الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بعد 66 عامًا.. كاتب إسرائيلي يعترف: قرار تقسيم فلسطين "ظالم"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مثل هذا اليوم - وتحديدًا 29 نوفمبر عام 1947، أي منذ 66 عامًا - صدر القرار رقم 181 من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، والذي منح 55% من الأراضي الفلسطينية للكيان الإسرائيلي، وذلك بعد موافقة 33 دولة، ورفض 13 أخرى وامتناع 10 دول عن التصويت، وكان القرار بداية تأسيس الكيان الصهيوني في الأراضي العربية، عبر تفعيل توصيات تقرير لجنة "بيل" عام 1937، ولجنة "وودهد" في 1938، والتي تركزت على تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية، مع تحديد منطقة دولية حول القدس، فبعد الحرب العالمية الثانية، وتأسيس الأمم المتحدة بديلا عن عصبة الأمم، طالبت الأمم المتحدة بإعادة النظر في صكوك الانتداب التي منحتها عصبة الأمم للإمبراطوريات الأوروبية، واعتبرت حالة الانتداب البريطاني على فلسطين، من أكثر القضايا تعقيدًا وأهمية، لذا أخذت في طرح فكرة التقسيم على الأعضاء، بعد سنوات قليلة على تأسيس المنظمة الأممية.

"رون بونداك"، رئيس منتدى منظمات السلام الإسرائيلي، يكشف في مقال بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الجمعة، الظروف والملابسات المحيطة بهذا القرار، وكيف استطاع "بن جوريون" التأثير على أعضاء الأمم المتحدة لتمرير القرار، مستغلاً العلاقة السابقة، وتأييد الحاج أمين الحسيني - الذي كان على رأس الوفد الفلسطيني بالأمم المتحدة - للنظام النازي في ألمانيا، ويبدأ "بونداك" مقاله برسالة بعث بها "ديفيد بن جوريون" إلى زوجته، قبيل القرار بشهرين، وتحديدًا في سبتمبر 1947، قال فيها: "تلقّينا أمس فقط التقرير الكامل للجنة"، ويقصد تقرير لجنة التحقيق عن الأمم المتحدة، مضيفًا: "يمكننا أن نقول بتحفظ، هذا انتصار دون طبول حرب".

وكشف رئيس منتدى منظمات السلام الإسرائيلي، أن الأجواء التي لحقت رسالة "بن جوريون" إلى زوجته، وحتى إعلان الأمم المتحدة لقرار التقسيم، "كادت أن تؤدّي إلى رفض الإسرائيليين أنفسهم للقرار، وذلك نتيجة الاختلافات السياسية والأيديولوجية بين اليهود أنفسهم داخل الأمم المتحدة"، ولفت "بونداك" إلى أن معظم الكتل السياسية الصهيونية في هذا الوقت، عارضت فكر "اليمين البيتاري"، الذي كان يقف ضد قرار التقسيم، لأن فكر "البيتاريين الجيبوتنسكيين" يؤمن بأرض إسرائيل كاملة - تضمّ ضفتي نهر الأردن - على أن تكون خالصة لليهود فقط، وهو ما عارضه من أطلق عليهم "مؤيدو إسرائيل الكاملة"، مثل: أعضاء منظمات "ماباي"، و"بريت شالوم"، وبعض الأدباء، وعلى رأسهم "مارتن بوبر"، و"يهود ماجنس"، الذين أعلنوا تأييدهم لفكرة الدولة "ثنائية القومية"، من اليهود والعرب.

رئيس منتدى منظمات السلام الإسرائيلي، قال إن "بن جوريون" نفسه كان مؤمنًا بفكر اليمين "البيتاري"، لكنه اكتشف الفرق بين الحلم والواقع، وعمل بما تفرضه السياسة الواقعية، التي تقول إنه من الأفضل إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في بلاد إسرائيل، حتى وإن لم يكن في كل أراضيها"، وأشار "بونداك" في مقاله، إلى كلمة "بن جوريون" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي عبر فيها عن حزنه العميق لعدم إعلان قيام دولة إسرائيل قبل مذبحة النازي، وقال نصًا: "أطلب منكم سادتي، أن تتخيلوا للحظة واحدة، لو أنه قبيل اندلاع الحرب الأخيرة، كان يتواجد 2 أو3 ملايين يهودي في الدولة اليهودية لبلاد إسرائيل"، وهنا يعلق الكاتب على أنه حاول التأثير على أعضاء اللجنة - التي جاءت بتقرير يوجب إصدار "قرار التقسيم" - موضحا أن جريمة النازي يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي، الذي لم يحقّق للشعب اليهودي دولة قومية، لذلك ظل في شتاته مستباحا".

