الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"رمسيس الثاني سليم .. بس كل حتة لوحدها"

موقع الكشف الآثري
موقع الكشف الآثري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ــ أمين الأعلى للآثار: سنبدأ الترميم فور استخراج الجزء المتبقى..

ــ المشرف على المتحف الكبير: لا يحتاج للصيانة

ــ رئيس البعثة الألمانية: أعمال الحفر مستمرة حتى الأربعاء.. ولجنة لبحث انتشال باقى "التمثال"


حالة من الذهول أصابت كل من تابع عن كثب عملية انتشال تمثال رمسيس الثانى من مرقده بمنطقة سوق الخميس بالمطرية، فبينما كان الكشف المتوقع بمثابة انتصار لجهد طويل للبعثة المصرية الألمانية المشتركة، إلا أن طريقة الكشف وعملية انتشال التمثال جاءت مخيبة للآمال، حيث أثار ما حدث بالموقع الأثرى على مرأى ومسمع خالد العنانى وزير الآثار، ضجة كبيرة، وغضبًا عارمًا اعتبره الأثريون قبل غيرهم من المتابعين عبثًا بالآثار المصرية، ينم عن عدم خبرة بالطريقة المثلى للتعامل مع هذه الكنوز التى لا تُقدر بمال، وبدلاً من أن تتحول أنظار العالم ووسائل إعلامه، إلينا بعين الدهشة والانبهار تحولت إلى عين الاستنكار والرفض لاستخدام المعدات الثقيلة فى التنقيب عن الآثار واستخراجها.

"البوابة" انتقلت إلى موقع أعمال الحفر، والتقت اللجنة المشكلة من الدكتور مصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور "ديتريش راو" رئيس البعثة الألمانية، والدكتور أيمن العشماوى، رئيس البعثة المصرية، والدكتور طارق توفيق، المشرف على المتحف المصرى الكبير، التى تُباشر انتشال الجزء المتبقى من تمثال رمسيس الثانى، إضافة إلى بعض المفتشين الأثريين بالموقع ورئيس حى المطرية وبعض العمال الذين يقومون بأعمال الحفر بالموقع.


"ديتريش راو": مصر طلبتنا للعمل بالموقع

وقال العالم الألمانى "ديتريش راو": "لقد بدأنا أعمال الحفر العلمى بالموقع منذ فترة كبيرة، وبالتحديد عام ٢٠٠١، وفى هذه المنطقة عمل الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، قبل ثورة يناير، ولكن بعد الثورة العمل توقف بالموقع، إلا أن هيئة الآثار تواصلت معى وطلبت منى العودة إلى القاهرة مرة أخرى لمواصلة أعمال الحفر بالموقع، ومن ثم عدنا مرة أخرى لإجراء الحفريات، وفى فبراير ٢٠١٢ كان هناك تعاون مع وزارة الآثار لاستكمال أعمال الحفر"، مضيفًا: "ما نقوم به بالموقع هو عمل علمى، ومهمتنا أن نستخرج ما بالأرض من تماثيل حتى نسلم الأرض لوزارة الأوقاف، وأثناء أعمال الحفريات، زارنا المهندس إبراهيم محلب، مستشار رئيس الجمهورية، وقال لنا: لا بد من انتهاء أعمال الحفر حتى يجرى تسليم الأرض، ونواجه صعوبة كبيرة فى العمل، هنا نظرًا لأن جميع الآثار مغطاة بكمية كبيرة من المياه الجوفية، وعندما استخرجنا رأس التمثال وضعناها جانب الحفر فى انتظار استخراج الجزء المتبقى من التمثال لنقله مرة واحدة، ولاستخراج الجزء المتبقى من التمثال يتوجب علينا استخدام ونش أو حفار نظرًا لحجمه الكبير ووزنه"

وعن استخدام الكركات واللوادر فى رفع التمثال قال "ديتريش": "رأس التمثال صغير ولا مشكلة من رفعه بالحفار، أما باقى التمثال فهو حجمه كبير، ولذلك نحن هنا نُشكل لجنة من أمين المجلس الأعلى للآثار والمشرف على المتحف المصرى الكبير، لندرس الطريقة المُثلى لاستخراج التمثال، الذى يجب أن يُعرض فى متحف كبير يليق به، وأعمال الحفر ستستمر حتى الأربعاء المقبل، لأن الكشف كبير، وأود أن أوضح أن التمثال الذى عثرنا عليه محطم منذ العصر القبطى، فنحن هنا لسنا فى الأقصر، ونعتقد أننا هنا انتهينا من أعمال الحفائر ولكن لدينا موقع حفائر آخر نعمل به بمنتهى الحرص والدقة، ولا نستخدم أكثر من الفرشاة فى تنظيف الأثر، والعمال الذين يعملون معنا فى هذا الموقع بعضهم من منطقة المطرية، ولدينا عمال حفائر مهرة يعملون منذ أكثر من ٢٠ سنة، فى الحفائر فى "قفط" والأقصر وغيرها من المواقع الأثرية وهم أفضل من يمكنه القيام بأعمال الحفائر، فأنا أقوم بحفائر فى مصر منذ عام ١٩٨٨ وأعمل معهم، ولكن لدينا أكوام كبيرة من التراب تحتاج إلى الإزالة"

