شتان بين «دوار العمدة« قديمًا و«دوار العمدة» الآن، وشتان بين «عمد
زمان» و«عمد دلوقت».. هذا رأي عدد من أهالي قري أسيوط مؤكدين أن 55% من عمد ومشايخ
أسيوط هم حكام إداريين بقراهم مع إيقاف التنفيذ ولكن اتفقوا على أن وجودهم ضرورة
لأنهم حائط الصد الأول والأخير للمستضعفين.
يقول «ح.م.ع»، سائق على
خط «أبنوب- القداديح»، أن «العمد وشيوخ البلد»، حاليا ليسوا بالمكانة والهيبة التي امتلكها «عمد وشيوخ زمان»، مؤكدًا
أن عمد زمان كانوا يمتلكون القدرة والسلطة وقوة النفوذ في تحقيق الأمان للمواطنين،
أما الآن اقتصر دورهم على عقد الصلح بين العائلات والمطالبة بحق مواطني القرية
ببناء المدارس أو إنشاء خدمات ومشاركة الأهالي في المناسبات والأعياد.
ويرى اللواء أحمد
عبدالراضي، أمين عام حزب حماة الوطن، بأسيوط أن «العمدية» سابقًا كانت ترتبط
بالرجل الوقور الذي يتسم بالهيبة، ويحظى بثقة سكان القرية ليكون ممثلًا لهم لدى
الجهات الرسمية، وفي ذات الوقت يكون عونًا لتلك الجهات، خاصة الأمنية ما كان يخفف
على المحاكم والقطاعات الأمنية.
وأكد أن لقب «العمدة» له
بُعد تراثي وأمني فهو الشخصية الاجتماعية الذي يمثل سكان قريته بصفته المسئول
والوالد والأخ الكبير، لذلك تجده صاحب كلمة نافذة ليس بقوة القانون والنظام وإنما
لما له من احترام وتقدير ومكانه بين أفراد المجتمع.
وأوضحت الدكتورة «كريستينا
حكيم»، أمين المرأة بحزب مستقبل وطن، أنه حتى عهد قريب لم يكن أحد يجرؤ أن يتجاوز
العمدة بشكوى جاره مهما كان حجم الضرر، وإن حدث تجاوز من أحد الأهالي وذهب شاكيًا
دون علم العمدة، فإن هذا الفعل خطأ فادح، وتعدي على مكانة العمدة، ويُكلف المتجاوز
الاعتذار للعمدة شخصيًا، وسحب الدعوى كرد اعتبار للعمدة والنظر فيها حيث كان
الكثير من القضايا تنتهي عند العمدة.
وأكدت «حكيم»: إن العمدة
في الماضي كان بمثابة رئيس للقرية أو الحاكم الإداري الذي يمكن التوجه إليه من قبل
الأهالي لمعالجة كل كبيرة وصغيرة وإيجاد الحلول لجميع المشاكل وكان هو من يتفقد
شؤون الأرامل والأيتام ويزرع التسامح والترابط بين سكان القرية، وكان وجهاء الحوارى
وميسوري الحال وأصحاب الأفكار النيرة يعاونونه في أعمال الخير حسب ظروف كل منهم.
وعن أهمية دور العمدة
الآن أكد «محمد كيلانى« نائب مأمور أبنوب بمحافظة أسيوط: إن دور «العمدة«، في الحاضر لا يقل عن دوره في الماضي، حيث يتركز في أمرين رئيسين،
أولًا: القيام بدورة بالحفاظ على الأمن كعنصر أساسي، ثانيًا: اجتماعيا في البحث عن
المحتاجين والغلابة، ومساعدة المستفيدين من الضمان الاجتماعي، وتسهيل إجراءاتهم
حال البحث عنهم أو طلبهم والتصديق على أوراقهم لتسجيلهم في الضمان الاجتماعي أو
التأمينات الاجتماعية وحل المشاكل الاجتماعية بين الجيران أو المشاكل الأسرية
ومحاولة احتوائها دون الرجوع لمراكز الشرطة أو المحاكم، ومشاركة الأهالي في
مناسباتهم وأفراحهم وأعيادهم، وكذلك مشاركته لهم في أحزانهم والوقوف بجانبهم
للتخفيف عنهم وحث المواطنين على تطوير العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد ونبذ
الخلافات التي من شأنها إشعال الفتن بيهم.
