مصر تودع الشتاء بفيروس جديد قادم من إسرائيل، البعض يسميه بـ"الناتشا"، يهاجم مزارع الدواجن ونسبة خطره مضاعفة عن أنفلونزا الطيور التقليدية، 50 بؤرة ظهرت منذ يناير ووفاة مواطن بسبب المرض اللعين، لكن القضية هي ارتفاع سعر الأمصال بسبب الدولار مع غياب المتابعة اللازمة للفيروس الجديد.
المعلومات تقول إن طورًا جديدًا من فيروسات أنفلونزا الطيور ظهر فى مصر بعد أيام قليلة من ظهوره فى إسرائيل وهو فيروس (H5N8 ) ويعد أشد ضراوة من الفيروس (H5N1)، الذى ظهر فى مصر منذ 2006.
وقد وصل عدد بؤر أنفلونزا الطيور في مصر إلى نحو 50 بؤرة منذ يناير الماضي وحتى الآن، وفقًا لعصام عبدﺍﻟﺸكور ﻣﺪﻳﺮ ﻋﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺒﻴﻄﺮﻯ ﺑﺎﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻄﺮﻳﺔ، كما وصل عدد حالات الاشتباه بالمرض إلى 464 حالة في مختلف المحافظات، كما توفت أول حالة في محافظة الفيوم بسبب الفيروس.
وأكد الدكتور حمدي عبدالسميع، أستاذ صحة الغذاء بجامعة بنها، أن المرض يصيب الطيور الداجنة والبحرية وحتى طيور الزينة، ومشكلة المرض أنه يصيب الطيور بصورة وبائية تنتقل بشكل سريع من الطير إلى الآخر، والذي يزيد الأمر خطورة أن المرض معدٍ للإنسان، لافتًا إلى أن المرض ظهر في عام 2006 ولم يكن هناك استعداد لمكافحة المرض، لافتًا إلى وجود علامات تؤكد على إصابة الطيور مثل الخمول ويكون لون العُرف والدلايات أحمر داكن نتيجة النزيف الشديد الذى يحدث فى الطيور، أما بالنسبة للأعراض التى تظهر على البط عبارة عن خمول وعدم الأكل وانحناء فى الرقبة وبعد ذلك تموت.
ولفت إلى أن انتشار المرض من عدمه يتعلق بالتوعية، حيث إن غياب التوعية يؤدي إلى انتشار المرض من وإلى الدواجن والإنسان، لافتًا إلى أن المرض قاتل ويزيد معدلات نفوق الطيور، حيث يظهر المرض بشكل أكبر في فصل الشتاء، حيث إن خطورة المرض تنبع من العديد من الأسباب أبرزها أن المرض ينتشر بشكل سريع جدًا وأحيانًا لا يوجد علاج له والفيروس يطور نفسه بشكل لا يسمح بسهولة التغلب على المرض بجانب أن الفيروس يتزاوج مع بعض الفيروسات الأخرى مثلما حدث تزاوج مع أنفلونزا الخنازير والطيور في وقت واحد وهو ما يعطي سلالات مرضية جديدة.
وأشار عبدالسميع، إلى أنه لا علاج لفيروس أنفلونزا الطيور بعد مرور 48 ساعة، وتابع أنه بعد ذلك يتحول المرض إلى فيروس لا يمكن مواجهته حيث يصل نسبة النافق هنا 100% ولكن رغم ذلك يمكن الحد من مضاعفات المرض، لافتًا إلى أن الوقاية المناعية أمر مطلوب لحماية الإنسان والحيوان من خلال الاتجاه للتحصين من مضاعفاته، وأول سؤال يجب أن يسأل الإنسان نفسه إذا ما جاءته أعراض سعال وزكام وغيرها هل احتك بالطيور أم لا، وهنا على الشخص إذا كان احتك بالطيور أن يتجه فورًا للكشف داخل مستشفى حميات ليتأكد من إصابته من عدمه بالمرض.
