لم يكن ما ذكرناه فى المقالين السابقين نقلًا عما ذُكر بالندوة التثقيفية الرابعة والعشرين لقواتنا المسلحة مجرد كلام أو دعاية، إنما واقع فعلى وحقيقى، نفذته قواتنا المسلحة على أرض الواقع من خلال قوات إنفاذ القانون، وفى ظل ظروف بالغة السوء، سواء الطقس شديد البرودة - تحت الصفر - أو وعورة الأرض أو التضاريس، وكذلك طبيعة العدو الذى يقاتلونه، والذى لا يعدو سوى عصابات من المضللين فكريًا، والمتعصبين والمرضى نفسيًا، والمرتزقة، وأرباب السوابق، وقطاع الطرق، الذين وفدوا من كل صوب نظير أجر وليس من أجل مبدأ، ويعتمدون على أساليب حرب العصابات «اضرب واجرى واختفى»، ويولون فى أى مواجهة كالفئران المذعورة، ليختبئوا فى الشقوق، مخلفين الألغام والعبوات الناسفة التى زرعوها لتنفجر فى صدور جنودنا، والهروب للمناطق ذات الكثافة السكانية حتى يتخذوها دروعًا بشرية، وعلينا أن نعترف بوجود قصور إعلامى كبير، سواء من جانب الإعلام الرسمى، الإذاعة والتليفزيون والصحف القومية، لأن غالبية قياداتها تم تعيينهم من قبل الرئيس المعزول محمد مرسى، من خلال مجلس الشورى الذى كانت تسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، أو وزير إعلامه الإخوانجى، آنذاك، أما الصحف والقنوات الخاصة، فهذا الأمر طبيعى، لأن لديها برنامجها الإعلامى الخاص بصاحب الصحيفة أو القناة الفضائية، ولم يسعفنا لمعرفة ما يجرى على أرض سيناء من معارك سوى الصفحة الرسمية للعقيد تامر الرفاعى، المتحدث الرسمى لقواتنا المسلحة، من خلال بيان جاء فيه فى إطار مواصلة قوات إنفاذ القانون من الجيش الثالث الميدانى، مداهمة البؤر الإرهابية وملاحقة العناصر التكفيرية بجبل الحلال بوسط سيناء، وقد أسفرت أعمال المداهمات خلال الفترة من ١٥ - ١٧/٢/٢٠١٧ على الآتى: مقتل ٣ أفراد تكفيريين، والقبض على آخرين، وتدمير مغارة يختبئ بها فرد تكفيرى، وتحتوى على عدد من العبوات الناسفة وأدوات تصنيع العبوات الناسفة وتدمير مخزن يحتوى على كمية كبيرة من الألغام المضادة للدبابات، والتحفظ على عدد كبير من قطع غيار سيارات الدفع الرباعى والدراجات النارية كانت مخبأة داخل المخزن، وتدمير ٣ مغارات عثر بداخلها على ١٥ برميل مواد متفجرة، وكمية كبيرة من الشكائر تحتوى على مادتى (نترات الأمونيوم - C٤) تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة وتدمير عدد ٤ كهوف تحتوى على مهمات العناصر التكفيرية وكمية من الذخائر وعدد من خزن البندقية الآلية والرشاش وجهاز مكتشف ألغام، وتدمير عدد ٦ عربات دفع رباعى وعدد ٤ دراجات نارية مفخخة كانت معدة لاستهداف القوات، والتحفظ على عربتين أخريين، وتدمير ميدان مجهز لتنفيذ الرماية والتدريب للعناصر الإرهابية، ومداهمة عدد ٤ منازل وحرق عدد ٢١ عشة تحتوى على مواد إعاشة تستخدم فى إيواء العناصر التكفيرية بالمنطقة المحيطة بجبل الحلال، وحرق عدد ٧ أفدنة لنبات الخشخاش المخدر بوسط سيناء، كما تمكنت عناصر التأمين للجيش الثالث الميدانى غرب نفق الشهيد أحمد حمدى من ضبط ٢٢ كرتونة معبأة بالبلى، تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة، وقد نتج عن أعمال المداهمات استشهاد عدد ٣ من جنود القوات المسلحة، وإصابة ٤ آخرين نتيجة انفجار عبوة ناسفة على أحد محاور التحرك بمنطقة جبل الحلال، وتتقدم القوات المسلحة بخالص التعازى لأسر الشهداء.
