مصر الأخرى غنية وثرية، ذهب وياقوت ومعادن وماس ومحاجر وغاز وفلوس بالمليارات، لكن القضية في استخدام هذه الثروات التى تُوصف بـ "التائهة" بحسب خبراء، الأرقام تقول إن مصر تملك 120 منجم ذهب و53 منجم معادن و1727 محجرًا، وتُدر 88 مليار دولار دخلًا كل 6 أشهر، خبراء من جانبهم رأوا أن أزمة هذا الملف أنه لا توجد به شفافية، وماليون قالوا إن اقتصاد الدولة في الغالب يدار بعشوائية في ظل أرقام ومؤشرات فقر متصاعدة ومخيفة.
كشف الموقع الرسمى لوزارة التنمية المحلية أن عدد المحاجر فى مصر حتى عام 2008 بلغ 1727 محجرًا، بها خامات "حجر جيرى – بازلت – رمل – زلط – كسر جرانيت – رخام أبيض – جبس - طفلة "، بينما بلغ عدد المناجم حتى عام 2008 إلى 53 منجما بها خامات "فوسفات – أكسيد حديد – تلك – فحم حجرى – غاز طبيعى " تتواجد هذه المناجم فى محافظتى أسوان بها 47 منجمًا بها خامات "الفوسفات - أكسيد الحديد - تلك - باريت - كاولين - كواترز - ميكا - فلسبار " ومحافظة الوادى الجديد بها 6 مناجم لاستخراج أكسيد الحديد.
وأكد تقرير اقتصادي حديث أن عدد مناجم الذهب القديمة فى مصر بلغت 120 منجما أغلبها لا تعمل لأسباب اقتصادية، وأن قطاع المحاجر والمناجم يمكن أن يدر لمصر سنويا ما بين 100 إلى 150 مليار جنيه، وأن أهم المناجم فى مصر هو منجم السكرى الذى بدأ التنقيب فيه منذ عام 1994، والذى بلغ دخل الدولة منه فى 4 سنوات مضت 60 مليون دولار، وأن 86% من صادرات مصر من الذهب تذهب لدولة كندا وقدرت بمبلغ وصل إلى 524 مليون دولار.
وكشف المهندس سامى الراجحى، رئيس منجم ذهب السكرى، أن صناعة التعدين فى مصر تدر دخلا يقدر بـ 88 مليار دولار كل 6 أشهر، أى 176 مليار دولار سنويا، لافتا إلى أن الأمر قد يكون المخرج الوحيد للاقتصاد المصرى في أزمته الراهنة، مؤكدا أن الحكومة حصلت على 2 مليار دولار من منجم السكرى.
وأكد الراجحى أنهم حين بدءوا استخراج الذهب من السكرى، استخرجوا 100 ألف أوقية فى البداية ثم زادت سنويا حتى أصبح حجم الاستخراج منه 600 ألف أوقية ذهب فى العام، موضحا أن المنجم به احتياطى يكفى 25 عاما لأنهم أحد أكبر 10 مناجم فى العالم، مضيفا أن هناك مناجم أخرى غير السكرى لإنتاج الذهب.
ولفت إلى أنه يوجد منجم حمش لاستخراج الذهب، على اسم شركة حمش التى تستخرج منه الذهب بالصحراء الشرقية جنوب غرب مدينة مرسى علم، وأنتجت الشركة منه أول سبيكة فى 2007.
وأيضا منطقة وادى العلاقى والتى تقع على بعد 25 كيلو من جنوب شرق أسوان تقوم شركة سويسرية بالبحث عن الذهب والنحاس به، هذا بالإضافة إلى وجود 9 مناطق أخرى للبحث عن الذهب والمعادن بها موجودة بالصحراء الشرقية والغربية.
فيما رأى المستشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادى، أن عدد المناجم فى مصر تصل إلى 4500 آلاف منجم بمختلف أنواعها، وأن مصر ثالث دولة فى الثروة المحجرية والمعدنية، وتابع: "لدينا فوسفات وذهب وفلسبار وغيرها"، مضيفا أننا كنا نقول أن القيمة الاقتصادية لتكلفة الاستخراج أعلى من قيمة السوق، ولكن حاليا مع التطور التكنولوجى أصبح استخراجها أسهل وأرخص، والمشكلة فى العقلية التى تدير هذه الموارد فى مصر.
