القلق يتصاعد ويتضاعف بعد سن التقاعد، هموم بلا سقف تواجه عواجيز الحكومة بعد الخروج من الخدمة، معاشات رمزية ومعاناة في الخدمات العلاجية، وتكشف التقارير أن "موظف المعاش" يتقاضى خُمس ما كان يتقاضاه في الخدمة، ورأى خبراء أن العيب تشريعي وليس تنفيذيًا، وأن القانون القديم صدر عام 75 ولم يُعدل، ولفتوا إلى أن ضعف الراتب سببه انخفاض الحدين الأدنى والأقصى للاشتراك التأمينى واحتساب المعاش على متوسط آخر خمس سنوات.
عبدالغنى نور، عامل على المعاش، كان يعمل فى إحدى شركات الإنتاج الحربى حتى وصل إلى عامل في الدرجة الأولى ويتقاضى 4 آلاف جنيه شهريًا وبعد أن تمت إحالته للمعاش في عام 2003 أصبح يتقاضى معاشًا وقدره 800 جنيه، متسائلًا: كيف بعد أن تعودت على معيشة أنا وأولادي الخمسة أن أتقاضى خُمس ما كنت أتقاضاه؟ وكيف أعيش بهذا المبلغ؟ لماذا يحكم علينا بالقتل بعد الستين كخيل الحكومة؟.
بينما سيد عبدالعال، كان يعمل موظفًا فى شركة الحديد والصلب، يؤكد أنه كان يتقاضى قبل خروجه على المعاش 5 آلاف جنيه وبعد أن خرج تقاضى 1050 جنيهًا بعد المعاش، مضيفًا أنه مصاب بأمراض السكر والضغط وبعض أمراض القلب ويصرف أكثر من 300 جنيه شهريًا على العلاج هذا بخلاف الكشف عند الأطباء، متسائلًا: هل بعد ارتفاع الأسعار فى هذه الأيام سيكفى هذا المبلغ فى أن أعيش أنا وأبنائي الأربعة؟، مؤكدًا أنه بعد خروجه على المعاش بحث عن عمل آخر إلى أن وجد عملًا فى مكتب محامٍ كبير فى القاهرة حتى ينفق على أسرته إلا أنه لم يتحمل العمل، فتركه بعد أقل من شهر ثم خرج أحد أبنائه من الثانوية العامة ليعمل ويساعد في الإنفاق على الأسرة.
على كلٍ، هذا هو حال كل أصحاب المعاشات في مصر، يعانون الأمرين، يظل الموظف فى وظيفته يعمل خادمًا للدولة ينتظر علاوة جديدة أو مكافأة حتى يزيد راتبه ليستطيع سد حاجة المعيشة التي أصبحت لا تطاق من زيادة الأسعار، وفجأة يصل لسن المعاش وبدلًا من تكريمه في نهاية خدمته تتم إهانته بمعاش شهري يصل إلى الربع أو الخُمس تقريبًا مما كان يتقاضاه.
طلال شكر، نائب رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، رأى أن المشكلة تتمثل في أن مبلغ الموظف المؤمن به عليه أقل من الأجر الحقيقي الذى يتقاضاه، فالأجر ينقسم إلى قسمين الأول الأجر الأساسي والثاني المتغير، والحد الأقصى للأجر الأساسي المؤمن عليه هو 1120 جنيهًا والحد الأقصى للأجر المتغير المؤمن عليه هو 2110 جنيهات يزيد كل عام المتغير 15% والأساسي 10%، موضحًا أن السبب الأساسي فى تدنى المعاشات هو عدم التأمين على كامل الأجور الأساسية والمتغيرة، إضافة إلى أن الأجور أصلًا ضعيفة، فهناك كثيرون أجورهم متدنية إضافة إلى أن هناك بعض أصحاب الأعمال يتهربون من التأمين على كامل الأجور.
أضاف شكر، أن السبب الأساسي ان المعاش لا يتناسب مع الأجر الذى كان يتقاضاه الموظف هو أن الحد الأقصى لا يتم فتحه لكن فى القانون الجدير سيراعى فتح الحد الاقصى للأجور المؤمن عليها،بدلا من أن كان قليلا حتى يقترب من الأجر الحقيقي حتى إذا خرج الإنسان على المعاش يأخذ راتبًا قريبًا من الأجر الحقيقي الذى كان يتقاضاه، موضحًا أن القانون الجديد على وشك الانتهاء منه فى البرلمان، مشيرًا الى أن القانون القديم كان يحسب المتوسط على آخر خمس سنوات للموظف وهذا من اوجه الظلم الموجودة حاليا لأن الناتج يكون المتوسط قليلًا، ونحن طالبنا بأن يكون المتوسط على آخر عامين أو آخر عام فقط وسنطرح هذا وسنضغط فى وسائل الإعلام حتى يصبح هذا التعديل في القانون الجديد لأنه لو خرج كالقديم ستصبح كارثة.
