الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من يعيد هيبة الصحفيين ونقابتهم؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصيبت مهنة الصحفيين ونقابتهم بجمود تام وموت إكلينيكى فى السنوات الأخيرة، بعد أن كانت نقابة للرأى وللمواقف والمعارك الفكرية التى كانت تضج بها النقابة بيت الصحفيين بالندوات والمؤتمرات ومناقشة القضايا الساخنة المصيرية التى تواجه المجتمع. فقد تحولت إلى كيان يضم الآن مشكلات مهنية ونقابية لا حصر لها، ولم تحل أو تضبط حتى الآن أبرزها قضية تعطل الصحفيين الحزبيين عن العمل منذ سبع حتى الآن، وقضية فساد لجنة القيد بالنقابة التى كانت تقبل موظفين على المعاش وربات بيوت وعاملات فى ملهى ليلى أحيانًا، ومندوبين ومندوبات إعلانات بوكالات صحفية ومواقع إلكترونية وصحف مطبوعة غير منتمين للمهنة أصلًا والتباطؤ والتنصل أحيانًا من حل مشكلات الزملاء مع صحفهم، وعدم محاسبة المتجاوزين مهنيًا فى حق المهنة والمجتمع، وعدم المقدرة على تحقيق التوازن بين حق المجتمع فى المعرفة وحقه فى الحصول على المعلومات، وعن تحقيق أجور عادلة للصحفيين تمكنهم من العيش اللائق وعدم المقدرة على التفاوض مع الحكومة فى جلب امتيازات للصحفيين منها نسبة من ضريبة الدمغة الصحفية التى يمكن أن تنعش النقابة بالملايين سنويًا ودعم مشروع العلاج والمعاشات وانشغال أعضاء المجلس بالعمل بالفضائيات، وعدم الرد على طلبات الزملاء بل السعى للاصطدام مع الحكومة بشكل أو بآخر واستخدام شعارات حنجورية جوفاء، ومحاولة اصطناع بطولات وهمية فى معركة خاسرة أصلًا مما كوّن صورة ذهنية سلبية عن الصحفيين لدى المواطن البسيط بعد أزمة النقابة الأخيرة مع وزارة الداخلية، وفشل النقابة فى إدارة الأزمة. وهذه الشعارات انتهت بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر مباشرة، مما تراجعت مكانة الصحفى داخل المجتمع الذى من المفترض أنه يدافع عنه بعد أن منح المجتمع الصحافة سلطة رابعة بجانب سلطات الدولة الثلاث.. ونحن لا نريد عودتها مجددًا، فقط نريد إحداث تغيير فى مجلس نقابة الصحفيين الستة ومعهم النقيب، وهذا موقفى من الانتخابات التى أنا عضو فى جمعيتها العمومية، دون أن يكون لى عداء مع أحد. فنحن فى النهاية زملاء مهنة واحدة، ولدينا هموم مشتركة لأن المهنة تمر بأوضاع غاية فى الصعوبة، تتطلب تكاتف الجميع للخروج من هذا المأزق واستقلال النقابة تمامًا عن السلطة. وإذا عندنا للوراء قليلًا فسوف نجد أنه عند صدور القانون رقم ٧٦ لسنة ١٩٧٠ الذى بدأ العمل به فى ١٧ سبتمبر ١٩٧٠ بهدف نشر الفكر الاشتراكى والقومى، كان يجرى نشاط النقابة فى إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكى، ومن خلاله تغيرت نظرة القائمين عليه تجاه التنظيم النقابى ودور النقابات المهنية فى المجتمع لينص صراحة على الدور السياسى لها وهيمنة السلطة الحاكمة على هذا التنظيم النقابى المهنى وأعضائه من الصحفيين بأن جعل موافقة السلطة الحاكمة على عملهم بالصحافة سابقة على قيدهم بالنقابة. كما أن مسألة الانشغال بالدور الخدمى للنقابة برزت فى الخطاب الانتخابى لعدد من المرشحين وصعودها إلى موقع القمة فى أولويات اهتماماتهم..