رجل دين يحظى بشهرة ومحبة بين
المسلمين والمسيحيين، ورغم أنه راهب إلا أنه لا يكتفى بالصلاة وإقامة الشعائر الدينية،
فالكراهية غير موجودة فى قاموسه، وينطبق عليه مقولة « لا تخبرنى عمن يكرهنى أو يتكلم
عنى، اتركونى أحب الجميع وأظن أن الجميع سيحبني»، إنه الأب بطرس دانيال رئيس المركز
الكاثوليكى للسينما أحد رموز العمل الاجتماعى فى مصر. فظهوره دائما على رأس المناسبات
الفنية والاجتماعية وعلاقاته المتشعبة مع الوسط الفنى، جعلته قائما على الكثير من الكواليس
والحكايات، فكان لـ « البوابة نيوز» هذا الحوار للتعرف على الكثير من الأسرار التى
يحملها الأب بطرس فى جعبته، وإلى نص الحوار:
■ كثيرون يعرفون الأب بطرس دانيال بصفته رئيسا للمركز الكاثوليكى..
لكن ماذا عنه كإنسان؟
- أنا مواليد الإسكندرية
من أسرة متوسطة، والدى كان موظفًا بسيطًا فى شركة المياه ووالدتى كانت ربة منزل وتوفيت
وعمرها أربعون عاما، ولدى ٧ أشقاء متزوجون وأنا فقط بين أشقائى سلكت طريق الرهبنة،
وأعى جيدًا أن الله قام باختيارى لأؤدى رسالة عظيمة، فأنا وإخوتى تربينا على المحبة
والأخلاق وأهم شىء كان يهتم به والدى هو الدراسة والمسالمة وأن لا نخطأ فى حق أحد ونبذل
مجهودا فى كل عمل نؤديه ونخلص له.
- بالفعل أشاع البعض
ذلك وسمعت هذا مرات عديدة، وكنت أضحك كثيرًا والحقيقة غير ذلك فأنا مواطن مصرى بدرجة
مائة فى المائة وكل ما يقال عبارة عن تكنهات فقط لا غير، ومن الممكن أن من قال هذا
الكلام لأننى أتحدث باللغة العربية الفصحى وأثناء دراستى فى الدير مكثت أربع سنوات
مع أشخاص من سوريا وأيضًا نشأتى فى الإسكندرية فهذا كله بالطبع انعكس على لغتى.
- هذه الخطوة عظيمة
وأعتبرها نعمة كبيرة من عند الله، وليس هناك أحد يحصل عليها بسهولة، فكان هناك راهب
كرواتى كان يتحدث لغة لا أفهمها وكنا نفهم بعض بالإشارة وكان يتابعنى منذ صغرى، ويصطحبنى
معه فى الكنيسة لكى نصلى ووقتها تمنيت أن أكون مثله ولكن والدى صدم وكان رافض تمامًا
وقال لى أنت صغير ولا تتحمل تلك المسئولية، ولكن بعد بكائى وإصرارى استسلم ووافق فى
النهاية وانتقلت من منزل أبى إلى الدير، ودخلت مدرسة داخلية فى الإسكندرية، ثم استكملت
دراستى الثانوية فى قرية كفر الدوار، ومنحنى الله عدة مواهب وأهمها انفتاحى مع الناس
والموسيقى والرسم وكرة القدم، واستطعت أن أستغلها للخير وبعد انتهاء دراستى التحقت
بالتجنيد.
- الأمر جاء من الراهب
فرنسيسكو مؤسس الرهبنة فى إيطاليا عام ٨٠٠، الذى كان يرى أن الرهبنة قائمة على خدمة
الغير والمجتمع وليس الصلاة وإقامة الشعائر الدينية فقط وأن نغلق الأبواب علينا، بل
نكون منفتحين ولدينا رسالة للمجتمع، وبالنسبة لى فأجيد الفصل بين حياتى كراهب وعملى
ونشاطى الاجتماعى، ولا أحيد يومًا عن هدفى ورسالتى، ورغم الأنشطة الكثيرة التى أقوم
بها لكنى أعيش داخل الدير وفق قوانين الرهبنة.
- أنا لا أحب السياسة
أو الانخراط بها ومشاركتى فى فاعليات مثل هذه، تجيء بدعوات من الرئاسة وهذا شرف وفخر
لى كرجل دين ومواطن مصرى أنتمى إلى هذه البلد، وأيضًا باعتبارى ممثلا للعمل الاجتماعى
وتكون المشاركات نابعة من شقين السياسى والاجتماعى، وأجمل شيء أن يحظى رجل الدين سواء
أكان مسلما أم مسيحيا بشعبية كبيرة لدى الجميع ويسعى دائمًا لخدمة مجتمعه.
- أنا لا أفضل المشاركة
فى أى جهات سياسية، ولا أسعى لها، لأن السياسة لها اعتبارات معينة، وأنا حظيت بمحبة
بين مسلمين ومسيحيين ولا أخاف من شعبيتى أن تضيع لأن الله منحنى إياها، لذلك فضلت أن
أكون رجل دين ومسخرا فى خدمة الجميع بعيدا عن أى لغلط، وتحدث معى بالفعل الحزب وقلت
إننى معهم فى أى شيء خاص بالشق الاجتماعى والخيرى، أما السياسى فلا، وأرى أن أجمل شىء
أن يكون رجل الدين سواء أكان مسلما أو مسيحيا قائما بتأدية رسالته الاجتماعية على أجمل
ما يرام.