وعن وضع رأس التمثال بموقع الحفر وعدم نقلها إلى مكان أمن قال: "ننتظر انتشال الجزء المتبقى من التمثال، فالتمثال مصنوع من نوع جرانيت قوى الصلابة ولا يتأثر بشكل كبير لذلك لا خوف عليه، وموجود معنا رئيس قطاع الترميم بالمتحف المصرى الكبير وسيقرر إن كان سينقل التمثال إلى المتحف الكبير، أم أنه سينقل إلى مكان آخر، والقرار فى النهاية للدكتور خالد العنانى وزير الآثار، ونحن سننهى أعمالنا بالكامل فى هذا الموقع فى الأول من أبريل المقبل، ونحن جروب مكون من ٧ أشخاص، خبير ترميم من فرنسا، و٤ ألمان وواحد هولندى، وواحد بلجيكى، وسنعود مرة أخرى للعمل وفق منهج علمى فى مواقع أخرى بالمطرية، وقد رأيت البعض من الناس غاضبا لما يقوم به الأطفال من تعامل مع التمثال المُستخرج، ولكن أود أن أقول: إنهم يتعاملون بقدر ما لديهم من ثقافة عن قيمة الأثر"


أمين الأعلى للآثار: العالم أشاد بالكشف

من جانبه قال الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: "لا بد ألا نهدر قيمة هذا الكشف الأثرى، لأن هذا الكشف هام جدًا وعلى مستوى كبير، وأشادت به جميع دول العالم، وما أثير عن الشكل الذى انتشل به جزء من التمثال، نؤكد أن كل موقع وكل قطعة أثرية ولها ظروفها الخاصة بها، ولا ننسى أن من يعمل فى هذا المجال أشخاص على درجة عالية من التخصص، فلدينا بعثة ألمانية مصرية مشتركة، وهذه ليست المرة الأولى التى ينفذون أعمال حفائر، وهم متخصصون جدًا فى الحفائر وعلى دراية بما يقومون به، لكن المنطقة ظروفها صعبة جدًا، وسنجد أن المنطقة كلها تغرق فى المياه، ونحن رفعنا المياه يوم السبت، وبعد دقائق غطت المياه التمثال مرة أخرى، فهذه الظروف صعبة للغاية ولكن كان لا بد التعامل مع رأس التمثال وانتشالها، ولكن الفكرة أن الناس معترضة على استخدام الطريقة العادية فى الاستخراج، وكانوا يريدون أن يجرى عمل تبطين قبل الاستخراج، ولكن أؤكد أنه خرج بشكل آمن"

وأضاف أمين لـ "البوابة": "أضعف جزء فى التمثال هو منطقتا الرقبة والرأس، ولذلك لا بد من تأمينه بشكل جيد، وما حدث أننا وجدنا رأس التمثال منفصلا وقمنا باستخراجه حتى نستطيع التعامل مع باقى الجسم فى الأرض، وبالفعل رفعنا الرأس ووضعناها فى الخارج ولم يمس بأى ضرر، ولو أن ما يُقال عن كسر رأس التمثال حقيقى لكان ذاك اتضح للجميع، فالإعلام العالمى أشاد بالكشف واعتبره من الاكتشافات المهمة جدًا وأثنوا عليه، واليوم سننتشل الجزء المتبقى من التمثال بالكامل، لكن أزمتنا الحقيقية فى المياه الجوفية التى تظهر بشكل مستمر، وسنتغلب عليها بوجود شخص متخصص، حتى نتمكن من رفع التمثال من مكانه، وكما لاحظت أن طلمبات الرفع بمجرد أن توقفت عادت المياه مرة أخرى كما كانت، والمبانى المحيطة بالحفر منسوبها مرتفع وأسفلها مياه جوفية ففى حالة سحب المياه بشكل مستمر ستتأثر التربة أسفل هذه المبانى ما يهدد أصحاب هذه المبانى ونحن حريصون على السكان بالمنطقة"، مؤكدًا، أن البعثة الألمانية ستنتقل للعمل فى موقع آخر بمنطقة المسلة الأثرية بالمطرية، مشيرًا إلى أن أعمال الترميم للتمثال ستبدأ فور الانتهاء من انتشاله، وإلى نقل التمثال إلى المتحف المصرى الكبير لإجراء أعمال الترميم على أعلى مستوى.

