الإثنين 10 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

اعطني سلاحًا ولا تعطيني خُبزًا.. شعار الصعايدة في الجنوب.. القبض على 4 آلاف تاجر خلال 5 سنوات.. وضبط 11 ألف ورشة تصنع الكلاشينكوف والخرطوش والمقروطة والكباس.. خبراء: أحداث البلابيش فجرت الخطر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصعيد يعود إلى الضوء، أحداث البلابيش "سوهاج" تفتح ملف السلاح، الصعايدة تربوا على حمله، شعارهم "اعطنى سلاحًا ولا تعطيني خبزًا"، إحصائيات الداخلية تقول إنه تم القبض على 4 آلاف تاجر خلال 5 سنوات وزعيم "البلابيش" أحدثهم، مع ضبط 11 ألف ورشة تصنع "الكلاشينكوف" والـ"جرينوف" والخرطوش والكباس والمقروطة، خبراء أكدوا أن الجنوب سوق رائجة لتجارة السلاح، وأن الأحداث الأخيرة بسوهاج فجرت الخطر.



وأكد مراقبون أن الصعيدي يستخدم السلاح لحماية أرضه وعِرضه، ولا يرفعه إلا في وجه عدوه فقط، هذه هي أحد أهم الأسباب التى جعلت أبناء الصعيد "الفقراء قبل الأغنياء" يقتنون السلاح، ويتاجرون فيها أحيانًا.
بداية حمل السلاح في الصعيد بدأت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي وزع على الشعب عام 1956 سلاحًا، خوفًا من احتلال مصر، وازداد رواجه في الجنوب فور نكسة 67، لكن بعد ثورة يناير انتعشت تجارته، ونشطت عصابات التهريب من عدة دول مجاور أهمها السودان وليبيا، إضافة إلى التهريب عبر البحر المتوسط، حيث تشير التقديرات، إلى أن حركة تجارة السلاح في مصر تصل إلى 30 مليار جنيه من خلال بيع 10 - 20 مليون قطعة سلاح سنويا، وإن ما يتم ضبطه لا يتجاوز الـ25% على أفضل تقدير.
ورغم أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على أكثر من 4000 تاجر سلاح خلال الـ5 سنوات الماضية، كان أحدثهم زعيم مطاريد البلابيش فى سوهاج قبل أيام، وضبطها أكثر من 11 ألف ورشة تصنيع أسلحة بدائية الصنع، لإنتاج مسدس "مقروطة والكباس والفرد الخرطوش"، إلا أن معدلات تجارة الأسلحة لا تزال عالية، حيث قالت وزراة الداخلية فى تقرير حديث لها، إنها تمكنت من ضبط 37 ألفا و448 قطعة سلاح ناري، و246 ألفا و690 طلقة مختلفة الأعيرة، و100 ورشة لتصنيع الأسلحة النارية، و67 ألفا و999 قطعة سلاح أبيض، و74 قطعة سلاح ناري من الأسلحة المستولى عليها من المواقع الشرطية، أغلبها من محافظات الصعيد، خلال العام الماضي فقط.
ونظرًا لطبيعة الصعيد الجغرافية، فقد سمحت رقعتها بتحرك عصابات تجارة السلاح دون رقابة في أماكن مختلفة، الأمر الذى جعل الصعيد أكبر جاذب لتجارة وتهريب السلاح، حيث لم يعد مقتصرًا على الأسلحة الصغيرة أو محلية الصنع فقط، بل امتد ليشمل أسلحة ثقيلة ومتطورة لم تكن متاحة وربما غير معروفة من قبل، منها رشاشات الجرينوف، ومدفع "آر.بي.جي" المضاد للدبابات، فضلًا عن مجموعة متنوعة من الأسلحة الخاصة بالجيوش، وذلك بسبب القيود والضوابط والشروط التى وضعتها الجهات الأمنية لاستخراج "رخصة" لحيازة السلاح، وتحديد نوعيات معينة بشرائها بحسب كلام عائلات صعيدية.


