اعرب ما يلي: "الهيئة القومية لضمان جودة التعليم"، فقهاء النحو والصرف أكدوا أن الجملة لا محل لها من الإعراب.. وماذا يعني ذلك؟ يعني أنها وهم بـ"حسب الخبراء" وقالوا إنها "ديكور" لمراقبة جودة المباني المدرسية فقط لا تطوير التعليم، ودلل الخبراء على ذلك بتقرير "دافوس" الذي احتلت فيه مصر المركز قبل الأخير بالمقارنة بدولة أخرى إقليمية.
تأسست الهيئة القومية لضمان جودة التعليم عام 2007 وقد مر عليها 10 أعوام كاملة دون أن تسجل إيجابيات أو دور ملموس فى تطوير التعليم فى مصر؛ بل على العكس حصلت مصر فى تقرير دافوس العام الماضى 2016 على الترتيب 139 من 140 دولة "في الأداء التعليمي"، وهو ما يكشف أن التعليم فى تأخر رغم الجهود المستمرة ورغم النفقات بالمليارات على بند تطويره.
وذكر الموقع الرسمى للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتمادأنها أنشأت بالقانون رقم 82 لسنة 2006 وقد صدر اللائحة التنفيذية للقانون بقرار رقم 25 عام 2007 ونص القانون أنها لها الاستقلالية التامة وتتبع رئاسة مجلس الوزراء مباشرة، وأن الهدف من إنشائها اصلاح التعليم فى مصر باعتبارها الجهة المسئولة عن نشر ثقافة الجودة فى المؤسسات التعليمية والمجتمع، وفي ضوء ذلك تسعى الهيئة إلى التطوير المستمر للتعليم وضمان جودته وفقًا لمجموعة من المبادئ والقيم التي تؤكد الشفافية والموضوعية والعدالة والحرص على معاونة المؤسسات التعليمية على توفيق أوضاعها وتحسين أدائها الكلى للتأهل والحصول على الاعتماد.
هنا يقول حسين إبراهيم، الخبير التعليمى، الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة، إن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم أنشئت منذ عام 2007 وإذا كان لها دور فى نهضة التعليم ولو بنسبة 1% فقط، فعلى الأقل كان سيظهر هذا الدور على وضع مصر فى مؤشر تقرير دافوس فى جودة التعليم والذى احتلت فيه مصر مراكز متأخرة وخرجنا من التصنيف الأساسى، مضيفًا أن دور الهيئة أن تذهب للمدارس تطلب اشتراطات معنية من كل مدرسة لتحصل المدرسة على ما يسمى بالجودة ثم تقوم بصرف حوافز للعاملين بالمدرسة، ويضيف "حسين" الجودة هنا تركز على الاهتمام بفناء المدارس والحمامات وغيرها دون أن تهتم بعقل وعلم الطالب.
أوضح حسين، أن الهيئة عبارة عن تستيف ورق ليس إلا، رغم أنها لضمان وتطوير جودة التعليم، مؤكدا أن الهيئة ليس لها أى دور فى تطوير التعليم إلا أنها تطلب مجموعة من الاشتراطات من كل مدرسة فتقوم المدرسة بتستيف وتظبيط ورقها لتحصل على ما يسمى الجودة ولو كانت الهيئة لها دور فى تطوير التعليم لظهر على أرض الواقع، متسائلًا: كم يكون مستوى الطلاب فى المدارس التى حصلت على الجودة وما هو مجموعهم فى العام الدراسى ومستواهم العلمى، ويرد إبراهيم: "سنجد أنه سيكون مثل بقية المدارس التى لم تحصل على الجودة"، مطالبًا بتوفير الملايين التى تنفق على تلك الهيئة واستخدامها فى شيء آخر يفيد المعلم والمتعلم والعملية التعليمية.
ورأى عبدالحفيظ طايل، مدير مركز الحق فى التعليم، أن هذه الجودة هى ملمح من ملامح "تسليع" التعليم أى تحويله من حق إلى سلعة لأن الجودة تشترط وجود معايير عالمية مشتركة لشكل التعليم وتفترض وجود حدود دنيا لأى منشأة تعليمية والفلسفة الرئيسية لقانون الهيئة يتعامل مع المنشأة التعليمية بوصفها هيئة ربحية بمعنى انها تفرض رسوم عليها للحصول على شهادة الجودة وليس بوصف المنشأة أنها تقدم خدمة تعليمية للمواطنين ومن ينفق تلك الاموال هى وزارة التربية والتعليم ونجد أن المدارس التى تعمل فترتين ترفض الهيئة إعطاءها شهادة الجودة وكأن المدرسة هى المسؤولة عن وجود فترتين وليس الدولة وهكذا.