- بطبعى أعشق الموسيقى
منذ صغرى فهى تمنح الروح حيوية وتصبح أكثر صفاء، وأعى جيدًا أن الفن شيء راق يمثل حوارا
رائعًا بين الإنسانية وخالقه ويستطيع عن طريقه أن يرى الإنسان عظمة الكون.
- أى تكريم أحظى به،
هو فخر كبير لى، لكن أقرب تكريم إلى قلبى هو تكريمى من بلدى مصر، لأن التكريم من وطنى
يكون بمثابة بيتى فله مذاق خاص لدى وهذا يجعلنى أضع المسئولية على عاتقى أكبر ويجب
على أى إنسان أن يحافظ على ما وصل إليه من مكانة.
- الكراهية وأشعر بحزن
شديد عندما أجد شخصا يكره أحدا، فأمنية حياتى أن أغفو وأستيقظ وأجد الجميع يحبون بعضهم،
وأن يمحوا من قاموسنا أنت ديانتك ماذا؟
■ من هم أكثر الأشخاص تأثيرا فى حياتك؟
- أبى وأمى بعد الله،
فهم أكثر الأشخاص الذين أثروا فى حياتى، وأيضًا الرهبان وتأثرت بمعلمين كثيرين، وأتذكر
حين كنت فى الصف الثانى الإعدادى كانت هناك مادة التاريخ الإسلامى وكنت أذاكرها جيدا
وكان هناك معلم يقول لزملائى بالمعنى الدارج «بطرس مسيحى بس حافظ أكثر منكم» وكنت أضحك
كثيرا، كان يحبنى وأيقن أن كل شخص ظهر فى حياتى له بصمة حتى الذى قام بعمل شيء سيئ
لى ترك بصمته أيضًا وأعطى لى دافعا.
-ليست هناك أى لحظة
صعبة تظل بداخلى، فأنا أعى جيدًا أن المواقف والتجارب تعلم الفرد وتصمده وأؤمن أن ابتسامة
المهزوم تغلب الهازم.. فالصمت أفضل شىء وهذه حكمة أسير عليها فى حياتى.
■ قصة نجاح المركز الكاثوليكى للسينما سجلت علامة واضحة على مستوى
الفن والأعلام، ما الفلسفة التى يقوم عليها المركز؟
- نحن جهة دينية محايدة
ونكن كل الاحترام والتقدير لصناع السينما والأعلام والمثقفين وجميع الجهات التى وققت
معنا، لأننا نعى جيدًا دور كل منهم وكل عام نقوم بمنح العديد من الجوائز لعدد من الأشخاص
الذين لهم دور فعال فى مجالهم ولهم تأثيرهم، ونجاح المركز لا يعتمد على فقط ولكن لكل
المشاركين فيه وأيضًا لولا الصحافة والأعلام لن تصل رسالتنا.
-عادة أقوم بتقييم
المهرجان من خلال أصدقائى المحيطين بى والحمد لله استقبلت ردود أفعال جيدة للغاية سعدت
بها كثيرًا من أول التنظيم إلى نهاية ختام المهرجان.
- ليس هناك اختلاف
كثيرًا فى هذه الدورة وكله ناتج من محبة من عند الله.
- سعدت للغاية وهناك
كثيرون يقولون لى أنت تستحق أن تكون وزيرا للثقافة وهذا أعتبره رسالة ومسئولية على
عاتقى وثقة كبيرة لى وهناك احترام وحب متبادل بيننا وفى النهاية أرى أن أيدينا لخدمة
الجميع وأود أن أقدم له جزيل الشكر من خلال حوارى معكم.
-الأمر ليس أنه قام
بنقد النظام السابق فقط لكنه أيضًا قدم صورة رجل الدين وأشياء أخرى حساسة فى الفيلم
ونحن فى المركز من شروطنا أن نبتعد عن الأفلام التى تدخل فى السياسة أو تجرح أو تهين
أو تشير لهذه الأشياء وبالنسبة لى أنا شاهدت الفيلم وأعجبنى كثيرًا ولكن أرى أن هذا
المستوى من الفكر لا تصل إليه عقلية المصريين حتى الآن والوقت مبكر الآن لتقييمه فى
المركز الكاثوليكى لأن هناك لجنة كاملة تقيم ذلك ومن الممكن أن يتم عرضه فى الدروة
القادمة وهناك فكرة تراودنى أن أجمع رجال الدين وبعضا من الشخصيات والكاتب الكبير إبراهيم
عيسى لمشاهدته فى عرض خاص وبالطبع بالاتفاق مع الشركة المنتجة.
-لو تحدثنا بموضوعية
سوف نرى عدم تقديم الشخصية الدينية أو القبطية بشكل كامل فنجد الصورة غير مكتملة الأركان
ونرى إما يتم تقديم الجانب السلبى فقط أو العكس.