"حالة طلاق كل ٤ دقائق" ليست تنبؤات يسمعها المواطنون فى الأوتوبيس، أو حتى حديث تتناقله السيدات بينما يشترين طلبات البيت بما يتوافر لديهن من جنيهات، ولكنه عنوان لإحصاء أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى سبتمبر الماضى، مشيرًا إلى خطر قد يؤدى بالمجتمع إلى الهاوية، فالجهاز أعلن الرقم خلال عرضه لنتائج دراسة تطور ظاهرة الطلاق خلال العشرين عامًا الأخيرة، وذلك فى الفترة من ١٩٩٥ إلى ٢٠١٥، راصدًا فيها اتجاهات وأنماط الطلاق وأسبابه.
وفى فبراير الماضى، أعلنت مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية عن إصدار ١٧ ألفًا و٥٥٦ وثيقة طلاق، بينما أصدرت ١٤٧ ألفًا و٨٦٥ وثيقة زواج وهو ما يعكس الحال الفعلى للمجتمع.
وفى السياق نفسه، أصدر مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء تقريرًا حول نسب الطلاق فى مصر، أكد فيه أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا فى نسب الانفصال وأكد التقرير أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من ٧٪ إلى ٤٠٪ خلال نصف القرن الماضى، ليتجاوز عدد المطلقات فى مصر ٤ ملايين مطلقة، وبالطبع لكل هذه الأرقام والإحصائيات أثر فى نفوس المواطنين بمختلف أعمارهم، فمنهم من أعلن إحجامه عن الزواج، ومن يفحص قانون الأحوال المدنية بدقة لمعرفة كيفية التخلص من زوجته دون خسارة الأموال، وهناك من أخرج اهتمامه بالمجتمع فى صورة مجموعة من الأغانى التى يطرحها على صفحات التواصل الاجتماعى والتى تناقش قضية الزواج والطلاق والعلاقات من وجهة نظر الشباب والفتيات كما فعل "يوسف عبدالرازق محمد".
طالب بكلية التجارة بجامعة القاهرة، يشاهد أقرانه "بتحب وتفركش وتتجوز وتطلق" ولذلك حاول يوسف -على حد قوله- المساهمة فى الحل من خلال طرحه عددًا من أغانى الراب، التى تناقش القضية من وجهة نظر الشباب تارة، ومن وجهة نظر البنات تارة، وكما يراها الأهالى تارة أخرى.
يقول يوسف لـ"البوابة": "نفذت أكثر من أغنية، منها من تحدث عن تفكير الولد الذى يبحث عن فتاة مهذبة خلوقة للزواج، ودائمًا ما يكتشف أن من اختارها لا تناسبه من الناحية الأخلاقية مثلا، فكم من المرات التى تُعجب بفتاة وتجد صديقًا لك يقول لك إزاى اخترت دى، مالقتش غيرها، دى كذا وكذا وكذا، وبالمثل، تجد البنات تقول لقد تقدم فلان لخطبتى، فتجد صديقتها تؤكد لها أنه غير مناسب لها من الناحية الأخلاقية، فلقد ظل على علاقة بفلانة وفعل كذا وكذا، فأزمة الثقة أصبحت عنوانًا لكل العلاقات، وكل الأشخاص يطمح إلى المثالية رغم إننا مليانين بلاوى".
ويتابع: "أنا هنا لا أزايد على الشباب أو البنات، أو حتى أتحدث عن أن الشباب سيئون أو البنات سيئة السمعة، ولكننى أتحدث عن أسلوب أصبح سائدًا بين الشباب والبنات، فالشاب يطمح إلى "القطة المغمضة" التى لم يرها أحد قبله، والبنت تطمح إلى "يوسف النبى" الذى يتعفف عن كل البنات، ولم ينظر إلى امرأة قبلها، وبالطبع الساعى إلى المثالية لن يجد ما يبحث عنه أبدًا.
ويضيف يوسف: "الأزمة هنا ليست فى الشباب والبنات وحدهما، ولا حتى المجتمع كله، فالأزمة فى الأساس فى البيت، وهو ما حاولت أن أوضحه فى أغنية "أنتى طالق" التى نفذتها بمشاركة "فاتورة باند"، فالبيت فى الأساس هو السبب، فمن ينشأ فى بيت يرى فيه الطفل أمه تحاول أن "تبعد أباه عن السرمحة" ستشب البنت وهى على دراية أن كل الرجال يعشقون المجون، ولا يمكن أن يكون هناك رجل مخلص أو حتى ملتزم، وبالتالى تربية المشكلات النفسية منذ الصغر يحصدها الشباب فى علاقاتهم فى الكبر، هذه نتيجة محتومة".
وأكد يوسف أن أغنياته ما هى إلا محاولة لدق ناقوس الخطر قبل أن "نغرس" فى الخطر بشكل أكبر، حيث يقول: "الفكرة كلها أننى أحاول أن أكرس المزيكا والكلمات لكى تكون منبهًا للشباب قبل أن نصل إلى مرحلة يكون العلاج فيها وهمًا نسعى إليه، ففساد الأسرة وتهشم العلاقات يؤدى بالشباب والبنات إلى الاكتئاب والمخدرات والتقاعس عن فعل أى شىء، فى الوقت الذى يحتاج فيه الوطن لتلك السواعد لكى تنهض بالمجتمع، فبدون الشباب لا وجود لمصر فى الأساس، وهو ما أحاول علاجه فى الأغانى".