الأثار الفرعونية كنز تحظى به مصر، إلا أنه بات مهدرًا، خاصة في محافظة الشرقية التي يحاصرها الإهمال الدى نال من متحف"تل بسطة"، رغم إنفاق الدولة على تشييده، حوالي 15 مليون جنيه منذ عام 2005، ليناظر بروعته وجماله "متحف الحضارة بالقاهرة"، إلا أنه لم يتم افتتاحه منذ لحظة تأسيسه نظرًا لعدم تأمين النوافذ الزجاجية لقاعة العرض الخارجية وشل حركة السياحة الداخلية والخارجية بعد ثورتين، ما يعد نموذجا صارخًا لإهدار المال العام.
تم تأسيس متحف تل بسطة علي مساحة 10 قراريط تقريبًا، بما يعادل أكثر من 1700 متر مربع، من إجمالي المساحة العامة والتي تقدر بحوالي 40 فدانا، بمنطقة حفاير، تم التنقيب والحفر في 10% من المساحة الكلية، وأخرى مناطق بكر لم يتم التنقيب فيها حتي الآن، ومازالت البعثات الأجنبية تتوالى عليها، حتى إن البعثة الألمانية التي جاءت منذ عام 2001 للحفر بالمنطقة مازالت تواصل العمل.
من أكبر الأخطاء الخطرة التي أشار إليها "رئيس قطاع الإسكان" وقتها هي بناء المتحف فوق المنطقة الرئيسية للصرف الصحي التي تضم 5 مواسير ضخمة.
يذكر أنه في عام 2010، حدثت كارثة بسبب انفجار ماسورة صرف صحي أغرقت المتحف، وتم علاج المشكلة مؤقتا بتغيير مسار الماسورة.
كان قد تم تسليم متحف "تل بسطة" لوزارة الآثار، في عام 2010، بعد الانتهاء من كافة الإنشاءات به، والذي تم تأسيسه على أرض تابعة لهيئة الآثار، وفي العام نفسه كان قد صدر قرار من الأمين العام لقطاع المتاحف وقتها، الدكتور"زاهي حواس" بضم متحف " تل بسطة"، كبديل لمتحف"هرية رزنة"، بعد نقل مقتنياته إلى المخزن المتحفي.
فضلا عن زيارة وزير الآثار الدكتور "خالد العناني" بشهر أبريل من عام 2016، والتي جاءت بتوصيات افتتاح المتحف خلال شهر من الزيارة، إلا أن هذا القرار لم ينفذ حتى يومنا هذا..... هذا وكما ذكر أحد الموظفين بأثار الشرقية رفض ذكر اسمه.
ويتكون المتحف من مبنى مكون من طابقين دور أول علوي وآخر بدروم، ويضم قاعة" سينما "لعرض أفلام وثائقية عن الأثار، مكتبة صوت وصورة بتقنية وجودة عاليتين، قاعة كمبيوتر للزوار، عدد 2 بازار لبيع التحف والمستنسخات الأثرية، مسرح مكشوف للعرض وسط "باركينج " المتحف صوت وضوء، وباركينج لاستيعاب سيارات الزوار، بالإضافة إلى 42 فاترينة عرض و1700 قطعة أثرية، كل ماينقصه لافتتاح العرض المتحفي به، تأمين النوافذ الزجاجية لقاعة العرض الخارجية بتكلفة مادية زهيدة.
وفي ساحة المتحف يوجد تمثال "ميريت أمون" زوجة الملك رمسيس التاني، من الأسرة الـ18، مثبتة علي قاعدة خرسانية تكلفتها 150 ألف جنيه، فضلا عن تقاضي 500 عامل وموظف أجور ومرتبات دون وجه حق، منهم من تم نقله لأماكن أخرى إلا أن الغالبية مازالوا يتقاضون أجورا دون عمل.. كما ذكر أحد الموظفين بآثار الشرقية، رافض ذكر اسمه.
يعاني المتحف إهمالا واضحا كتعرض التماثيل الأثرية لعوامل النحت والتعرية والأمطار والرطوبة بإلقائها على الأرض، فضلا عن تصدع السقف المعلق داخل المتحف، وسقوط أجزاء من الكساء الحجري الخارجي للجدران، هذا وبالإضافة إلي إهمال إصلاح الكشافات الليلية المستخدمة في الإضاءة، والسماعات الخارجية الخاصة بالمسرح، والأجهزة الداخلية مثل التكييف المركزي، حتي تبين أن بعض العمال بداخله، يشعلون النيران "بمناقد" للتدفئة و"حجر المعسل والشيشة"، أمام قاعة العرض بالمتحف.
وكان "هشام عبدالمؤمن" مدير عام منطقة أثار الشرقية، أرسل يطالب قطاع المشروعات بالاهتمام بأمر المتحف، وصيانة التالف فيه من الأجهزة، ولكن دون جدوي أو اهتمام من القطاع بالأمر.
والجدير بالذكر: أنه تم استخراج 30 ألف قطعة أثرية من حفائر الشرقية على مدار الحقبة الزمنية الماضية، بعضها لم تر النور حتى الأن، والبعض الآخر جاءت لجنة من هيئة الآثار بالقاهرة وأخذته لعرضه ببعض المتاحف، وحرمت الشرقية من عرض حفائرها بمتحف تل بسطة، نظرا لكونه غير مؤمن لعدم توافر التمويلات المادية.
وأشارت "صباح مسلم" مدير عام متاحف الوجه البحري، إلى أن متحف تل بسطة، متحف موقع لعرض الأثار وهو يتبع قطاع الأثار المصرية، ونحن كوزارة آثار نعتمد على التمويل الذاتي، وأكثر وزارة تضررت بتضرر السياحة المصرية، لذا من مصلحتنا افتتاح المتاحف حتى الإقليمية منها وإنعاشها، وسيتم استلام "متحف تل بسطة" بعد توفير الميزانية اللازمة.
وأضافت "إلهام صلاح" رئيس قطاع المتاحف المصرية، أن أي شيء يغلق لابد أن ينال منه الإهمال، والتراب يهلكه، فضلا عن ضعف الموارد إلى جانب الأليات الضعيفة بسبب التمويل الذاتي الذي يعتمد كليا علي وزارة الأثار، مؤكدة أنها طالبت وزير الأثار بإمكانية ضم "تل بسطة" لقطاع المتاحف وبالفعل تم عمل سيناريو العرض، وتم نقل الفاترينات بالدور الأرضي نظرا لمساحتها الكبيرة وكونها مؤمنة، والدور العلوي لا يستوعب سوى 4 فاترينات، في مقابل أن يتبنى "قطاع المشروعات" تجهيز تأمين المتحف ليصلح للعرض المتحفي وتكتمل المنظومة، بفحص كاميرات المراقبة، ووضع "حديد كريتال" على الواجهات الزجاجية الخارجية لقاعة العرض، حيث يعتبر هو المنوط الأول بتحديد التكاليف المادية والبدء بالتنفيذ، وإلى الآن لم يوافق "المشروعات"، ولذلك رفضت استلامه قبل تأمينه حتى لاتنسب إلىّ أي اتهامات بإهمال المتحف.