من جانبه قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمى والباحث فى المركز القومى للبحوث التربوية، إننا لم نلمس أى تطوير فى العملية التعليمية فى السنوات السابقة بعد إنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والدليل هو تراجع ترتيب مصر التعليمى فى المرتبة قبل الأخيرة فى تقرير دافوس ثم أصبحت أقل من أن تدرج فى الجدول، إضافة الى أن التركيب الخاص بهيئة الجودة لا يثق بأى حال من الأحوال بنظام التعليم المركزى المصرى، مضيفًا أن هيئة الجودة تضع على الورق درجات المدرسة وتنبه المدرسة قبل أن تذهب اليها لترى كل شيء فى المبنى كالكهرباء والسور والمنشآت بها وكل شيء فيها ثم يتم تقييم المدرسة من ناحية الجودة على الورق ويتم اعطاء المدرسة درجات للجودة، ولكن لا تتحدث الجودة عن كثافة الطلاب داخل الفصول ولا مستوى التعليم للطلاب داخل الفصول ولا نظام الإدارة.
بينما قال طارق نورالدين، معاون وزير التعليم الاسبق، إن قانون الهيئة القومية لضمان جودة التعليم صدر عام 2008 باعتبارها هيئة محايدة تقيم المؤسسات التعليمية سواء التربية والتعليم أو التعليم العالى وفقا لمعايير دولية ومحلية ومدة الاعتماد 5 سنوات، ولكن ما وصلنا اليه الآن من تدنى الجودة في التعليم وعدم تطبيق الممارسات الدولية بشكل صحيح يقع على عاتق كل من هيئة جودة التعليم من ناحية ووزارتى التعليم والتعليم العالى من جهة اخرى، مضيفا أن الهيئة اهملت نشر ثقافة الجودة من البداية واعتمدت على مدى تطبيق المعايير على المؤسسات التعليمية، إضافة الى عدم الرقابة الحقيقية لفرق المراجعة التى تزور المؤسسات واعتماد النتائج على التقارير فقط وهذا غير علمى وغير واقعى، حيث من المفترض وجود الية للتحقق من تقارير المراجعة نفسها خاصة ما تلاحظ في الفترة الأخيرة من مشكلات ناتجة من عدم دقة تقارير المراجعة مما أدى بشكل مباشر لعدم دقة النتائج.
وقال نور الدين، إنه يجب على الهيئة وضع الية لمتابعة المدارس المعتمدة في أى وقت وليس بميعاد مسبق حتى يتسنى لها التأكد من ضمان استمرارية عملية الجودة بالمؤسسات، كما أن رفع يد الهيئة عن مسئولية عدم تنفيذ برنامج الحكومة غير مقبول، حيث إن رئيس مجلس الوزراء هو رأس السلطة التنفيذية للهيئة والوزارة وغير مقبول تحمل الوزارة وحدها لعدم تنفيذ برنامج الحكومة فيما يخص اعتماد 9 آلاف مدرسة سنويا وفقا لبرنامج الحكومة امام البرلمان، كما لا يجوز اعلان الهيئة عدم مسئوليتها وانها منوطة بالاعتماد فقط فيجب ان تعمل كل من الهيئة والوزارة في اوركسترا واحد لتنفيذ برنامج الحكومة المعلن عنه سلفا وتتوزع المسئولية بين كل من الهيئة والوزارة حال فشل تنفيذ وعود الحكومة بإعتماد 53 الف مدرسة في 5 سنوات علمًا بأنه قد مر 10 أعوام على إنشاء الهيئة ولم يتم اعتماد غلا نحو 3 آلاف مدرسة فقط.
وتابع نور الدين، أن ما يحدث الآن هو "الجرى فى المكان" وسياسة يوم بيوم تتبعها وزارة التربية والتعليم، مضيفا أن التطبيق الفعلي للجودة يواجه معوقات وصعوبات إدارية عديدة منها معوقات خاصة بالإدارة التعليمية، ونظرًا لتدنى مستوى أداء العاملين بالإدارات التعليمية وتدنى مستوى الاداء في وحدة قياس الجودة بالإدارات التعليمية وقلة عدد المدارس المعتمدة من هيئة ضمان الجودة بالإدارة، وتأخر في تنفيذ القرارات الوزارية بالإدارات التعليمية، وكثرة الأخطاء بالكشوف المالية للموظفين والمعلمين بالإدارة فان تطبيق الجودة بالإدارة يحتاج الى ثورة ادارية تحقق الفاعلية بها، مضيفا أنه حتى لا نظلمها بشكل كبير فهناك تغيير ملحوظ في عمل هيئة الجودة في الاونة الاخيرة خاصة في التعليم قبل الجامعى، حيث بدأت الهيئة بالفعل إعادة تقييم المراجعين الخارجيين بها وزيادة تنميتهم المهنية وهذا يصب في مصلحة العملية التعليمية.