وتعليقًا على عبث الأطفال برأس التمثال التى استخرجت قال أمين: "لم ننقل الرأس فور استخراجها لأننا كنا نريد أن ننقل التمثال كله مرة واحدة، بدلا من النقل على أجزاء"


مشرف المتحف الكبير: التمثال لا يحتاج لترميم

من جانبه قال الدكتور طارق توفيق المشرف على المتحف المصرى الكبير: "الكشف الأثرى بالمطرية كشف كبير ويؤكد أن أرض مصر حتى اليوم تخفى آثارًا بالأطنان، وهناك احتمال أن يكون للملك رمسيس الثانى، ويبلغ طول منطقة الصدر وحدها فى التمثال حوالى ٣.٥ متر، وارتفاع التمثال حوالى ٨ أمتار، وهو من حجر الكوارتز وهى من الأحجار الرملية ومنحوت بشكل رائع جدًا، ما يؤكد أن أثار منطقتى عين شمس والمطرية لا تقل أهمية عن أثار الكرنك، ولكن نظرًا لأن هذه المنطقة على مدى العصور التاريخية استخدمت كمحجر خاصة فى العصور الإسلامية وبالتحديد فى العصر المملوكى لذا فقد اختفت معظم الآثار فى هذه المنطقة، وكشف كبير كهذا يؤكد على عظمة منطقة المطرية فى الماضى وهذا سر احتفاء العالم كله بهذا الحدث"

وتابع توفيق: "كان خبر هذا الكشف الأثرى فى الترتيب الرابع فى ألمانيا، يوم الجمعة الماضية، من حيث تصدر الأخبار فى تصفح مواقع التواصل الاجتماعى ما يعكس مدى أهمية هذا الكشف"، موضحًا، أن الرافعات الميكانيكية تُستخدم بشكل طبيعى فى رفع الآثار، لكنها لا تُستخدم مباشرة على الأثر حيث يتم تقييم الأرض المحيطة بالأثر، وبالتالى طبيعة الأرض هنا تركت طبقة سميكة من الطمى التى مثلت حماية طبيعية على الأثر، والقطعة الأثرية التى استخرجت لفتت الأنظار لجمال النقش الموجود على التاج والأذن ما تبقى من الرأس ولم يكن يوجد عليه خطر من عملية النقل أو الرفع بالمعدات الميكانيكية، مشيرًا، إلى أن الكشف الأثرى، حقق دعاية إعلامية كبيرة، مؤكدًا، أن التمثال الذى استخرج لا يحتاج إلى ترميم لكنه يحتاج إلى تنظيف فقط، قبل أن ينقل إلى المتحف المصرى الكبير.


رئيس البعثة المصرية: حاولنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه

ومن جانبه قال الدكتور أيمن عشماوى رئيس البعثة المصرية: "بدأنا أعمال الحفر فى هذا الموقع عام ٢٠٠٥ وتم تصفية الموقع بالكامل، والناس لديها فهم خاطئ بأن الموقع يبدأ أعمال حفر وهذا غير واقعى، نحن بالفعل ننتهى من أعمال الحفائر بالموقع ونقوم بنقل القطع، وما قيل عن أننا كسرنا رأس التمثال أمر خاطئ بالمرة ولا أساس له من الصحة فالرأس كتلة مسمطة من حجر صلب جدًا من الكوارتز كان لا بد أن يجرى تحريكها لاستخراج التمثال الكبير، وكانت الحفارات المستخدمة الأكثر أمانًا من غيرها من المعدات، وأدت الغرض فى رفعه وتحريكه فى وسط كتلة من الطين حافظت على سلامة التمثال من التعرض للتلف، وكان لا بد أن أحرر التمثال لاستكمال العمل، والميديا العالمية أشادت بعملية استخراج التمثال والجانب الألمانى معنا أشاد بعملية النقل، وقد استخرجنا تمثالاً لسيتى الثانى وكان من الممكن أن يغطى على التمثال الكبير، لكننا احترامًا للأثر تركناه للترميم ولم نعرضه لوسائل الإعلام، وهى قطعة رائعة وسيتم عرضها بالمتحف المصرى الكبير كقطعة الشهر نظرًا لعظمتها وروعتها، وبالتالى نحن كنا نعمل بشكل سليم وأمام الناس وعلى الملء ولو أن عملية الاستخراج كانت بشكل خاطئ لأشارت البعثة الألمانية إلي أن ما نقوم به خطأ ولكن لأنه يعلم أن الطريقة سليمة لم يعترض عليها بالعكس كان يرى الجانب الألمانى أنها الأسلوب الأمثل لاستخراج الأثر"

