الرئيس دونالد ترامب يقول إن الصحافة الأمريكية «عدو الشعب» وإنه لن يحضر العشاء السنوى لجمعية مراسلى البيت الأبيض فى ٢٠ إبريل المقبل.
هذا الرجل السمين السفيه لم يكن يومًا «طبق اليوم» فى أى عشاء أو غداء رسمى أو خاص، فهو يعامل الإدارة كشركة يرأسها، ويريد الطاعة أو يطرد كل مَنْ يتمرد عليه أو يبدى رأيًا يخالف رأيه. هو منع صحفيى «نيويورك تايمز» و«لوس أنجليس تايمز» و«بوليتيكو» و«سى إن إن» و«باز فيد» و«بى بى سي» و«الجارديان» من حضور المؤتمر الصحفى اليومى فى البيت الأبيض، وهذه الجرائد والمواقع أصدق منه ومن أعضاء الإدارة المحيطين به فى البيت الأبيض. الصحافة الأمريكية حرة بضمانة الدستور وتعديلاته، وهو لا يستطيع قمع حرية الكلمة كأنه ديكتاتور فى بلد من العالم الثالث، أو فى «جمهورية موز» والكل يغنى له ويمدحه أو يُقتل أو يُسجن. ترامب قال إن الذين حضروا حفل تنصيبه رئيسًا سجلوا رقمًا قياسيًا، ولم يكونوا كذلك أبدًا، فالذين حضروا تنصيب باراك أوباما رئيسًا، زادوا عليهم أضعافًا. هو قال أيضًا إنه حصل على ٣٠٦ أصوات فى الندوة الانتخابية وهذا أيضًا رقم قياسى منذ ولاية رونالد ريجان. الحقيقة أن سلفيه أوباما وجورج بوش الابن حصلا على أرقام أعلى بكثير مما حقق هو. بل إنه زعم أن ملايين اللاجئين غير الشرعيين انتخبوا هيلارى كلينتون، وهذا كذب حقيقى لأنه لم يحدث، وقد حصلت كلينتون على حوالى ثلاثة ملايين صوت من الناخبين أكثر منه.
الرئيس فى الحكم منذ ٢٠ يناير، وكل يوم له تصريح خاطئ أو كاذب. تحدث عن «نيويورك تايمز» الفاشلة ومعها «واشنطن بوست»، إلا أن الجريدتين سجلتا أرقام بيع وإعلان أعلى كثيرًا منذ بدء رئاسته. هاجم أيضًا «سى إن إن» و«آى بى سي» و«إن بى سي»، واتهمها بنشر أخبار كاذبة وهذا لم يحصل. الميديا الأمريكية بين الأرقى والأفضل فى العالم، حتى وأنا أعترض على كتـاب ليكوديين فى بعض منها.
بين «كذبات اليوم» الأخرى له قوله إن ألوف وألوف الناس دخلوا الولايات المتحدة دون مراقبة. الصحيح أن نظام مراقبة الداخلين كما تمارسه «إف بى آى» ووزارة الأمن القومى هو بين الأشد فى العالم.
أوقح مما سبق زعمه أنه ورث عن أوباما خرابًا أو فوضى. هو ورث أنجح اقتصاد فى العالم كله بعد أن أخرجت إدارة أوباما الولايات المتحدة من الأزمة المالية التى أطلقها بوش الابن سنة ٢٠٠٨.
قال إن الكلام عن علاقته مع روسيا خدعة، وإنه لم يحدث أى مسئولين روس. هذا كذب أيضًا فهو حدثهم وزار روسيا، والأرجح أن روسيا تملك أدلة تدينه مع ملكات جمال وغانيات حجبتها، لأنها تريد أن يفوز بالرئاسة، وهو يماشى روسيا خوفًا من الفضيحة.
بل إنه زعم لنفسه فضل تسجيل سوق المال أرقامًا قياسية يومًا بعد يوم، مع أنه قبل رئاسته قال حرفيًا إن أداء هذه السوق «مصطنع» وأيضًا «فقاعة».
قال إن الولايات المتحدة لم تحتفظ لنفسها ولو ببئر نفط واحدة فى العراق. الولايات المتحدة دمرت العراق وسلمته لإيران، وهو يريد سرقة نفطه. بل إنه زعم أنه عارض الحرب على العراق، ولا يوجد أى تصريح له يؤيد ذلك. وبين مبالغاته الأخرى أن الولايات المتحدة أنفقت ستة تريليونات دولار فى حروبها، مع أنها أنفقت ١.٦ تريليون دولار بين ٢٠٠١ و٢٠١٤.
قال أيضًا أعطينا إيران بلايين بلايين الدولارات، مع أن الواقع أن إيران تلقت جزءًا من أموالها المحجوزة فى الولايات المتحدة.
هو قال إن الكويت الذكية تفرض تأشيرات دخول من نوع ما يريد ترامب على المواطنين من خمس دول مسلمة. وردت وزارة الخارجية الكويتية رسميًا أن هذا غير صحيح.
آخر ما قرأت للرئيس ترامب أنه لم يجد دولة واحدة للولايات المتحدة السجل التجارى إيجابى معها. هو يكذب والصحف الأمريكية نشرت قائمة طويلة بدول تصدر لها بلاده أكثر مما تستورد، فاختار فقط كندا حيث الفائض التجارى لمصلحة الولايات المتحدة كان ٤٢ بليون دولار.
غدًا كذبة أخرى أو كذبتان أو أكثر.
نقلًا عن «الحياة اللندنية»