أن ينتحر شاب لصدمته في حب بنت الجيران وارد، وأن يشنق عجوز نفسه لضيق حالة اليد واكتئابه للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد جائز، لكن أن ينتحر طفل، هذا هو المدهش وغير الجائز أو الوراد، لكنه حدث قبل أيام وانتحر طفل 7 سنوات هربا من عنف أسرتة المتواصل ضده بالضرب وتهميشه، وطفلة أخرى عمرها 13 عاما بقنا لرفضها الزواج من ابن عمها.
دراسة للمركز القومي للشئون الجنائية والاجتماعية، توقفت عند القضية، ورصدت 12 حالة في العام الماضي 2016، مطلقة نفير خطر ضد العنف الممارس والمستمر ضد البراعم كاشفة، ان غياب الثقافة عند الأسر والظروف الاقتصادية تساهم في الأزمة
توقفت الدراسة امام عدد من من حوادث العنف، منها أم تتجرد من مشاعر أمومتها وتعذب ابنها الذي لا يتجاوز عامين ونصف العام حتى الموت حيث تبين من التحريات تعذيب الطفل من أمه وعشيقها عن طريق استخدام وسائل عديدة منها إطفاء عقب السيجارة في جسد الطفل الصغير ثم اتجهت به إلى المستشفى ليتم كشفها وكشف عشيقها الذي كان يشعر بالضيق من الطفل.
وفي قرية كوم العرب بمحافظة سوهاج جريمة بشعة لسائق قيد ابنته البالغة من العمر 12 عاما بالحبال وعذبها بالكي بالنار في قدميها امام شقيقتها الصغرى 8 سنوات واعتدى عليها بالضرب حتى فارقت الحياة لشكه في قيامها بسرقة 4 آلاف جنيه من المنزل.
وفي الشروق نجد مديرة مدرسة مينا للغات برتا جريس خلاف، تكشف بأن الطفل آسر أمجد ويبلغ من العمر 11 عاما تعرض للتعذيب والضرب المبرح الذي أفضى لإصابات خطيرة بجسده على آثر تعذيبه من زوجة الأب حيث تبين أن الطفل مصاب بكدمات متعددة شديدة بجميع أنحاء الجسم وسحجات متفرقة بالجسم مع تورم شديد باليد اليسرى، وأوضحت الأشعة وجود شرخ بالسليمة الثانية باليد اليسرى.
وذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للأمومة والطفولة، أن عدد البلاغات التي تلقاها المجلس، خلال النصف الأول لعام 2016 بلغت 2284 حالة عنف ضد الأطفال وتصدر الذكور النسبة الكبرى من بلاغات العنف بحوالي 69% في مقابل 31% للإناث وتعرضت 155 حالة منها للعنف المدرسي، كالاعتداء بالضرب أو التوبيخ، وكان منها 86 بلاغًا حول المشكلات المدرسية التي من شأنها تشكيل خطر على الأطفال. وأشار التقرير إلى وجود 120 حالة اعتداء جنسي على الأطفال، منها 11 حالة داخل الأسرة، 26حالة داخل المدرسة، 59 حالة تم الاعتداء فيها على أنثى، 61 حالة للذكور.
وعلى صعيد العنف الأسري، رصد المجلس 285 حالة، منها 80 حالة بسبب إشراك الأطفال في النزاعات الأسرية، التي تسببت في بعض الأحيان، في مشكلات نفسية للأطفال، أدت إلى سوء سلوكهم، كما تسببت11 حالة من بلاغات العنف الأسري في إصابات بالغة، و30 حالة منها تسببت في وفاة الطفل، بعضها كان حالة قتل عمد والبعض الآخر كان عنفًا بدنيًا أدى إلى الوفاة، كما رصد التقرير 12 حالة انتحار لأطفال خلال النصف الأول من عام 2016 ما يدق ناقوس الخطر تجاه ما يتعرض له الأطفال من واقع تلك الأرقام الرسمية.
هنا تؤكد الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن حوادث العنف الأسري في المجتمع المصري تجاه الطفل داخل الأسرة يرجع إلى غياب الثقافة والوعي بطبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل والتي تتطلب رعاية خاصة من الأسرة ومن المجتمع الذي يعيش فيه لأن تلك المرحلة مرحلة تعلم وهي تؤثر على الطفل فيما بعد.
ولفتت خضر إلى أن غياب ثقافة التعامل مع الأسرة من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى انتشار العنف في المجتمع ضد الأطفال لافتة إلى أنه يجب أن يتم اتخاذ المجتمعات الأخرى المتقدمة كمثال يحتذى به، فهي تقوم باجراء دورات توعية لشتى المراحل المختلفة التي تمر بها الأسرة، مستنكرة غياب دور الإعلام والتليفزيون المصري حول طرح القضايا الهامة في حين يتم التركيز على عرض مواد أخرى تافهة وتؤدي لانتشار العنف في المجتمع مثل أفلام عبده موتة وغيره من الأفلام الخطيرة التي تعرض على شاشات التليفزيون، والتي تكرس لمبدأ العنف، مؤكدة أنه يجب أن يكون ذللك بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة بالمرأة والطفل
وأضاف الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع ونائب رئيس جامعة حلوان لشئون التعليم والطلاب سابقا، أن تزايد حدة تلك الأحداث يعود إلى غياب التنشئة الاجتماعية السليمة التي كانت الأساس في التربية خلال السنوات السابقة التي كانت فيما مضى حيث كانت تلك الوقائع والأحداث نادرة الوقوع ولكن مع تطور المجتمع وغياب التربية والتنشئة السليمة في ظل انتشار الفضائيات والتوك شو ساهم ذلك في غيابها لافتا إلى أن الرعاية والحب والتسامح من القيم التي اختفت في ظل غياب الاهتمام بها وضعف الوازع الديني، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد حاليا وغياب الخدمات التي تقدم للمواطن قد يكون مساهما رئيسيا في تشكيل الواقع والقيم الاجتماعية التي في المجتمع.
وأكدت الدكتورة إيمان دويدار، استشاري طب نفسي الأطفال، أن استراتيجية الثواب والعقاب الخاصة بتعديل السلوك لدى الطفل ما هي إلا سلاح ذو حدين، بمعنى انه إذا ما كان العقاب والعنف تجاه الطفل بصورة أكبر من الخطأ الذي قام به الطفل كلما كان ذلك أدعى لتحوله إلى شخص عنيف وكان أكثر لامبالاة وعدوانية، مشيرة إلى أن التربية الصحيحة تقوم على إعلاء سقف الحافز، بمعنى إثابة الطفل وتشجيعه على فعل الصواب من خلال تحفيزه على ذلك وتقليل سقف العقاب إلى أن يختفي ذلك السقف، وفي مقابل ذلك نجد أن التوازن ما بين الثواب والعقاب ووجود الحافز والسلوك السوي يؤدي إلى حدوث الاستواء النفسي للطفل.
وأضافت دويدار أن الطفل من سن 5:7 سنين يجب التعامل معه على أساس الحافز المادي الذي يشعر به حينما يقوم بفعل الصواب أو الخطأ، على أساس عدم استيعابه للحافز المعنوي، مؤكدة أن الحافز المعنوي موجه للمرحلة السنية الأكبر ويتيح شعور الطفل بالقبول والتحفيز والتشجيع على فعل الصواب دائما.