من ناحية أخرى، يرى رئيس منتدى منظمات السلام الإسرائيلي، أن الحاج أمين الحسيني - الذي كان على رأس الوفد الفلسطيني بالأمم المتحدة، وأشد المعارضين للصهيونية - يتحمل مسؤولية قرار التقسيم أيضًا، وذلك بسبب تأييده السابق للنظام النازي، مما جعل المنظمة الأممية لا تتعاطف مع المعارضة الفلسطينية، وأقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة القرار رقم 181، الذي قضى بتقسيم البلاد إلى دولة يهودية ودولة عربية، وحدّد القرار حدود الدولة اليهودية على نحو 55% من أراضي فلسطين التاريخية، أما العرب فقد أعطى لهم نحو 45% فقط"، والمفاجأة هنا، أن "بونداك" اعتبر القرار: "غير متوازن إقليميًا، بل وربما لم يكن عادلا، فحجم السكان الفلسطينيين كان ضعف حجم السكان اليهود، وكان هناك من ينادون بحق العرب في ثلثي مساحة أرض فلسطين التاريخية، وربما يقول المنطق بمناصفة التقسيم، ولكن ضمير العالم - ما بعد الحرب العالمية الثانية - الذي تعاطف مع اليهود بسبب مجزرة النازي، منح اليهود أراضٍ أكثر".

ولفت "بونداك" إلى أن "قرار التقسيم قضى بأن تكون القدس كاملة، وبيت لحم منطقة منفصلة تحت سيادة دولية، وليست تحت سيادة عربية أو إسرائيلية"، مؤكدًا أن اليهود استقبلوا قرار التقسيم - رغم أنه غير متناسب مع طموحاتهم في كامل أرض إسرائيل - بفرح كبير، بسبب الشرعية السياسية والقانونية الممنوحة لهم لإقامة الدولة، رغم أن مندوبي اليهود في المنظمة، أعلنوا أسفهم على القرار، وشدّدوا على أنهم استجابوا له من أجل إحلال السلام، أما في الطرف العربي فعارض بقوة، وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تحول إلى حرب حقيقية مع رحيل الجيش البريطاني بعد نحو خمسة أشهر من إعلان إقامة دولة إسرائيل في مايو 1948.

وأشار رئيس منتدى منظمات السلام الإسرائيلي، إلى أن الشهر الذي شهد صدور قرار التقسيم، يضم 5 أحداث تاريخية مفصلية أثرت على شكل الصراع العربي الإسرائيلي، ففي 2 نوفمبر 1917، جاء تصريح "بلفور"، الذي أكد لأول مرة على الساحة الدولية، حق الشعب اليهودي في وطن قومي، وفي 22 نوفمبر 1967، أعلن مجلس الأمن في الأمم المتحدة قرار 242، القائم على مبدأ الأرض مقابل السلام على أساس حدود 67، وفي 15 نوفمبر 1988 قرر المجلس الوطني الفلسطيني - في دورته المنعقدة بالجزائر - التخلّي عن فكرة الدولة على كل أرض فلسطين، وتبني فكرة الدولتين للشعبين، وفي 19 نوفمبر 1977 هبطت في إسرائيل طائرة الرئيس المصري أنور السادات، وبدأت الرحلة التي أدت إلى اتفاق السلام مع مصر، أما في 4 نوفمبر 1995، تمّ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي "إسحاق رابين"، بسبب قراره الشجاع بإغلاق الدائرة التي بدأت في 29 نوفمبر 1947، وإنهاء النزاع الاسرائيلي – العربي، بخطوة تؤدّي إلى إقامة دولتين للشعبين، وهنا يؤكد "بونداك" أن إسرائيل تفتقد "رابين" في هذه المرحلة، واصفًا إياه بالشجاع الذي كان يقود الدولة بالطريقة التي تخدم مصالحها، وكان يسلك الطريق المؤدّي إلى "إقامة دولة فلسطينية على 22% من الأرض، إلى جانب دولة إسرائيل التي تسيطر على 78% من الأرض، أي على أساس تقسيم جديد يقوم على حدود 67، وليس على أساس خريطة فلسطين التاريخية".