وجبل الحلال يبعد نحو ٦٠ كيلومترًا إلى جنوب العريش، وهو من أشهر المراعى لبدو سيناء، وهو فى الواقع سلسلة من الهضاب، ويمتد حوالى ٦٠ كيلومترًا من الشرق إلى الغرب، ويرتفع نحو ١٧٠٠ متر فوق مستوى سطح البحر، وتتكون أجزاء من الجبل من صخور نارية وجيرية ورخام، وهى منطقة غنية بالمواد الطبيعية، وتنمو فى وديانه أشجار الزيتون وأعشاب أخرى مفيدة، ويمتلئ الجبل بمغارات وكهوف وشقوق يصل عمقها أحيانًا إلى ٣٠٠ متر، وتشكل امتدادًا لكهوف ومدقات أخرى فوق قمم جبل الحسنة وجبل القسيمة وصدر الحيطان والجفجاجة وجبل الجدى، وتم اكتشاف فحم به ويقع إلى شماله بنحو ٨كيلومترات سد الروافعة، ويخضع تحت سيطرة قبيلتين بوسط سيناء هما قبيلة الترابين والتياهه، ويعيش الأهالى فى عشش أو كهوف حفروها بالجبال لحمايتهم من العواصف والرياح، ولا يوجد به خدمات ماء أو كهرباء أو صرف صحى أو مدارس أو مراكز صحية، وكان فى الماضى منطقة سيول، حيث تتجمع الأمطار بين جبل ضلفع من الشرق وجبل الحلال من الغرب، إلا أنه تعرض لجفاف شديد، حيث لم تسقط الأمطار بين عامى ٢٠٠٩ و٢٠١٢، ويقع ضمن المنطقة (ج) التى وفقًا لبنود اتفاقية كامب ديفيد يمنع فيها أى تواجد لقوات جيشنا، خاصة الدبابات، ويضم جبل الحلال منطقة وادى عمرو، على الحدود المصرية -الإسرائيلية ومنطقة القصيمة، وأكد أحد خبراء الجيولوجيا والاستشعار عن بعد أن الجبل تحيطه مناطق وعرة، مما يجعل مهمة قوات الأمن شبه مستحيلة فى الوصول إلى الهاربين والفارين، وبدأت شهرة الجبل فى أكتوبر ٢٠٠٤، بعد تفجيرات طابا، والتى استهدفت فندق هيلتون طابا، ووقعت هناك اشتباكات بين الشرطة والجماعات الإرهابية المتورطة فى التفجيرات، وظل الجبل محاصرًا عدة أشهر من قبل قوات الشرطة فى عملية تطهير ومسح شامل، والمرة الثانية عام ٢٠٠٥ بعد تفجيرات شرم الشيخ، التى استهدفت منتجعًا سياحيًا بجنوب شبه جزيرة سيناء، واتهمت ذات العناصر والجماعات فى تلك العمليات، وقيل إنهم لجأوا إلى جبل الحلال للفرار من الشرطة، والمرة الثالثة بعد الهجوم على الجنود والضباط المصريين برفح فى رمضان ٢٠١٢، والذى راح ضحيته ١٦ ضابطًا ومجندًا، وقام جيشنا بأكبر عملية، أطلق عليها «نسر»، ولم يقف الأمر عند تطهير جبل الحلال من هذه العناصر الإرهابية والإجرامية، إنما قامت قوات الجيش الثانى الميدانى باكتشاف وتدمير نفق رئيسى جنوب مدينة رفح، يتم استخدامه فى التهريب من قبل العناصر التكفيرية، وتمت تصفية ٥ إرهابيين وإصابة ٣ فى الاشتباكات العنيفة التى وقعت بمنطقة مزارع الزيتون جنوب العريش تحت غطاء جوى، وبمشاركة أفرع القوات المسلحة بالجيش الثانى الميدانى، مما اضطر العناصر الإرهابية إلى الهروب نحو صحراء وجبال سيناء، وهذه العمليات الناجحة بشهادة أعدائنا، حيث ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، نقلًا عن مصادر المخابرات الإسرائيلية، أن قوات الأمن المصرى حققت سلسلة من النجاحات فى حربها ضد تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى، وأنها نجحت فى استهداف عدد كبير بسيناء من أعضاء التنظيم، من بينها قادته الكبار فى سيناء، ونقلت عن مصدر أمنى إسرائيلى قوله «نرى فى الأشهر الأخيرة تغييرًا جذريًا فى نتائج المعركة ضد التنظيم فى سيناء لصالح الجيش المصرى، وأنه يصوب قوة نيران هائلة فى المنطقة»، واسترسلت الصحيفة، حيث ذكرت أن التنظيم الإرهابى لديه نحو ألف مقاتل، بعضهم من بدو سيناء، فضلًا عن متطوعين قاتلوا فى جبهات الصراع فى سوريا والعراق، ومقاتلين أجانب، وهذه الن جاحات اضطرت تنظيم أنصار بيت المقدس إلى ارتكاب حادثتين، يعدان من أعمال اليأس والإحباط، الأول قيامه بإطلاق صاروخين على محيط مجلس المستوطنات باشكول بإسرائيل، دون حدوث إصابات أو أضرار، وذلك بهدف توريط الجيش المصرى فى مواجهة مع إسرائيل فى غير توقيتها، وعلقت أجهزة المخابرات الإسرائيلية على هذا الحداث بأنها لا ترى أى مصلحة لتنظيم أنصار بيت المقدس فى شن هجمات ضد إسرائيل، وأن التنظيم لا يزال يضع قتال قوات الأمن المصرى على رأس أجندته... أما الحادث الثانى فقيامه بقتل أحد الإخوة المسيحيين ونجله أمام أسرتيهما وحرق جثتيهما ومحتويات منزلهما بشارع سلمان الفارسى بمدينة العريش، وسبق لهم قتل تاجر يمتلك محلًا لبيع الأحذية، وطبيب، وهذا يتطلب منا جميعًا الاصطفاف خلف قواتنا المسلحة وجهاز الشرطة لتطهير ربوع الوطن تمامًا من هؤلاء الشياطين أولاد الحرام.