لن أتحدث اليوم عن التنظيم الإرهابى الموجود بسيناء، ولا عن مشكلة الأقباط الآن هناك، ولا عن الفيديو الأخير الذى ظهر فيه محمود شفيق مهددا القاهرة بالانتحاريين والمفخخات، لكننى سأتحدث عن حلول غير تقليدية للمشكلة والحرب الدائرة هناك.
دعونا نؤكد أولًا أن الخط البيانى للعمليات الإرهابية فى سيناء لصالحنا، لذا فقد لجأ الإرهابيون إلى المرحلة الثالثة من عملياتهم، وهى استهداف عنصر الأمة الثاني، إلا أن استمرار هذا التنظيم حتى الآن، وقدرته على تجنيد عناصر جديدة يؤكد أن هناك شيئا خاطئا.
أول شيء غلط، هو الكمائن، فتحويلها إلى متحركة، ووضع كاميرات فى كل الأماكن والشوارع الحساسة، وفى أماكن الارتكازات، والأماكن المرجح الهجوم عليها، هو أمر واجب، وليس صعبًا على دولة بحجم مصر، تستطيع بسهولة، أن تقوم بتركيب كاميرات فى كل مكان محتمل الهجوم عليه، وغرف مراقبة، للكاميرات التى ستتبع خط سير المهاجمين مركزيًا، وإيصالها لقوات تدخل سريع جاهزة طول اليوم، حتى يعلم المسلح أن هجوما معناه اشتباك مستمر مع الجيش والوقوع فى المصيدة.
لعل قائل يقول، سيقومون بتخريب الكاميرات، وأعتقد أن هناك حلولا إلكترونية وتكنولوجية كثيرًا لهذه المسألة.
كما أنه من المؤكد أن هناك خلايا إرهابية نسوية الآن فى سيناء، وأنه أصبح لها دور كبير جدًا فى كل العمليات الأخيرة، فهن من يزرعن العبوات الناسفة، ولو تخيلنا أننا أمام كمين الريسة بالعريش، فلماذا لا تقف شابة من الخدمات الطبية فى مستشفى العريش العسكرى على بعد خطوات من الكمين، وتقوم بتفتيش أى امرأة فى غرفة منفصلة بكل احترام وإنسانية، مع العلم أن تفتيش النساء بالشكل الاعتيادى الذى يحدث يثير البدو، وأهالى سيناء بشكل كبير، ويستغله الإرهابيون فى التجنيد وإثارة الشباب على الجيش.
يقول كل الضباط الذين خدموا فى سيناء، إن المشكلة أن الإرهابيين يعيشون فى عقارات وسط الأهالى، فهل من الصعوبة أن نقوم بعملية تسجيل إلكترونى للعقار، والسكان فى كل عقار بالعريش، وتفعيل قانون التسجيل، والتملك للحيازات المستقرة فى داخل كردون المدن بموجب بطاقة الرقم القومى كإثبات، ما يسهم فى التضييق على تحركات المسلحين داخل مدن شمال سيناء.
لماذا تغلق الشوارع فى رفح والعريش والشيخ زويد بهذا الشكل؟! لماذا لا تفتح الشوارع كلها فى قلب العريش للحياة الطبيعية، وإزالة الحواجز تمامًا، مع ربطها بالدائرة المغلقة لكاميرات المراقبة؟!
أين منظمات المجتمع المدني؟ وأين الفنانون والممثلون الذين تم اختيارهم سفراء للنوايا الحسنة؟ وأين الجمعيات الخيرية؟ بل وأين حتى السلفيون الذين يدعون أنهم يحرصون على فعل الخير؟ لماذا كل هؤلاء لا يعلنون عن حملة لرفع الضرر عن أهالى سيناء، وما جرى لهم حتى الآن، بشكل منهجى، يشترك فيها المجتمع المدنى من القاهرة وسيناء، مع الحكومة، والجيش، وبتنسيق مع موظفى المحافظة.
وبعد الحوار الإيجابى مع قادة حماس، وبعد إعلانهم عن دعمهم لمصر لمواجهة داعش، لماذا لا يتم فتح معبر رفح بشكل اعتيادى، والسماح بعبور الأفراد، والبضائع، مع تعديل فى ملحق اتفاقية المعابر، لاستخدام معبر رفح للبضائع.
هل قام المحافظ بمحاسبة أى تجاوزات داخل المحليات، وداخل أقسام الشرطة، فيما يخص التعذيب، أو التربح، أو الفساد، بشفافية تامة، مهما كانت الحقيقة مرعبة، وخطيرة، ومرة؟ لأن الجهاز التنفيذى، يقوم بجرائم حقيقية من الفساد، ويستغل هذه الظروف، بما يساوى جريمة الخيانة العظمى!
أين التنمية؟!
سيناء كلها ٥٠٠ ألف نسمة بالوافدين، وشبرا يسكنها ٥ ملايين، وسيناء أكبر من كل محافظات الدلتا ٣ مرات، وأنفق فيها منذ عام ١٩٩٤، ١٨٠ مليار جنيه.. ورغم ذلك لا توجد مياه ولا كهرباء، ولا رفاهيات، فأين هذه المليارات؟!
من المسئول عن تنمية سيناء؟ إذا كانت التنمية هى حل لمشكلة الإرهاب، بل ولمشاكل مصر كلها؟
من أول محافظ شمال، إلى السكرتارية، ورؤساء الأحياء، وأعضاء مجلس إدارة تنمية سيناء، ومندوبى الوزارات، وأغلب ممثلى الجهاز الإدارى للمحافظة، كلهم لواءات سابقون، حوالى ٣٥ لواءً، لكل واحد فيهم سيارة، وسائق، و٢ من الحراسة، واستراحة، وفواتير تليفونات مدفوعة، وأجر يزيد على ٢٠ ألف جنيه شهريًا، ومكافآت، ومعاشات، والمحصلة النهائية صفر كبير فى التنمية، وغضب مقابل من أهالى سيناء الحزينة، الذين أنفق كما هو مكتوب فى الورق ١٨٠ مليار جنيه، ولم يبن مستشفى جيدا يعالجون به.
هذه هى المشكلة، وحلولها سهلة وبسيطة، ولو تأخرنا قليلًا، فلا نلوم إلا أنفسنا، حينما ينتقل داعش من شمال سيناء إلى وسطها، ثم إلى جنوبها، وسيكون هذا بأيدينا، ونتيجة سكوتنا وتبريرنا.