وتعد البنادق الآلية أكثر أنواع الأسلحة انتشارًا فى محافظات الصعيد، حيث يتراوح سعر القطعة الواحدة من 20 إلى 40 ألف جنيه، ويليها فرد الخرطوش ويقدر سعره بنحو 1500 جنيه، إلى جانب أنواع أخرى، مثل: الطبنجة فرد، والطبنجة 9 مللي، والبنادق الآلية الروسية أو الإسرائيلية، والبنادق ذاتية التعمير، والبنادق النصف آلية، والطبنجات محلية الصنع، ومسدسات الصوت، التي تم تحويلها إلى مسدسات حقيقية بعد تغيير ماسورة إطلاق النار، وهناك أيضا الفرد الروسي، ومسدس حلوان، والمسدس ذو الطلقة الواحدة، والرشاش الروسي "جرينوف"، وسعته ألف طلقة، والبندقية الآلية العراقية، والرشاش "عوزي" الإسرائيلي، ومدفع "آر بي جي" المضاد للدبابات، والكلاشينكوف.
وبحسب "حامد. ق"، أحد المقربين من تاجر سلاح فى محافظة سوهاج، فإن محافظة أسيوط، تحتل المركز الأول في تجارة الأسلحة في مصر، من حيث الاستهلاك والتصدير للمحافظات القريبة منها، تليها محافظات "قنا وسوهاج والمنيا".
أوضح "حامد" أن تلك المحافظات تشتهر بتهريبها للأسلحة، للطبيعتها الجغرافية التى تتمتع بها، وطبيعة الجبال الوعرة التى يقطنون بالقرب منها، حيث أنه يصعب تعقبهم فيها، مشيرًا إلى أن أباطرة السلاح فى الصعيد معروفون بالاسم، لكن تجارتهم الأصلية، تبعد أعين رجال الشرطة عنهم، مؤكدًا أنهم يتمركزون فى مراكز وقرى شرق النيل، خاصة البدارى وأبنوب وساحل سليم ومركز الغنايم، وقاو،، وقرية حمره دوم فى مدينة نجع حمادي بقنا، وقرية "وادي خريط" بمركز نصر النوبة، وفي قرية "حجازة" فى الأقصر، وفى قفط ومنطقة "جبل القناوية" و"جبل الشيخ عيسى" بقنا.
أكد حامد، أن طرق تهريب السلاح كثيرة، منها "طريق الصحراء الغربية من ليبيا أو طريق سلاسل جبال البحر الأحمر من السودان جنوبًا أو سيناء شرقًا إلى أسيوط، محملًا فوق الجمال أو مخبأ فى صناديق خشبية فى سيارات نقل كبيرة خاصة بالاستيراد والتصدير.
وعلق اللواء حسام سويلم الخبير أمنى: "إن عائلات الصعيد يحرصون دائما على شراء الأسلحة النارية ويعتبرونها جزءًا من حياتهم ويصعب الاستغناء عنها، وذلك يرجع للموروثات والعادات التى تربو عليها، وعلى رأسها قضية الثأر، بالإضافة إلى أن البعض يعتبر وجود الأسلحة فى منزله الضامن الوحيد لبقائه على قيد الحياه.
أكد سويلم، أن قوات الجيش والشرطة لا يتهاونون فى تكثيف الحملات على المراكز والبؤر التى ينتشر فيها السلاح والذخيرة والهاربين من أحكام قضائية، والمناطق الحدوية، مؤكدًا أنهما ينجحون فى تحقيق ضربات استباقية لمهربى وحائزى الاسلحة والمتاجرين فيها، والتى كان آخرها القبض على زعيم وبعض مطاريد بلبيبش فى محافظة سوهاج، مؤكدًا فى ذات الوقت على أزمة الصعيد الحقيقية هي تجاهل ملفاته المرشحة للانفجار في أي وقت، مطالبا الحكومة بالنظر إلى محافظاته وقراه لانتشالها من الفقر وتنميتها ليكون منطقة جاذبة للاستثمار.
وقال محمد عبدالنعيم، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، إن الصعيد تم إهماله لعقود طويلة من حكوماتٍ متعاقبة، وسقط من ذاكرة الأنظمة الماضية، بعدم تقديم خدمات، أو طرق صالحة للسير أو التعليم، مشيرًا إلى أن هذا أدى إلى ازدياد فقر أهالي الصعيد، وترسيخ مفاهيم ومعتقدات خاطئة جعلت منه مخزنا كبيرا للأسلحة بكل أنواعها، مشددًا على أن الصعيد يتمتع ببنية تحتية تناسب الكثير من المشروعات التى تخدم مصر، كما أن به الكثير من الثروات المعدنية التي لا توجد في مناطق كثيرة خارج حدوده، قائلًا للأسف ابتعاد المسئولين عنه جعله يعاني من الإهمال، والنتيجة رواج سوق للسلاح على أرضه.