كانت كتابة المقالات فى الفترة الماضية تقتصر على تحليل موضوع آثار الرأى العام فى قضية ما يقوم الكتاب بتحليل القضية من وجهة نظرهم سواء قدموا فى مقالاتهم الحلول أم اكتفوا بتفنيد القضية أمام القارئ ليستخلص منها ما يريد.
أما الآن فالقضايا التى تثير الرأى العام أصبحت كثيرة ومتشعبة داخلية وخارجية على السواء.. فالمشهد بالداخل والخارج مرتبك جدا لا أحد يستطيع الجزم بأن ما يشغل باله وعقله هو نفسه ما يهم القطاع العريض من الجموع حوله...حتى وإنى أبحث عن قضية محددة أتناولها فى مقالى ترددت هل أكتب عن الثقافة المجتمعية فى مشهد وحالة ربما تكون جديدة نسبيا ومختلفة رصدتها عيناى الأيام الماضية.. أم عن خبر استفزنى نوعا حول تحول مثير فى السياسة البريطانية تجاه جماعة الإخوان حسب موقع «ميديل ايست آى» على لسان الصحفى البريطانى «ديفيد هيرست» قال فيه إن بريطانيا صرحت فى آخر تقرير لها بأن جماعة الإخوان المسلمين جدار فى أوجه التطرف!! الأمر الذى جعلنى أتوقف لأتساءل ما الجديد هنا؟! بريطانيا تدعم تاريخيا جماعة الإخوان بل إن جماعة الإخوان من الأساس فكرة ضابطين بريطانيين هما لورنس وفيلبى الملقب لاحقا «بالشيخ عبدالله فيلبى» وقد تناول ذلك الكاتب والمحلل السياسى والباحث فى حقيقة إنشاء جماعة الإخوان المسلمين «جون كولمان» وفى ظل ما تحصل عليه الجماعة من امتيازات فى بريطانيا ممثلة مثلا فى «آى تى إن» وهى المؤسسة القانونية التى تمثل جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا.
ونستخلص من ذلك أن بريطانيا تعترف رسميا وبالقانون بجماعة الإخوان المسلمين فلا تعارض أن جهرت الآن أن الجماعة درع ضد التطرف وهذا إنما يؤدى لنتيجة واحدة وهى مزيد من التعاون ومزيد من المفاوضات ودعم مالى وسياسى وهذه العلاقة الرسمية الآن لا بد وأن يكون لها مردود فى الوطن العربى فقد تظهر مفاوضات جديدة وتغييرات جذرية فى المنطقة وخاصة فى الدول العربية المشتعلة فلسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن عن طريق عملاء بريطانيا المدعومين منها رسميا وبالتأكيد سيمتد ذلك لمصر حيث إنها العمود الفقرى للمنطقة.
المشهد مربك جدا ومثير للتوتر ونحن نراقب وأعتقد أنه ما زال بأيدينا القرار للتحكم فى المشهد العربى ليصب ذلك فى صالح المنطقة العربية.
وأنتقل للحديث عن حالة جديدة من الثقافة المجتمعية أشرت إليها فى بداية المقال رصدتها حين دعيت للمرة الأولى بالمركز الثقافى المسمى بـ «علبة ألوان» بالزمالك اسم جميل وبسيط ومبهج يذكرك بأيام المدرسة كنا صغارا أكثر ما يبهجنا فى حقائبنا المدرسية وسط العدد الجم من الكراسات والكتب هى علبة الألوان.
دخلت المركز باحثة عن الألوان صاحب الفكرة قامة علمية كبيرة لكن ما الذى يدور بعلبة الألوان؟ رأيت بداخل المركز كل أنواع الإبداعات ثقافة وفن.. فى المكان مجموعات شبابية منها من يرسم ومنها من يلحن ومنها فرق موسيقية وهناك عروض سينمائية...هناك الفاشون دزاينر «مصمم الأزياء» كتاب شعر.. قصص.. إبداع حقيقى حين تحدثت مع الشباب أخبرونى أنهم يأتون لهذا المكان دون مقابل فقط ليلتقوا وليبدع كل منهم بم هو جديد لديه وينشروا أعمالهم من خلال صفحة خاصة بهم على الفيس بوك ويعلنوا من خلالها عن مواعيد الندوات والحفلات والعروض السينمائية.. شباب فى منتهى الرقى والتحضر مؤمن بطاقاته الإبداعية..شعار المكان هو» Help ur self»
إبدع.. انطلق لا حدود للتفكير ولا حدود للإبداع ولا مجال للتقزيم من أى عمل أو أى فكر، المركز بابه مفتوح لكل فرد يحترم عقله وآدميته ويسعى للاندماج الحقيقى فى مجتمع واع نتمناه. بارقة أمل لمستها فى علبة ألوان أتمنى من الدولة دعمها وتعميمها فى جميع محافظات المعمورة..الاهتمام بالثقافة المجتمعية وتهذيبها جزء مهم وأساسى فى جو سياسى سليم وصحى يقوم على الوعى والتحضر وأحترام الآخر والإبداع والتفكير خارج الصندوق.. من يعتقد أن الثقافة شيء والسياسة شيء آخر فهو واهم.. فالسياسة هى جزء من الثقافة المجتمعية لذا آثرت فى مقالى أن أدمج بين الاثنين والسياسة الداخلية، الآن هى انعكاس للسياسة الخارجية..والاهتمام بالثقافة المجتمعية مهم جدا لترتيب وتهذيب المشهد السياسى لتكون الصورة أوضح.