الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مطاردة الساحرات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لو أن هذا الاختراق الأمنى حدث فى إحدى دول العالم الثالث، وليس فى الولايات المتحدة، التى هى أهم دولة فى العالم، لكان اعتبر فضيحة كبرى، ولبقيت وسائل الإعلام تتداولها لفترة طويلة، ولربما سقطت بسببها رؤوس كبيرة وسقط النظام السياسى الذى من المفترض أن يتحمل كل صغيرة وكل كبيرة فى بلده، أما فى هذه الدولة العظمى، التى إن هى «تنحنحت» فإن العديد من دول الكون تطأطئ رؤوسها، فإن الأمور، كما يبدو، تمر بسهولة بل ويوصف كل حديث عن هذه المسألة بأنه كـ«مطاردة الساحرات»!
كانت تهمة الاتصال بالسفير الروسى فى واشنطن من وراء ظهر الإدارة الأمريكية ومسؤوليها وأجهزتها قد أسقطت مستشار الأمن القومى الجديد مايكل فلين، الذى دافع عنه دونالد ترامب، كما دافع عن وزير «عدله» جيف سيشينز، وكأنه يدافع عن نفسه، وكل هذا وقد تم الاكتفاء باستقالة هذا وذاك، وكأن شيئاً لم يكن.. وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرّة! كان هذا الاختراق المزدوج قد تم فى عهد إدارة باراك أوباما، ولعل ما أثار تساؤلات كثيرة، بقيت تتردد حتى الآن، هو كيف من الممكن يا ترى أن تخترق روسيا الاتحادية أمريكا، التى تعتبر أقوى دولة فى العالم، ولديها أهم مخابرات وأهم وأقوى جيش فى الكرة الأرضية، وحيث إن المعروف أن الولايات المتحدة كانت هى التى تخترق الاتحاد السوفياتى، وفى مفاصله الرئيسية، وإلى حد أن «سى آى إيه» كان، كما قيل فى ذلك الحين الذى أصبح بعيدًا، وصل إلى أعضاء أساسيين فى المكاتب السياسية للعديد من أحزاب البلدان الشيوعية، التى كانت توصف بأنها تتحصن وراء جدران حديدية.
والمشكلة أن هناك فى الولايات المتحدة نفسها من يرى أن الاختراق الروسى وصل إلى هذا الرئيس الجديد دونالد ترامب، وأن أكبر قنبلة إعلامية كان فجرها «الديمقراطيون» ضده فى ذروة المعركة الانتخابية هى الحديث عن أن المخابرات الروسية كانت قد «ضبطته» من خلال عدسات التجسس وهو فى أوضاع «مخجلة»، وأنها قد استخدمت ما سجلته له من أفلام، لابتزازه فى أمور كثيرة، حتى بعد انتقاله إلى البيت الأبيض.. والعلم فى هذا المجال عند الله وحده، وقد يكون كل هذا مجرد «فبركات» خصوم فى ذروة أهم مواجهات انتخابية. فى كل الأحوال، إن ما يجب التوقف عنده وما ستكشفه الأيام المقبلة هو ما الذى أصاب الولايات المتحدة، هذه الدولة العظمى، يا ترى حتى يصل الاختراق الأمنى الروسى، كما يقال، إلى هذه المواقع الرئيسية المهمة فيها: «وزير العدل جيف سيشينز، ومستشار الأمن القومى مايكل فلين»؟!
والجواب هو أن هناك من يحمل الرئيس باراك أوباما مسئولية «تمييع» الصراع مع روسيا، والتخلى لها عن الشرق الأوسط، استنادًا إلى خطأ فى التقدير، واعتبار أن هذه المنطقة لم تعد منطقة مصالح حيوية «استراتيجية» بالنسبة للولايات المتحدة، وهذا ما أدى إلى زوال الحواجز بين بعض كبار المسؤولين الأمريكيين، وبعض المسئولين الروس حتى من منهم من له مهمات وأنشطة أمنية.
نقلًا عن «الجريدة» الكويتية