السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ليسوا ملائكة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال مسيرتى الصحفية البرلمانية على مدار نحو ٣٨عامًا، تابعت خلالها العديد من البرلمانات، والعديد من النواب والنائبات فى عصرى السادات ومبارك، ثم عصر المجلس العسكرى والعصر الأسود للمعزول والجاسوس الخائن محمد مرسى، وأخيرًا فى عصر ثورة ٣٠ يونيو، للرئيس الوطنى عبدالفتاح السيسى، وهناك حقيقة واحدة لا تتغير، وهى أن غالبية النواب يعتقدون أنهم ملائكة.
فالنائب قبل الانتخابات وفوزه بعضوية البرلمان وحصوله على الحصانة البرلمانية يشعر أنه من جنس البشر، ويتعامل مع الجميع بتواضع، وبعد الفوز ينقلب إلى شخص آخر، ويشعرك بأنه من الملائكة ذوات الأجنحة.
وظاهرة النواب الملائكة كانت فى العديد من البرلمانات السابقة، إلا أن هذا البرلمان تظهر فيه بشكل كبير، خاصة من النواب الجدد الذين يكتسبون العضوية لأول مرة فى حياتهم ويرفضون مخالطة جنس البشر، خاصة إذا كان جنس البشر من رجال الإعلام والصحافة.
فالنواب الملائكة يغضبون بشدة لكل كلمة أو عبارة أو عنوان صحفى أو تعليق إعلامى يمسّ نشاط وأداء النواب، خاصة إذا تعلق الكلام بممارسات هؤلاء النواب، سواء تحت القبة أو خارجها، رغم عشرات الحكايات والقصص المتداولة فى الوسط الإعلامى والبرلمانى عن صفقات وموافقات وزارية لبعض النواب الملائكة.
ويكفى أن بعض النواب الملائكة من رجال الأعمال لم يقدموا للمجلس بيانات كافية تطبيقًا لنصوص القانون واللائحة بشأن تضارب المصالح، وما زالوا يمارسون أعمالهم التجارية والاقتصادية بكل حرية، ويربحون أموالًا كبيرة من داخل البورصة وخارجها.
ومن بين القصص المتداولة حول النواب الملائكة تحت القبة، قصة نائب منتخب فردى بإحدى محافظات الوجه البحرى، استولى على أراض بغير حق، ويسعى للاستيلاء على المزيد من الأراضى بواسطة عدد من ضعاف النفوس فى الشهر العقارى.
فالنواب الملائكة يريدون معاملة خاصة من جانب الوزراء فى التأشيرات الوزارية، خاصة إذا كانت للأبناء والأقارب، لأنهم أولى بالرعاية من باقى المواطنين أصحاب الحقوق، لأن الملائكة لهم معاملة تختلف عن معاملة بنى البشر.
والنواب الملائكة يرفضون توجيه أى اتهامات إليهم، حتى لو كانت حقيقية، ويضعون أنفسهم فى مرتبة عالية فوق مرتبة باقى البشر من المصريين، وبعضهم يسعى إلى نصب المشانق لكل من يوجّه انتقادًا إليهم.
فالنواب الملائكة عليهم أن يعلموا أن من أوصلهم إلى مقاعدهم تحت القبة هم البشر الذين يرفضون التعامل معهم، والتفاعل مع مشاكلهم، والتجاوب مع مطالبهم، ولولا بنو البشر من أهل مصر الطيبة، ما وصل النواب الملائكة إلى مقاعدهم تحت قبة البرلمان.
فالنواب الملائكة عليهم أن ينزعوا الوجوه التى يرتدونها، والأجنحة التى يطيرون بها من فوق الأرض، وينظرون للبشر من أعلى، وأن يعوا أن الكفن ليس له جيوب وأن نواب الشعب ليسوا جميعًا ملائكة، وأيضًا ليسوا شياطين، ولكنهم بشر مثلنا، والبشر يخطئ ويصيب، كده ولا إيه يا نوابنا المحترمين.