وأضاف عشماوي: "الدكتور زاهى حواس عمل فى هذا الموقع عام ٢٠٠٥، وكنا نحاول أن ننقذ ما يمكن إنقاذه لأن هذه المنطقة كانت عبارة عن محجر فالقاهرة التاريخية جرى بناؤها من هنا، ولم تكن هناك محاجر فى الدلتا وهذه المنطقة تُستخدم كمحجر من ٢٠٠٠ سنة سواء المناطق التابعة للدلتا أو القاهرة الإسلامية، ولن تجد هنا تمثالاً مكتملاً على الإطلاق، فإن وجدت الرأس لن تجد الجزء الأسفل والعكس، والعام الماضى استخرجنا كتلة من الحجر من معبد لرمسيس الثانى وكان بقية الكتلة موجودة فى جامع فى القاهرة الإسلامية وهذه هى الظروف التى نعمل بها، فنحن نعرف تراثنا جيدًا، ولكن الظروف المحيطة بنا صعبة جدًا حيث أكوام القمامة والحيوانات الضالة، إضافة إلى أن الموقع وسط تجمع سكنى، فنحن نعمل تحت تحديات كبيرة للحفاظ على الآثار"

وواصل عشماوي: "البعثة لها موقع آخر شرقى المسلة الأثرية بالمطرية ويتم به عمل حفائر بشكل علمى بحت كما قال الكتاب، لأن كل الموقع يفرض تعاملا معينا واستخدام وسائل معينة، فهناك مواقع لا تستطيع أن تستخدم بها أكثر من نفخ الهواء، نظرًا لطبيعة القطع التى تتعامل معها، وأى قائد بعثة لا بد أن تكون لديه القدرة على التعامل مع الظروف الخاصة بالموقع وكذا الظروف المتاحة له، وفى حالة الموقع الحالى فنحن بعثة مشتركة والقرار مشترك ولو أن جانبا أخطأ فبالتأكيد الآخر سيصوب له الخطأ"


رئيس حي المطرية: الكشف يؤكد على عظمة المنطقة

من جانبه قال اللواء خالد المحمدى رئيس حى المطرية: "هذا الكشف الأثرى يؤكد على عظمة منطقة المطرية وأنه حى عائم على آثار تاريخية مهمة لا بد أن نبدى لها قدرًا كبيرًا من الاهتمام، ونحن لا مانع لدينا من التعاون مع وزارة الآثار ونحاول أن نقدم لهم كل التسهيلات الممكنة فى إطار القانون لأداء مهام عملهم وليحافظوا على هذه الآثار، ونتمنى أن يتحول متحف المطرية إلى مزاز سياحى مهم مثل منطقة الأهرامات والمواقع الأثرية المختلفة بالأقصر وأسوان وأن يدرج على خريطة المزارات السياحية، وهذه الأرض مملوكة للأوقاف ولكنها فى حوزة الآثار وبمجرد الانتهاء من أعمال الحفر الأثرى ستسلم للأوقاف على الفور"


فني حفريات: عمالنا خبراء ومدربين

والتقت "البوابة"، أحد عمال الحفر بالموقع الأثرى يُدعى سعيد فكرى محمود، الذى قال: إنه فنى حفائر أثرية عمل بمواقع أثرية كبيرة فى الأقصر وأسوان وفاقوس وغيرها من المواقع منذ عام ١٩٨٢، مشيرًا، إلى أنه يعمل فى موقع المطرية منذ عام ٢٠٠٥، مؤكدا، أن التمثال الذى استخرج مكسور منذ فترة كبيرة ما عرفه وفق خبرته فى أعمال الحفائر الآثرية، مشيرًا إلى أن المياه الجوفية تُشكل عائقا أثناء عمليات الحفر.

واعترض فكرى على ما أثير عن عدم حرفية العمال بالموقع قائلًا: "العمال هنا من قفط بمحافظة قنا هم أصحاب خبرة كبيرة فى عمليات الحفر الأثرى ومن لديه دراية بالعمل الأثرى سيعرف أن عمال قفط هم أصحاب خبرة كبيرة فى التعامل الفنى مع القطع الأثرية"