وأكد خزيم، أن الصناعات الاستخراجية هى أسرع الطرق لسد عجز الموازنة، وتوفير عوائد للدولة، وتابع: "لذا لا بد أن نبحث عن كيفية إدارة موارد الدولة"، موضحا أن المثلث الذهبى سفاجا القصير كان يجب أن يوضع على الخريطة كمشروع تنموى لتوجيه الموازنة العامة للدولة، ولا يتم استهلاكها عبر الوزارات لأنها لا بد أن تكون موازنة استثمارية حتى نستطيع سداد القروض، مضيفا أن الدولة لا تفكر فى التنمية والقيمة المضافة.
أضاف خزيم، أن المشكلة الحقيقية تكمن فى سوء استخدام ومعرفة موارد مصر الحقيقية وكيفية إيجاد تكلفة الفرصة البديلة للعوائد الموجودة على أرض مصر، مضيفا أن مصر بلد غنية وليست فقيرة فهى تملك 238 مليون فدان فلا يجب أن تستورد بـ 32 مليار جنيه غذاء، مشكلتنا بحسب خزيم، العقم فى إدارة الموارد الموجودة من موارد طبيعية، مؤكدا لدينا 92% فى أرض مصر فارغة، وتعداد السكان به 60% من المواطنين تحت سن الأربعين طاقة قوة عاملة وهم 29 مليون مواطن فى سن العمل، ولدينا 2.2 تريليون جنيه مدخرات المصريين وضعتها الحكومة فى أذون الخزانة، في الوقت نفسه تعد مصر من إحدى الدول المهمة فى جنوب أفريقيا ولكن القائمين على الاقتصاد فيها يتعاملون معه كأنه أرقام حسابية.
وقال الدكتور مجدى عبدالفتاح، مدير مركز البيت العربى للبحوث والدراسات الاستراتيجية: إن مصر بها مشكلة نقص وغياب البيانات وهو غياب متعمد من سنوات وصل إلى أن الدولة ذاتها لا تمتلك قاعدة بيانات حقيقية فى كل شيء سواء اقتصاديا أو مرضيا أو أحصائيا، مضيفا أننا لو ذهبنا إلى هيئة تدير أحد هذه المناجم فى مصر وسألناها عن معدلات الاستخراج سنويا، وعمر المنجم الافتراضى، وكيفية تطويره، ومعدل الدخل السنوى، فلن نجد أيًّا من هذه البيانات.
أضاف عبدالفتاح، في المقابل ارتفاع نسبة الفقر، مشددا على ضرورة وجود عدالة توزيع، قائلا: "مصر بها غياب لعدالة التوزيع، وهذا ظهر عندما وصلت مصر لمعدل نمو فى عامى 2008 و2009 الى 8.9%، ورغم ذلك قامت ثورة يناير نتيجة غياب عدالة التوزيع، واستمرار تصاعد مؤشر الفقر.
وأكد الدكتور جمال صيام، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الفقر فى مصر مرتبط بأشياء كثيرة، وأن الموارد الطبيعية كالمناجم وغيرها هى ثوابت مرئية يتم إهدارها بدون معرفة بيانات عنها، وأين يذهب خيراتها، فالذهب مثلا يذهب لكندا خام ليرجع مصر بأغلى الأسعار مصنعا، وشركات البترول تحصل على نصف المستخرج من باطن الأرض من بترول، وأيضا الذهب نحصل منه على نصف المستخرج فقط، ومع ذلك النصف المتبقى ليس بقليل لكن أين ذهب؟، موضحا أن الشعب المصرى لا يحصل على أى من هذه الثروات الهائلة، متسائلا هل هذه الخيرات تدخل ميزانية الدولة أم تذهب للكبار من رجال الأعمال ومافيا الفساد فى مصر؟ ومن المستفيد النهائى منها؟
أضاف صيام، أن غياب الشفافية فى بيانات المناجم فى مصر يؤكد وجود شبهة فساد، متسائلا عن تبعية هذه المناجم، هل تابعة لوزارة التنمية المحلية أم للبترول أم للصناعة، وهنا الكارثة تتضاعف.