تابع شكر، أنه من يوليو الماضي أصبح الحد الأدنى للمعاشات 500 جنيه ومن قبل كان هناك من يتقاضى 80 جنيهًا معاشًا شهريًا، نظرا لدخولهم القليلة، مضيفًا أن المعاش الكامل أن يؤمن على الموظف 36 عامًا ويتم ضرب هذه السنوات في 100 ثم تضرب فى 1/45 لتعطى 80% من متوسط الدخل ويتم احتساب الأجر المتغير وحده والأجر الأساسي وحده ثم يتم جمع الأجرين على بعض، مطالبًا ان يكون حساب المتوسط على آخر عام أو عامين على أقصى تقدير.
من جهته قال إبراهيم أبو العطا، الأمين العام للنقابة العامة لأصحاب المعاشات، ان لدينا قانون للتأمينات صدر عام 1975 ويعمل به حتى اليوم، وكان هذا القانون حسب ظروف الموظفين المعيشية عام 75، فالموظف الذى يتقاضى 5 آلاف جنيه يتم الاشتراك له في التأمينات على 2000 جنيه فقط، فمعاشه يأخذه بناء على هذا المبلغ فهو مثل الجمعية التى تتقاضى منها المبلغ بناء على القسط الذى تدفعه فيها وهذا هو السبب في تدنى المعاشات أن التأمينات كانت على أجور غير حقيقية والأسوأ من ذلك العاملين بالقطاع الخاص والمشكلة ان الموظف لا يدفع اشتراكًا تأمينيًا على كل الدخل ولكن يدفع على قيمة معينة بالراتب ولها حد أقصى وحتى عام 2010 كان الحد الأقصى الذى يدفع عليه التأمينات 3200 جنيه فى إجماليه يأخذ الموظف المعاش على 80% من قيمة ما اشترك عليه الموظف بحد اقصى.
أوضح ابو العطا، أن الموظف الذى قضى 36 عامًا في وظيفته يتم احتساب كل عام بـ 2.5% فيصبح النتيجة النهائية 80% بحد اقصى من قيمة الأجر الذى يتقاضاه، مضيفًا أننا في القانون الجديد طالبنا بأن يكون الحد الأقصى للاشتراك 6 آلاف جنيه والزيادة السنوية بمعدل 15% وما يهمنا اكثر هو الحد الأدنى وهو حاليا 190 جنيهًا وسيصبح 600 جنيه على أقصى تقدير، موضحًا أن العيب هو عيب تشريعي وليس تنفيذي وان كل مشاكلنا كنقابة فى التشريعات التى بها عوار شديد وموجودة منذ عشرات السنين من ضمنها أن الشركة المخالفة والتي لا تؤمن على الموظف تدفع واحد جنيه غرامة وبالتالي يلجأ صاحب العمل ان يدفع الغرامة ولا يؤمن على العمال.تابع أبو العطا، أننا تقدمنا بطلب لرئيس الجمهورية فى شهر نوفمبر الحالي طالبنا فيها بعلاوة استثنائية فى يناير لمواجهة الظروف الاقتصادية الحالية كما تم عمل معاشات تكافل وكرامة، مضيفا أننا طالبنا فى القانون الجديد بأن يكون اشتراك الموظف التأمينى لا يقل عن 20 عامًا، موضحًا اننا لدينا صنفين الآن طالبنا بهم اولها الموجودين على المعاش حاليا بان يتم تحسين معاشه من خلال علاوات استثنائية تصرف له، والصنف الثاني وهم الموظفين الذين سيحالون على المعاش فيما بعد لا بد وأن يتم فى التشريع الجديد رفع اشتراكه التأمينى حتى يتقاضى معاش يكفيه ولا يشعر بفجوة كبيرة بين ما كان يتقاضاه وبين المعاش.
بينما أشرف الليثي، الخبير فى التنظيم والإدارة، قال إن جميع الموظفين يتقاضون دخولهم التي تتمثل فى الأجور الثابتة والمتغيرة والتي تشمل كل المزايا المالية، وذلك خلال وجودهم على رأس العمل ولكن عند الإحالة للمعاش يتوقف منح المزايا المالية التي تتمثل فى الأجور المتغيرة مثل الحوافز والمكافآت والبدلات وهى التي تكون سبب رفع الدخل الشهري خلال العمل الوظيفي وانخفاضه بعد الإحالة للمعاش.
وأضاف الليثي، أن الموضوع يحتاج إلى تعديل تشريعي لقانون التأمينات والمعاشات لأن الحديث عن قانون الخدمة المدنية لا يعالج هذه المسألة بشكل واضح، خاصة أنه لن يطبق على جميع العاملين بالدولة وأن مفهوم الأجر الوظيفي والأجر المكمل لم يغير من الأمر شيئًا بالنسبة لمن تم إحالتهم للمعاش خلال الفترة من بداية تطبيقه خلال مارس 2015 وحتى يناير 2016.