وأن جزءًا كبيرًا من جهد العمل النقابى خلال عقد السبعينيات أنفق معارك متواصلة لحماية الصحفيين من حملات النقل أو الفصل أو الاعتقال التى كان آخرها فى سبتمبر ١٩٨١ إلا أن العمل النقابى تراجع مؤخرا بسبب سيطرة الجهاز التنفيذى على العمل الصحفى، وخروج النقابة عن دورها الأساسى فى الحفاظ على مصالح أعضائها. بينما كل النقابات والاتحادات فى العالم تسعى إلى زيادة أعضائها، فإن نقابة الصحفيين المصريين تحد من العضويات الجديدة إلى حد ما، كما أن قانون نقابة الصحفيين الحالى رقم ٧٦ لسنة ١٩٧٠ لا يزال يعمل به منذ ٤٢ عامًا شهدت مصر خلالها تعددية حزبية وصحفية وفكرية وثورات اتصالية ومجتمع تكنولوجيا المعلومات، علاوة على قيام ثورة شعبية فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وثورة أخرى فى ٣٠ يونيو مما يتطلب تغيير القانون لكى يتناسب مع المتغيرات الحديثة والتخلص من مساوئه وتناقضاته وتطوير قواعد القيد والعضوية، لاستيعاب معظم المشتغلين بالمهنة وسحب البساط من تحت أقدام الكيانات، الأمر الذى يهدد كيان النقابة فى ظل تراجع دورها وانقسام أعضاء مجلسها وعدم القدرة على عقد الجمعية العمومية بشكل كامل ومنتظم أحيانا، بالإضافة إلى أن مبدأ الممارسة شرط العضوية وليس التعيين كأساس تتبناه العديد من البلدان المتقدمة فى الصحافة، والتى تمكنت من صياغة قواعد موضوعية تحكم الإطارات المنظمة للمؤسسة النقابية وعضويتها، كما أن وجود ٧ آلاف عضو بنقابة الصحفيين بينما العاملون بالصحف يقدرون بحوالى ٥٠ ألف عضو، مما يعنى أن هناك ٤٣ ألف شخص يعمل بالصحافة غير مدرجين بالنقابة، ويمارسون العمل فعلًا بالمواقع الإلكترونية والصحف المطبوعة غير المنتظمة. على أى حال أتصور أنه لا بد أن تكون الصحافة مستقلة بداية عن أى سلطة فى المجتمع، وأن تمارس دورها بحرية دون قيود من أحد مهما كان موقعه بالدولة بل يتم وضع قواعد جديدة للالتحاق بها وإلغاء قانون النقابة ووضع قانون جديد وتعاظم الدور المهنى للنقابة واستيعاب جميع المشتغلين بها تحت لوائها وإلزام الصحفيين بميثاق الشرف الصحفى وأخلاقيات المهنة وتنمية موارد النقابة المادية ودورها المجتمعى كمؤسسة مؤثرة بالمجتمع، والعمل على وحدة الصحفيين فى نقابتهم حتى لا نفتح الباب أمام تشكيل نقابات بديلة أو كيانات موازية تفتت الوحدة النقابية. لذلك فإن النقابة تحتاج إلى أعضاء مجلس ونقيب وطنيين ومخلصين وليس على رأسهم ريشة، من أجل أن ينتشلوا المهنة من الانحدار والتراجع والتباطؤ فى التجويد والدفع بالمهنة إلى الأمام والسمو بأخلاقياتها وممارساتها كسلطة رابعة وعين المجتمع أمام السلطة الحاكمة، ومن ثم يرتقى بكرامة الصحفى ويعلى من شأنه أمام مؤسسات المجتمع ويحسن صورته أمام الرأى العام بعد تراجع مكانة الصحفيين.. لا نريد شعارات عفا عليها الزمان تطلق كمسكنات بل نريد أفعالًا على أرض الواقع تنقذ الصحفى وتعيد هيبة ومهنة الصحافة كما كانت من قبل.