الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

التجارة في التعليم الجامعي الخاص «2-2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلا شك أن الواقع العملي للجامعات الخاصة يقول إن معظمها أصبح مجرد «دكاكين» لبيع الشهادات الجامعية، وأن من يتخرج فيها هم جيل من الشباب غير مؤهل لسوق العمل، ولا يمتلك أدواته العملية، وقد أكدت ذلك ملاحظات تقرير المجلس القومى للتعليم عام ٢٠١٤، الخاص بالجامعات الخاصة، التى أشارت إلى انخفاض مستوى خريجى بعض الكليات فيها، مثل كليات الطب بهذه الجامعات، عن مستوى خريجى نظرائهم بالجامعات الحكومية، الذين ما زالوا أفضل تدريبًا وعلمًا. بالإضافة إلى معاناة بعض الكليات العملية من قلة أعداد الكوادر العلمية والفنية ذات المستوى العالى، رغم توافر الإمكانات والتجهيزات الفنية أحيانًا، وانخفاض مجموع درجات الثانوية العامة عن التحاق الطلاب بالجامعات الخاصة، كما يوجد فى كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة والنظم والإعلام.. قصور نظم الامتحانات والمذكرات الدراسية والكتب فى بعض الجامعات الخاصة عن أداء رسالتها. وما زالت بعض الجامعات الخاصة فى حاجة إلى مزيد من الخبرة التعليمية، خاصة فى الكليات العملية. المناهج التعليمية واللوائح فى بعض الكليات غير متطورة بالصورة المناسبة، بل تنتقل مباشرة عن نظائرها بالجامعات الحكومية، وبعض الجامعات الخاصة تهتم، فى المقام الأول، بتحقيق الربح السريع وجذب مزيد من الطلاب المصريين والعرب دون شروط معلنة للقبول، والتحايل أحيانًا على ذلك بشكل أو بآخر، دون النظر إلى مستوى العملية التعليمية.. وقد سجّل تقرير المجلس القومى للتعليم ٢٠١٤ عددًا من السلبيات التى تؤخذ على تلك الجامعات والمعاهد العليا الخاصة، أبرزها خضوع معظم الجامعات الخاصة لمبدأ «الشركات العائلية»، بمعنى أن يديرها بعض أفراد عائلة واحدة، مما جعل البعض يطالب بضرورة فصل مجلس الأمناء، وملاك الجامعات الخاصة عن العملية التعليمية. قصور الأسس والمعايير التى يتم تصنيف الجامعات الخاصة على أساسها. وهكذا نجد أن مربط الفرس فى قضية استقلال الجامعة التى ظلت تؤرق المجتمع الجامعى فى مصر، عبر عدة عقود، أن الدولة ما دامت هى التى تتفق عليها، يصبح ذلك مدخلًا لتدخل منه صور الهيمنة المختلفة، رغم وجود مؤسسات أخرى تتفق عليها الدولة، وتتمتع باستقلال نسبى إذا قيست بالجامعة. فمن الناحية الاجتماعية فإن سيطرة الدولة إذا كانت تستند إلى ملكية رأس المال، فإن الأمر فى حقيقته لا يتغير فى الجامعات الخاصة، فأصحاب رأس المال سيحلون محل الدولة فى الهيمنة والسيطرة، بل إن الحال فى الجامعات الحكومية قد يكون أفضل، لأن الدولة هنا دولة الجميع، والمال مال الشعب كله، لكن فى حال الجامعات الخاصة، فالمال مال هذا الفرد، وذاك وأحيانًا هذه الأسرة أو تلك. على كل حال فإذا كانت الجامعات الخاصة يتم تمويلها من الطلاب، فى ظل تكاليف متزايدة وضخمة لخدمة التعليم الجامعى، فهذا يعنى استدعاء شرائح بعينها من الشرائح الاجتماعية العليا اقتصاديًا، تعتمد الجامعة الخاصة على إقبالهم عليها، مما يفتح الباب إلى محاولة استرضائهم على حساب بعض القواعد والأصول الجامعية، وإذا حدث خلاف بينه وبين عضو هيئة تدريس فإن الجامعة تنحاز للطالب، خوفًا من انسحابه من الجامعة، الذى يعنى انسحاب مبلغ كبير من الدخل! مثلما تفعل إحدى الجامعات الخاصة التى اشتهرت بفضيحة قبول ٣٨٥ طالبًا وطالبة من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، بمجاميع تقل عند معظمهم عن ٥٥٪، بالمخالفة لقانون هذه الجامعات، بل إن بعضهم كان حاصلًا على الثانوية العامة منذ أكثر من عشر سنوات مضت، وبعضهم من الحاصلين على شهادات أجنبية معادلة غير مكتملة مثل الآى جى الإنجليزية، أو الدبلومة الأمريكية، بل كثير منهم فى حكم الطلاب الراسبين، لأنهم لم يستوفوا متطلبات دخول الجامعات بعدد المواد المحدد دراسته فى هذه الشهادات، وفريق آخر من الطلاب مخالف لقرارات المجلس الأعلى للجامعات، لأن مدة الدراسة للشهادة الأجنبية المعادلة التى التحق بها بهذه الجامعة كانت أقل من المقرر فى القانون، وهى نفس الجامعة التي باعت الوهم للطلاب بأنهم سيحصلون على شهادة من جامعة إنجليزية عريقة اشتهرت بإصدار الشهادات المضروبة من خلال مكاتب سمسرة تحمل اسم هذه الجامعة، وتختم الأوراق اللازمة بأختام مزورة باسم هذه الجامعة ما دام هناك من يدفع لهاـ وبالتالى أصبحت هذه الشهادات التى تم قبولها بها بهذه الطريقة هى شهادات غير صحيحة ولا تتيح للطالب الالتحاق بأى جامعة حكومية أو خاصة! والغريب أن هذه الجامعة يعمل بها أحد العمداء الذين تولى من قبل اتحاد الإذاعة لمدة شهرين فقط، وتم طرده من قبل موظفى ماسبيرو آنذاك بسبب فشله فى الإدارة، وولائه لأولياء الأمر والنظام المباركى من قبل، ثم عادة إلى مكانه كعميد بنفس الجامعة الخاصة! ومصروفات هذه الجامعة تحصّل بالدولار والجنيه الإسترلينى، وتصل إلى ١٠٠ ألف جنيه سنويًا للطالب الواحد!
وهناك نموذج من العمداء الذى بلغ من العمر أرذله يسعى لإرضاء إدارة معهد خاص بالباطل، ومعروف عنه أنه سليط اللسان وفاحش وبذيء على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالمعهد، ويساير فساد إدارة المعهد حتى يضمن استمراره والتجديد له كعميد، يحصل على ٥ أضعاف راتبه الحكومى!
لكن، على كل الأحوال، تظل الحقيقة المؤكدة أن كل صاحب رأسمال، استثمره فى التعليم، فهو يستهدف الربح! بل إن الحديث يمكن أن يتسع للبرهنة على أن الاستثمار فى التعليم الخاص الآن أصبح أضمن من كثير من المشروعات التجارية والصناعية وغيرها، مما تشكل مجالات للاستثمار! وهكذا يكون السيد هنا: رأس المال بديلًا عن الدولة! وعندما ينتهى الأمر إلى هذه الحال، يهتز ميزان محكمة العدل التربوى ليحل مكانه ميزان آخر ليس له معايير سوى المكسب الشخصى والانحدار الأخلاقي!.