ومن جانبه، قال العمدة «عصام
أديب زخاري»، مرشح لمنصب العمدية بمركز أبنوب بأسيوط عن قرية دير شو: إن القانون
58 لسنة 1978م ينص على أن يكون لكل قرية عمدة، وتلغى وظيفة العمدة من أية قرية بها
نقطة شرطة، مشيرًا لعدم المفاضلة بينهما، حيث إن للنقط الشرطية دورًا فعالًا
بالقري الخطرة أسفل الجبال أو تلك التي بها خصومات ثأرية وعناصر إجرامية.
وأضاف: هناك قرى يعمها
السلام والوئام مثل قريتنا «دير شو»، فلا داعي لضابط شرطة وخفر وأمناء، مؤكدًا أن
العمدة سيؤدى الغرض المنوط تحقيقه.
وعن مؤهلات العمد والمشايخ، أكد «أحمد عبدالهادي»
إمام عمدة قرية دكران بمركز أبوتيج، أن العمدة الآن أفضل، من حيث إتمامه للتعليم،
وحصوله على مؤهلات عليا، تساعده في المطالبة بحقوق المواطنين، رغم سلب سلطات مهمة
من رسالته، مؤكدًا أنه حاصل على ليسانس حقوق من جامعة أسيوط.
وقال إن عمدة جزيرة الأكراد،
بمركز الفتح، كان ضابط شرطة، واستقال من أجل إتمام مسيرة والده في العمدية، رغم
قلة العائد الذي يتقاضاه العمدة نظير مهام عمله.
وأكد أن العمدة «أيفا»
عمدة «كمبوها»، بمركز ديروط، خريجة حقوق، وكانت أول عمدة من النساء بجمهورية مصر
العربية.
وعن أيهما أجدى نائب البرلمان
أم العمدة، يري أهالي قرية دوينة بأبوتيج، أن نائب البرلمان أهم من العمدة في
تحقيق مطالبهم أمام الوزراء، قائلين: إن «دوينة»، بها »العمدة» وأخيه «نائب البرلمان» وبالمقارنة، خدمات النائب أكثر من
العمدة.
وأكد «إبراهيم أبوطالب»، بقرية
أبو عميرة، مركز أبنوب أن «اللي ملوش كبير بيشتري كبير»، والعمدة كبير البلد في
زمن «لا عاد بيقدر كبير ولا صغير يا ولدي«، على حد تعبيره.
فيما قال «عبدالكريم محمد
زكريا»، نائب برلماني: أحيانا يكون العمدة حائط الصد الأول ضد أي عدوان على حقوق
المستضعفين من البسطاء والغلابة.
وعن الشروط الواجب توافرها
لتعيين عمدة، أكد العميد «هاني عويس»، مأمور مركز أبنوب أن أهم الشروط يكون مصريًا
ومقيدًا بجداول الانتخابات وحسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو
موقوف حقه فيها وألا يقل سنه عن 30 سنة، وأن يجيد القراءة والكتابة، وألا تقل
ملكية من يتقدم لشغل وظيفة العمدة عن 5 أفدنة بزمام القرية أو القرى المجاورة لها
أو أن يكون له دخل ثابت مثل المرتبات والمعاشات.
وعن مشكلات العمد
والمعوقات التي تواجههم قال «عصام أديب زخاري«، عمدة «دير شو»، لـ«البوابة نيوز»: يعاني العمد، أولا: عدم وجود الخفر الدرك الذين كانوا
يتجولون بالشوارع ليلا لحراسة المنازل والمنشآت، وعدم تعيين خفراء ومشايخ الخفراء
ووكلائهم وعدم وجود خفراء لمساعدة العمد في إنجاز القضاء على الفتن والخلافات قبل
تفاقمها وعدم وجود مقر مناسب وتجهيزات تساعد العمدة في أداء عمله مثل أجهزة
الحاسوب والطابعة وآلة تصوير المستندات وغيرها.
وأضاف قائلا: التجميد
الوظيفي في سلم الترقيات وعدم وجود حوافز كافيه وسيارة كعهدة تساعده على التنقل
لإنجاز عمله وعدم توفر موظفين على قدر من الخبرة والمعرفة يساعدونه في إنجاز مهامه
وعدم عقد دورات تدريبية لتطوير العمد وتعاملهم مع الآخرين.