بعد سنوات طويلة من الإهمال والتجاهل لأخطر وأهم ثروات البلاد، تنبهت الحكومة، على استحياء، مؤخرًا لأزمة بحيرات مصر، التى تآكلت بفعل الإهمال والفساد، سواء عن طريق التعديات أو الصيد الجائر أو التلوث، وكلفت وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي، والموارد المائية والري، بالبدء فى تنفيذ خطة استعادة ثروات مصر المهدرة بإزالة التعديات التى شوهت ملامح تلك البحيرات.
من جانبه، أكد الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن هناك خطة تنفيذية بالاتفاق مع المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات، تستهدف تطوير البحيرات الشمالية لرفع كفاءتها الإنتاجية وتنمية الاستزراع السمكى، والوصول بالإنتاج الكلى لمصر من الأسماك إلى ٢.١ مليون طن خلال الأعوام المقبلة، من خلال الهيئة والمشروعات القومية التى تقيمها الدولة، خاصة فى قناة السويس، مع التوسع فى إقامة المفرخات السمكية البحرية فى البحر المتوسط لتعظيم الاستفادة من قطاع تنمية الثروة السمكية، بالإضافة لنشر الوعى للحد من الصيد الجائر.
وأشار وزير الزراعة إلى أن الوزارة تشن حملات مستمرة على البحيرات لإزالة التعديات عليها، موضحًا أن مصر تمتلك 10 بحيرات فى حال استغلالها يمكن الوصول بالإنتاج السمكى الكلى لمصر إلى ٢.٢ مليون طن خلال الأعوام المقبلة.
وأضاف أن ذلك يأتى بالتزامن مع افتتاح مزارع سمكية جديدة بعدد من المشروعات القومية، إلى جانب تطوير موانئ الصيد بالسواحل الشمالية ووضع خطة للنهوض بالثروة السمكية لزيادة الإنتاج وسد الفجوة الغذائية لزيادة متوسط نصيب الفرد من البروتين، من خلال التنسيق بين هيئة تنمية الثروة السمكية والمشروعات القومية التى تقيمها الدولة، خاصة محور تنمية مشروع قناة السويس ومزرعة بركة غليون بكفر الشيخ لتخفيف الضغط عن زيادة الطلب على اللحوم الحمراء.
وكشف البنا أنه سيتم، خلال الفترة المقبلة، افتتاح أكبر مشروع للثروة السمكية يضم مزارع ومفرخات ومصانع ثلج وعلف وتعبئة، يتبع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، ممثلًا فى الشركة الوطنية للاستزراع السمكى والأحياء المائية فى بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ.
ولفت الوزير إلى أن الوزارة، بالتعاون مع الحكومة الإيطالية، ستقوم بإنشاء مفرخات بحرية ومزارع سمكية بحرية فى الإسكندرية وبورسعيد، بالإضافة إلى إنشاء مجموعة أقفاص سمكية كمشروعات للشباب فى وادى مريوط، مع تحسين جودة المنتج السمكى من مصادره المختلفة عن طريق خطة لتحسين المصائد الطبيعية والتوسع فى إنشاء المفرخات البحرية لإنتاج الذريعة اللازمة لعمليات الاستزراع السمكى.
وبالتزامن مع خطة الزراعة، أعلنت وزارة الموارد المائية والري، عن تنفيذ دراسة لتطوير بحيرة المنزلة وضمان الحفاظ على نوعية المياه بها، لتصبح بيئة ملائمة للحصول على إنتاج سمكى متميز ووفير وبأسعار مناسبة.
اشتملت الدراسة على تحديد مصادر تغذية البحيرة بالمياه، حيث تستمد المياه المالحة من البحر المتوسط عن طريق بوغازى اشتوم الجميل القديم والجديد، وبوغاز الديبة، وبعض الفتحات الثانوية التى تصل منطقة مثلث الديبة بالبحر المتوسط.
كان التلوث، الذى تواجهه البحيرة، قد أدى إلى انخفاض الإنتاج السمكى بنسبة تقترب من ٤٠٪، ويرجع ذلك إلى تأثير إطماء البوغاز الذى يصل البحيرة بالبحر المتوسط، بالاضافة إلى التلوث والعوامل البيئية الأخرى المؤثرة على جودة المياه، مع الأخذ فى الاعتبار تقلص مساحة البحيرة بسبب المساحات المستقطعة منها.
فيما وجّه المهندس أحمد محمد فتحى، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، إلى طرح عمليات تطوير وتنمية البحيرة على عدة مراحل، الأولى حماية وتكريك بوغازى أشتوم الجميل، وإنشاء قناة شعاعية بطول ٣.٧ كم ورؤوس حجرية لحماية البوغاز بمحافظة بورسعيد بقيمة إجمالية ٧٠ مليون جنيه فيما تشمل المرحلة الثانية، مشروع تكريك بوغاز مثلث الديبة إنشاء قناة شعاعية بمحافظة دمياط بقيمة ٢٢٠ مليون جنيه.
وقال فتحي: إن القيام بهذه الأعمال سيكون من شأنه زيادة إنتاج البحيرة من الأسماك، مؤكدا أن المشروع يحقق فرص عمل حقيقية للصيادين، ويعمل على المحافظة على تكوين بحيرة المنزلة التى تعد من أكبر بحيرات مصر من التدهور، ما يعنى أن المشروع يحقق الجدوى الاقتصادية ذات البعد الاجتماعى والبيئي، ويسهم فى التنمية الاقتصادية على مستوى الدولة.