هل تعتقد حقًّا أن قنوات الإخوان ومن يعملون بها يريدون نهاية ما يطلقون عليه الانقلاب؟.. استوقفني السؤال الصادر من صديقي الخبير بجماعات الإسلام السياسي خلال نقاش بيننا حول عمل هذه القنوات، والتمويل الضخم الموجه لها.. وقبل أن أحاول تجميع أفكاري للرد عليه بادرني بالإجابة.. قائلا: بالتأكيد الإجابة لا، فمن يحشو جيوبه شهريًّا بآلاف الدولارات في الخارج لن يستغنى عنها مقابل بضعة جنيهات يحصل عليها في مصر إذا تصورت عودتهم.. فقنوات الإخوان حلم أي انتهازي!
نعم.. نقطة البداية لفهم هذه الظاهرة هي الانتهازية.. فلا معتز مطر، ولا محمد ناصر، ولا هشام عبدالله أو الكوميديان "الخيبان" محمد شومان كانوا يومًا من الإخوان، ولا كانوا من الإعلاميين المشهورين، فخلال وجودهم في مصر لم يكن أحد يسمع عنهم، وكانوا يعلمون في برامج من الدرجة الرابعة أو الخامسة.. بل ومنهم من كان ضد الإخوان حتى ثورة 30 يونيو وبعدها هرب إلى تركيا ليلحق بركب الإخوان هناك ويحظى بفرصة جمع الأموال من خزانات أباطرة الإخوان وداعميهم في قطر وتركيا.
لا يحتاج الأمر إلى بحث طويل عن جنسية أصحاب هذه القنوات، وحجم تمويلها الكبير، فالجماعة لديها قناعة أن الإعلام هو الذى أسقطها، وبالتالي فامتلاكها لأذرع إعلامية تدار من الخارج قد يسهم في عودتها، ولم يجد المصريون العاملون في هذه القنوات أي غضاضة في التعامل مع المخابرات التركية أو القطرية أو البريطانية التي أعطت مرشد الجماعة الإرهابية في الخارج إبراهيم منير الضوء الأخضر للعمل في بريطانيا.
الإخوان ليس لديهم وطن يخشون عليه من ألعاب المخابرات الأجنبية، وبالتالي لا يوجد ما يمنع الإعلاميين الانتهازيين المتعاونين معهم من التعاون النشط مع أجهزة المخابرات المعادية، خاصة في مجال الدعاية السوداء و"فبركة" التسجيلات أو "تزوير" الأوراق للإساءة للمسئولين في الدولة لزيادة مساحات الاحتجاج العام ضدهم ومن ثم تعطيل عملية استعادة الدولة في الحالة المصرية.
يكفى أن تسمع أن مذيعًا مثل معتز مطر يحصل على راتب شهري يصل إلى 120 ألف دولار شهريًّا، فيما يتقاضى المعدون الشباب بالبرنامج رواتب قيمتها 8 آلاف دولار شهريًّا، أما محمد ناصر فيحصل شهريا على 85 ألف دولار، والفنان المغمور هشام عبدالله فيحصل على راتب يصل إلى 45 ألف دولار شهريًّا، أما محمد شومان فيحصل على راتب شهري قيمته 25 ألف دولار، أما المعد رامي جان الذى تحدث عنه أيمن نور في التسريب الذى ظهر له الأسبوع الماضي فيحصل على 5 آلاف يورو شهريا من قناة الشرق، وبحسب تقارير متعددة فإن قناة الشرق تتكلف وحدها 40 مليون دولار شهريًّا.
وفى شهادات أغلب العائدين من إسطنبول فإن أغلب العاملين في هذه القنوات حياتهم قد تغيرت، وبدأت تظهر عليهم علامات الثراء، بل إن أحدهم كان يفكر في العودة، فما كان من هارب آخر إلا وهدده بفقدان كل هذه الأموال والأخطر منها ضياع "اللايكات" التي امتلأت بها صفحاتهم الشخصية على "الفيس بوك"، و"تويتر" وصنعت منهم نجومًا لدى التيار الإخوانى في كل البلاد العربية.
نحن أمام حالة غريبة وغير مسبوقة في سجلات العار وخيانة الوطن، فثمن الخيانة هذه المرة "لايكات"، وإقامة خمس نجوم في الدوحة وإسطنبول، فضلا عن حفنة من الدولارات العفنة.