التناقض في أسوأ صوره، يفرض نفسه على "أم الدنيا" مصر، اختفت الطبقة المتوسطة "رُمانة الميزان" بأمر من المستثمرين المصريين، والعرب والأجانب، وأصبحنا نعيش بين طبقتين عُليا ودُنيا، احداهما تتقاتل للحصول على السلع التموينية والآخرى تذهب للمولات لشراء أحدث الماركات والتزحلق على الجليد.
وفى هذا الاطار شهد اليوم، الخميس، افتتاح مجموعة الفطيم للمشروعات، مول مصر، بإجمالي استثمارات تصل إلى 722 مليون دولار.
ويتوقع أن يقدم مول مصر 41 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتبلغ المساحة التأجيرية الإجمالية للمول 165 ألف متر مربع، بالإضافة لساحات انتظار سيارات تتسع لـ6500 سيارة، فضلًا عن تميزه بصالات تزحلق على الجليد لأول مرة بمصر، محاكاة لمول "دبي"..
"مول مصر" ليس الأول من نوعه، فسلسلة من المولات التجارية انتشرت في مصر كأسلوب جديد للتسوق في وقت قصير جدًا، ونجحت هذه المولات إلى حدًا ما في ابتلاع الأسواق التقليدية من خلال نمط استهلاكي جديد أكثر جاذبية، وأصبح المواطن المصري يعيش في حيرة إلى أين يذهب للتسوق والشراء، هل ألى (كايرو فيستفال) (هايبر) (كارفور) (صان سيتي) (سيتي ستارز) أم (مول مصر).
المولات أصبحت مقصدًا لشرائح مختلفة من المستهلكين، فهي توفر عوامل جاذبة، كالمطاعم، وأماكن مخصصة للأطفال، وعروض وخصومات على أشهر الماركات..
ورغم الارتفاع الملحوظ لأسعار أغلب السلع المعروضة بهذه المولات واستقطابها لطبقة محددة بالمجتمع، إلا انها تشهد حركة نشاط كبيرة، إذا كانت لعدم الشراء فهى من أجل التنزه، هل تقضي المولات على المحلات الصغيرة؟؟، وهل تؤثر على أسعار السلع الأساسية ؟.
«الفقراء استهلاكيون والاغنياء لا يصرفون هباءً »..هكذا قال الدكتور مدحت نافع، خبير الإقتصاد وأستاذ التموين، مؤكدا أن تواجد المولات بكثرة في مصر، ساهم في تقديم خدمة مميزة للسائحين، وبالتالى استثمار العملات الصعبة.
وأضاف "نافع":المولات لم تؤثر على المحلات الصغيرة فكل منها يستهدف طبقة معينة، إلا أن الكثير يفضل المولات حاليًا لانها توفر الوقت والجهد، ولا تؤثر على سعر السلع بشكل مباشر أو غير مباشر، مؤكدًا، ان الطبقة الفقيرة التي تعدت الـ30% من الشعب استهلاكية بطبعها وهذا ما يؤثر على الأسعار على عكس الطبقة العُليا التي تفضل الإدخار والاستثمار.
وأشار الي أن الأزمة ترجع في الاساس الى إنخفاض القوة الشرائية.
«المولات بتسحب من مصر فلوسها ومش بتفيدها» هذا ما يؤكده الخبير الإقتصادي، وائل النحاس، موضحا أن المستثمرون يستغلون مساحات كبيرة بمصر لأنشاء مولات، لجذب السياح، ومن ثًم، تحويل عائد الربح المادي إلى الإمارات والبلاد الأجنبية، دون ان تستفيد منها مصر.
وارجع انتشار المولات في الفترة الأخيرة، الى محاولة استغلال المواطن المصري المُحب للتنزه والشراء، دون جدوى أو عائد.
وأضاف أن البلاد بحاجة الى استصلاح أراضي واستزراع سمكي أفضل من بناء المولات، الذي لا يفيد المواطن المصري، أو يُحسن من أسعار السلع، قائلا: "هاتولنا حد من المريخ يستثمر لصالحنا".
فى المقابل قالت، سارة جاد المولى، عضو اللجنة الإقتصادية بالبرلمان، أن كثرة المولات في مصر تدل على نجاح البلاد في جذب المستثمر الأجنبي، مشيرة، إلى أن منتجات المولات تتميز بجودة عالية، فضلًا عن أسعار مميزة والخدمة الجيدة المقدمة للمواطن.
وأضاف، الدكتور، محمد عطوة استاذ الاقتصاد وعميد تجارة المنصورة، أن المنتجات المعروضة بالمولات لم تؤثر أسعارها على أسعار السلع بالمتاجر والمحلات الصغيرة، نظرًا لاختلاف الأسعار بحسب الأماكن، قائلًا: "لكل منهما أهميته ولا يؤثر أحدهما على الآخر".