام مسألة شديدة الغرابة، وهى مسألة حق المسيحيين فى دخول جامعة الأزهر، والتى تثار وكأنها نموذج للعنصرية التى يعانى منها المسيحيون فى مصر، إذ يُمنَعون من دخول إحدى جامعاته».
وأضاف «عبدالرحمن»، أن هذا الطرح يتجاهل التركيبة الخاصة لجامعة الأزهر، وهى الجمع بين المواد الشرعية الإسلامية، والمواد العلمية، فى بعض الكليات، كالهندسة والطب والألسن، فى حين تنفرد بالمواد الشرعية الإسلامية غالب الكليات، كأصول الدين والشريعة والدعوة.
وأوضح الباحث الإسلامي، أن توافر المواد العلمية، فى كل جامعات مصر، التى يدخلها المسلمون والمسيحيون، بل واليهود قبل هجرتهم، ومع عدم رغبة المسيحيين بطبيعة الحال فى دراسة المواد الإسلامية، فما وجه الإصرار على إلحاق المسيحيين بتلك الجامعة، على وجه التحديد، واعتبار عدم السماح لهم بدخولها، علامة على التعرض للعنصرية والاضطهاد؟.
وأشار إلى أن موقف الأزهر، جاء على لسان أحد مسئوليه، وأوضح تلك النقطة بطريقة غير مباشرة، وهى أن الطالب المسيحى إذا حفظ القرآن الكريم، فله أن يدخل الجامعة، أى أنه إذا لم يمانع فى النقطة التى تفرق بين جامعة الأزهر وبقية الجامعات، وأرادها فلا مانع، وبالطبع لم يلقْ هذا التصريح استحسانًا ممن يطالبون بدخول المسيحيين جامعة الأزهر، ورأوا أن فى هذا اضطهادا أكبر، لأنه يجبر المسيحى على دراسة وحفظ ما يخالف معتقده.
وبين «عبدالرحمن»، أنه ليس المطلوب عمليًا دخول المسيحى إلى الأزهر، كجامعة تجمع بين دراسة الإسلام- وهو الأصل- وبين العلوم الطبيعية والبشرية الأخرى- فى بعض الكليات فقط- لكن المطلوب هو تغيير طبيعة هذه الجامعة، لتصبح مثل أى جامعة أخرى، تناسب جميع الديانات، لخلوها من دراسة الدين أصلًا، وعلى أدنى تقدير أن تخرج ميزانية الجامعة من مظلة الدولة، بدعوى أن المسيحى يدفع ضرائب، يستخدم بعضُها لمكان لا يمكنه الالتحاق به، وإن أمكنه فسيكون بتعلم ما لا يريد.


أزهريون يوافقون.. بشروط
من جهته؛ يقول الدكتور أحمد حسني، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، فى تصريحات صحفية، إنه لا يمانع من انضمام المسيحيين للدراسة فى جامعة الأزهر، بشرط حفظهم للقرآن الكريم.
الرأى ذاته؛ ذهب إليه الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، حيث يرى أن نظام الدراسة بالأزهر لا يناسب المسيحيين، لأن أى طالب يلتحق بالأزهر مطالب بحفظ القرآن الكريم؛ متسائلًا: هل الطالب المسيحى سيحفظ القرآن، ويدرس الفقه، والتفسير، والعقيدة والحديث؟.
وعندما أثيرت القضية فى عهد الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، علق بقوله: «لا مانع بشرط أن يحفظوا القرآن والسنة»، ويومها أغلق الراحل البابا شنودة الثالث، القضية بقوله: «الأزهر للمسلمين، وكليات اللاهوت المعمدانية للمسيحيين».

«القضاء الإداري»: الشرط المؤهل وليس الديانة
وفى عام ٢٠٠٩؛ صدر حكم محكمة القضاء الإداري، بمنع قبول الطلاب المسيحيين بقسم الدراسات العليا، بكلية الشريعة والقانون، بجامعة الأزهر، مبررة ذلك بأنه يشترط لقيد الطالب للحصول على درجة التخصص «الماستر»، بقسم الدراسات العليا بالكلية، أن يكون حاصلًا على درجة الإجازة العليا من الكلية، أو ما يعادلها، بتقدير جيد على الأقل، وأن يتقدم بطلب للقيد قبل بدء الدراسة.
واعتبرت المحكمة، أن ممدوح نخلة، صاحب الدعوى التى أقامها عام ٢٠٠٨، غير حاصل على درجة الإجازة العليا من كلية الشريعة والقانون بالأزهر، أو ما يعادلها، وأنه لم يتقدم بطلب القيد قبل افتتاح الدراسة، ومن ثم لا يتوافر فى حقه شروط القيد، كما أن طلبه بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن قبوله، والطلاب المسيحيين، للحصول على هذه الدرجة، غير قائم على سند صحيح، من أحكام القانون، وجدير بالرفض.

«ضد مبدأ المواطنة»
وحول مبدا المواطنة وعلاقته بالإخوة الأقباط؛ قال الداعية الأزهري، على محمد شوقي، إن دعوى مخالفة دراسة المسيحيين بالأزهر، تخالف حقوق الإسلام، ومبدأ المواطنة، كما أنها «دعوى واهية».
وأضاف «شوقي»، أن الأزهر يشترط فيمن يلتحق به أن يدرس القرآن، كمادة أساسية، بل هى المادة الأم، وغير ذلك من العلوم الشرعية، أو العربية المتصلة أشدَّ الاتصال بكتاب المسلمين، وسنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، وعليه فليس للمسيحين مكانٌ فيه، احترامًا لهويتهم، وتعزيزًا للمبدأ الذى أراد الأزهر ترسيخه، أخذًا بقول الله تعالى: [لكم دينكم ولى دين].
وأنكر، على من يُطالب بضم كليات الأزهر العلمية للمجلس الأعلى للجامعات؛ واعتبره يُخالف هذا المبدأ فى الأساس؛ والذى هو رُكنٌ فى منهج الأزهر، وأيضًا فإنَّه إذا كان ينادى بمبدأ المواطنة– كما يدَّعى النائب محمد أبو حامد- فإنه يخلع حق طلاب الأزهر، من جانب آخر.
وتساءل الداعية الأزهري: أيُّ تحقيق للمواطنة، إذا كان فيه نشرٌ للبلبلة والشغب، وفى الوقت نفسه، فإنَّه يُهين الأزهر، من حيث لا يدري، إذ إنَّه يُفقده دوره الذى يسعى جاهدًا إليه، وهو إخراج علماء متخصصين فى جميع المجالات، متبصِّرين بدينهم الإسلامي.