كشفت صحيفة (هاآرتس) العبرية أن إسرائيل هددت خلال الأسبوع الماضي بقطع العلاقة مع مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام فرناندو جنتليني، الذي تم تمديد فترة مهمته قبل عدة أيام، لكنها تراجعت أمام الإصرار الأوروبي على رفض مطالبها.
ونقلت "هاآرتس" عن مسئولين كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية ودبلوماسيين أوروبيين قولهم: "إن سبب هذا التهديد هو إجراء تغيير طفيف في كتاب التعيين، والذي شمل التذكير بقرار مجلس الأمن الدولي 2334 ضد المستوطنات".
وبدأت القضية قبل عدة أسابيع، عندما أرسل قسم خدمات الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل والفلسطينيين مسودة كتاب التعيين الجديد لجنتليني، الذي يشغل هذا المنصب منذ أبريل 2015، ويعتبر تعيين جنتليني تعيينا شخصيا من قبل وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، وهو دبلوماسي مهني مقبول من الطرفين.
وتم ملاحظة بعض التغييرات الطفيفة عند قراءة مسودة كتاب التعيين في وزارة الخارجية الإسرائيلية مقارنة بكتاب التعيين الأصلي، حيث تم في مكانين من الوثيقة التذكير بقرار مجلس الأمن 2334، الذي صدر في آواخر يناير 2016، ويشجب المستوطنات الإسرائيلية.
وجاء في النص أن "تفويض المبعوث الخاص لعملية السلام هو الإسهام في النشاطات التي ستدفع الاتفاق الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين، بما يتفق مع المبادئ التي حددها الاتحاد الأوروبي وقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2334".. وكانت إسرائيل قد رفضت هذا القرار وردت "بفرض" عقوبات دبلوماسية ضد بعض الدول التي صوتت ضده وضد الأمم المتحدة.
كما يتضمن كتاب التعيين بندا يتعلق بمبادرة السلام الفرنسية، التي رفضت إسرائيل التعاون معها.. وجاء فيه أن "المبعوث الخاص سيعمل من أجل دفع أطر جديدة للمفاوضات، خاصة من خلال دفع الأهداف التي عرضت في البيان المشترك الذي تبناه المشاركون في مؤتمر باريس في يناير 2017".
ونقلت (هاآرتس) عن مسئولين كبار في وزارة الخارجية ودبلوماسيين أوروبيين قولهم "إن إسرائيل غضبت من هذا التغيير، خاصة التذكير بقرار مجلس الأمن 2334، لافتين إلى أن سفير إسرائيل لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل روني لشنو - ياعر، والنائب السياسي للمدير العام لوزارة الخارجية الون اوشفيتس توجها إلى مسئولين في الاتحاد الأوروبي وهددا بأنه إذا شمل كتاب التعيين هذه التغييرات فإن إسرائيل ستتوقف عن الاتصال والتعاون معه"، وأضاف مسئول أوروبي "إنهما حذرا من أن التغيير في كتاب التعيين سيترك أثرا".
وأشارت "هاآرتس" إلى أن رجال وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موجريني قاموا بإطلاع ممثلي الدول الأعضاء في مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل على التهديدات الإسرائيلية، وتشاوروا معهم بشأن الحل الممكن للأزمة، لكن بعض الدول البارزة في الاتحاد، وعلى رأسها فرنسا، رفضت الإدعاءات الإسرائيلية نهائيا، وأوضحت أنه إذا استسلمت موجريني للضغط الإسرائيلي وأزالت التعديلات فإنهم سيصوتون ضد التعيين.
وأوضحت موجريني لإسرائيل أن الدول الأوروبية لن توافق على إلغاء التذكير بقرار مجلس الأمن من كتاب التعيين، وقالوا "إنه يمكن لإسرائيل الرد كما تشاء، لكنهم أضافوا تهديدا غير مباشر يلمح إلى أنه إذا قاطعت إسرائيل جنتليني فإن هذا سيصعب إقناع الدول الأوروبية بتحديد موعد جديد للقاء القمة مع إسرائيل، الذي كان مخططا لأواخر فبراير الماضي، وتم تأجيله بسبب تمرير قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة في الكنيست".
ولفتت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعادت التفكير وفهمت أن الضرر سيكون أكبر من الفائدة، فقررت التخلي عن مطلبها والتراجع عن تهديداتها بمقاطعة جنتليني، ووصف مسئول رفيع في وزارة الخارجية الحل الذي خرجت منه إسرائيل من هذا الأمر بـ"الأكذوبة الإسرائيلية"، ووفقًا له فإن إسرائيل ستتعاون مع جنتليني فقط بناء على كتاب التعيين السابق.
وقال الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل نحشون، تعقيبا على أن إسرائيل تشعر بخيبة الأمل إزاء شروط التعيين الجديد لمبعوث الاتحاد الأوروبي للعملية السلمية، "إن إسرائيل تتأسف لأن كتاب التعيين يذكر القرار 2334 ونتائج مؤتمر باريس، هذه كلها تخلق عقبات أمام استئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف، المواقف المفروضة قسرا من الخارج والقرارات الأحادية الجانب، تمس بالسلام وتبعد الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات، إسرائيل ستعمل مع المبعوث الأوروبي فقط وفقا لما يشبه في كتاب التعيين الجديد ما ورد في كتاب التعيين القديم، والذي يمكنه دفع السلام، لن نتعاون مع إجراءات تتعارض مع هذا الهدف".