لا ينكر دور وزارة الداخلية في حماية المواطن إلا جاحد، فرجالها لا يؤلون جهدًا في حفظ أمن الوطن وأمانه، وإن كانت هناك تجاوزات تصدر من بعض الأفراد العاملين بالجهاز، شأنها في ذلك شأن جميع القطاعات والوزارات التي لا تخلو من الأخطاء، إلا أن الوزارة لا تتوانى في عقاب المخطئ من أبنائها، ولا تفرق في تنفيذ القانون بين مدني وشرطي.
فاعتدنا في الآونة الأخيرة أن تقوم الوزارة بتطهير نفسها وقطع العضو الفاسد، وليس أدل على ذلك من وجود ضباط خلف القضبان يرتدون البدلة الزرقاء لاتهامهم بقضايا تخل بشرف المهنة، وتنوعت القضايا المتهم بها رجال الشرطة ما بين رشوة وعقد صفقات مشبوهة، أو الاعتداء على المواطنين لدرجة تصل للقتل، ومساهمة من "البوابة نيوز" فى وأد بذرة الشك بين المواطن والداخلية، ناقشنا تلك القضية بحيادية، لنعرف ما يدور فى ذهن المتضرر من الفعل، والمتضرر من القول ونوحد سبيلنا لأن الهدف واحد وهو الوطن.
وعلقت الدكتورة د. سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، على مثل هذه الوقائع، بأن فى كل مهنة الصالح والطالح، ولكن داخل مهنة الشرطة تكون الفاجعة أنهم صمام الأمن الداخلى بالدولة.
وأرجعت "فايد" أسباب تجاوزات بعض أفراد الشرطة، إلى "عيوب تربوية"؛ حيث إن سوء التربية يتسبب بشكل كبير فى تعرض من هم فى موقع المسئولية للمحاسبة والتقصير وارتكاب أعمال خارجة على القانون، و"انعدام الضمير"؛ حيث إن عدم التعامل طبقا للمهنية والقانون ومراعاة حدود الله فى عمل الضابط يجعله يعمل ما يشاء بحكم أنه لا يحاسب أو لا يخاف من الحساب.
وأضافت إخصائية علم الاجتماع تعليقًا على مثل هذه الوقائع، أن إفلات المجرمين والمتهمين من العقاب تحت مسمى ثغرات القانون، يجعل هؤلاء ـ وخاصة أن إجراءات الضبط والتحقيق تكون أمام أعينهم، يظنون أنهم نجوا من المحاكمة والجزاء، فيتمادون فى تجاوزهم.
من ناحيتها علقت الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، أن وقائع فساد أفراد جهاز الشرطة يعود إلى أن هناك عناصر سيئة تلتحق بهذا الجهاز، وهذه الكلية العريقة عن طريق الوساطة والمحسوبية، مناشدة القائمين على اختيار الأصل الطيب والسمعة الحسنة ووضعه سببًا رئيسيًا من أسباب القبول.
وأضافت عز الدين أن كلية الشرطة تدرس مادة تسمى علوم سلوكية ومادة حقوق الإنسان، وهذه المواد لا تحقق المرجو منها، ومن المفترض أن يتعلم الطالب ما هى حقوق الإنسان، وكيفية التعامل مع المواطنين بسلوك راقٍ يحقق الهدف من الدراسة بالكلية.
وناشدت أستاذ علم الاجتماع، القائمين على تحديث ووضع مناهج طالب كلية الشرطة إعادة صياغة المواد التى يدرسها الطلاب، حتى يتحقق الهدف من دراسة طلبة كلية الشرطة وتصدير هؤلاء للمجتمع للتعامل معهم بطريقة جيدة، كما طالبت باحتواء المواد على نماذج طيبة لتكون قدوة للخريجين.
وطالبت عز الدين بمراقبة طلاب الشرطة على مدار الأربع سنوات وعمل تقارير بحالتهم النفسية لرصد معدلات الانضباط داخل وخارج الكلية، من ناحيته علق الخبير الأمنى اللواء جمال أبوذكرى أن مؤسسة الشرطة من أطهر المؤسسات بالدولة المصرية بالمقارنة بالمؤسسات الأخرى، مؤكدا أن جهاز الشرطة شأنه كأى مؤسسة أخرى بها الصالح والفاسد.
وأضاف أبو ذكرى خلال تصريحاته لـ«البوابة نيوز» أن كل ما ذكر حالات فردية ولا يصح القياس عليها، مؤكدا أن وزير الداخلية شدد على معاقبة وحساب من يتجاوز أيًا كانت رتبته.
وأشار أبو ذكرى إلى أن الأجهزة الرقابية بالدولة ضبطت خلال الفترة الأخيرة عدة مسئولين متورطين فى قضايا فساد، وأن الدولة المصرية تسير فى طريقها الصحيح للتطهير وهذا يعم جميع المؤسسات.
من جانبه قال اللواء خالد عكاشة، الخبير الأمنى: إن جميع أجهزة الدولة بل والعالم بها عناصر فاسدة وكل أجهزة الأمن بالعالم بها عناصر فاسدة، ووزارة الداخلية المصرية تقوم بعمل تحريات وتضبط المتهم أيًا كان رتبته وتحيله إلى النيابة للتحقيق، وإذا ثبتت إدانته يتم حبسه وتطبيق القانون بكل حزم وحسم.
وعلق عكاشة أن المقياس هنا كيف تتعامل أجهزة الدولة مع مثل هذه الوقائع، وليس لماذا وقعت هذه الحوادث، ونطرح الإجابة هنا أن وزارة الداخلية المصرية تقوم بمعاقبة كل مخطئ دون النظر من هو وما عمله وما رتبته وهذا يظهر عمليًا بحبس ضابط شرطة قسم ثانى شبرا الخيمة ومن قبله ضابط آخر وغيره.
وأشاد الخبير الأمنى بإجراءات وزارة الداخلية ومحاسبة أفرادها والمقصرين بها، مؤكدا أن الداخلية تتعامل بشفافية وحزم مع المخطئ لضمان السلوك المستقيم، كما أشاد بإجراءات الوزارة وضرباتها الاستباقية ضد المجرمين ومكافحة الجريمة وخاصة فى الفترة الحالية.
وكانت قد تعددت وقائع حبس لضباط شرطة عقب عمل تحريات وتحقيقات وثبت تورطهم فى قضايا نصب وسرقة ومخدرات وتجارة أسلحة مما دعا وزارة الداخلية لعمل تحريات أمنية مكثفة عن جميع أفرادها لمحاسبة المخطئ أيًا كان رتبته. وكان اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية، قد أكد خلال اجتماعه مع مساعديه أنه لن يفلت مخطئ من العقاب، وسنتحرى عن جميع ضباط وأفراد الوزارة للوصول إلى أعلى وأفضل معدلات الأداء الأمنى، وتوطيد العلاقة بين جهاز الشرطة والمواطنين.