وقال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرف التجارية، إنه من المفترض متابعة هيئة الخدمات البيطرية لتلك المشكلات التي تقع للثروة الداجنة فمهمة تلك الهيئة المتابعة لأي مشكلات تقع للطيور، لافتًا إلى أن السؤال هنا هو هل تتحرك الهيئة بصورة إيجابية لوقف ومنع انتشار الأمراض، مضيفًا أنه يثق في الهيئة البيطرية وفيما تقوم به من جهود وتقصي واقع الثروة الداجنة بصورة جيدة وهو ما يظهر في العديد من التحركات للتوعية من الحمى القلاعية التي تصيب المواشي والنصائح التي تعطيها الهيئة للفلاحين.
ولفت إلى أن المشكلة تتمثل في غياب التحصين بالنسبة للطيور فمن المفترض أن يكون هناك تحصينات لحمايتها من أي أمراض تنتقل إليها وهو الأمر الذي لم يتحقق خلال الفترة الأخيرة ويترتب على ذلك إمكانية وقوع أي إصابات للثروة الداجنة في مصر وهو أمر يتحمله المربون للطيور لأنه من المفترض أن يكون لديهم ثقافة لحماية الطيور بدلًا من جعلها عرضة للإصابة للأمراض بسهولة، مشيرًا إلى أنه إذا ما ظهرت حالات إصابة أو اشتباه في إصابة فيجب الاتجاه إلى الإدارة البيطرية أو الطبيب البيطري المختص.
وأكد الدكتور محمد جمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي ومستشار مركز الدراسات الاقتصادية والزراعية بجامعة القاهرة، أن ظهور حالة من حالات المرض يؤكد على خطورة المرض وعلى تفشيه بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وأوضح جمال، أن الإجراء المتبع هنا والصحيح هو اعدام الطيور المصابة بالمرض حتى لا ينتشر المرض بشكل كبير وهو الأمر الذي يعني خسائر بالملايين على قطاع الدواجن بل ومن الممكن أن يؤثر ذلك على قطاع الدواجن والطيور داخل مصر ويدمر الصناعة بشكل نهائي إذا لم تتحرك وزارة الزراعة بشكل عاجل وسريع.
وأشار جمال، إلى أنه قد تتأثر أسعار الدواجن خلال الفترة المقبلة وخاصة إذا لم تتجه الدولة إلى القضاء على فيروس الدواجن الوافد نتيجة أنها ستحاول الاستيراد من الخارج وهو الأمر الذي يشكل صعوبة على المواطنين من محدودي ومتوسطي الدخل.
واستنكر رأفت تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، وقوف وزارة الزراعة مكتوفة الأيدي أمام انتشار فيروس انفلونزا الطيور لمرة أخرى بسبب عدم استيراد أمصال التطعيم الخاصة بالطيور، مشيرًا إلى أن البرلمان قدم طلب إحاطة لوزير الزراعة الحالي لمعرفة أسباب انتشار المرض.
وأكد تمراز، أن الأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام حيث لا بد من محاسبة الهيئة البيطرية، لافتًا إلى أن الرقابة الإدارية ستقوم بالتحقيق في الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بجانب العمل على توفير الأمصال.
وأشار إلى أنه بعد تعويم الجنيه أصبحت أسعار الأمصال مرتفعة جدا، وهو الأمر الذي منع استيراد تلك الأمصال الأمر الذي منع تحصين الطيور في الوقت الذي يساعد فيه مناخ التربية للطيور في مصر بانتشار المرض كون المزارع توجد في أماكن سكنية لا توفر التهوية بصورة جيدة.
يذكر أن صناعة الدواجن فى مصر يعمل بها حوالى 2.5 مليون عامل كما أن استثمارات هذه الصناعة تقريبا 30 مليار جنيه وتنتج سنويًا حوالى مليار دجاجة ومليار و250 مليون كتكوت عمر يوم واحد بحسب تصريحات للدكتور عبدالمنعم البنا وزير الزراعة المصري وهو ما يدق ناقوس الخطر على صناعة الدواجن في مصر في ظل ظهور بؤر الإصابة وفي ظل أن الطور الجديد للفيروس الإسرائيلي (H5N8 ) أخطر من فيروس (H5N1) التقليدي.