مشروع القانون الذى يعطى رجب طيب أردوغان سلطات واسعة ليحكم تركيا على أساس نظام رئاسى تنفيذى لم يحصل على غالبية الثلثين المطلوبة للموافقة عليه فى البرلمان، إلا أن «السلطان» أردوغان وقّعه، وسيكون موضوع استفتاء فى ١٦ إبريل المقبل.
مع كتم نفس الصحافة، وقمع المعارضة، وتشريد أركان الجيش والشرطة والقضاء أو سجنهم، أجد أن الاستفتاء سينتهى بالموافقة ليتمكن أردوغان من حكم تركيا حتى سنة ٢٠٢٩.
أريد قبل أن أكمل، أن أسجل أن موقف أردوغان ضد الجيش التركى بعد محاولة الانقلاب فى «يوليو» الماضى أضعف الجيش كثيرًا، ومئات من كبار الضباط طردوا أو فى السجن، وإلى درجة أن القوات التركية لا تستطيع اقتحام بلدة الباب السورية، على الرغم من أن رجال الحكم كذبوا وهم يتحدثون عن «تحرير» البلدة، الأخبار من ساحة القتال تؤكد أن الإرهابيين لا يزالون فى وسط البلدة، وأنهم صدّوا هجمات عدة للقوات التركية، كيف حدث هذا؟ بعض الخبراء يقولون إن الهجوم لم يُخطط له جيدًا، وبعض آخر يقول إن خطوط تموين القوات التركية من الحدود إلى الباب لم تؤمن أو من دون حماية.
أعود إلى الاستفتاء، فهو سيلغى منصب رئيس الوزراء، ويعطى الرئيس سلطات تشمل السيطرة على القضاء، وهذا مع حق أى ناخب تركى فى الثامنة عشرة أو أكثر فى دخول البرلمان الذى سيزداد عدد أعضائه، الرئيس سيكون قادرًا على حل البرلمان، إلا أن لدى البرلمان حق أن يطالب بانتخابات رئاسية جديدة.
باختصار، تركيا أردوغان لن تكون دولة ديموقراطية، لذلك الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى سيتحول من صعب إلى مستحيل، والدول الأعضاء أخرت مرة بعد مرة النظر فى طلب تركيا للانضمام.
هناك ٥٥ مليون ناخب فى تركيا، وثلاثة ملايين فى الخارج، منهم كثيرون فى دول أوروبا الغربية، مثل ألمانيا، والمعارضة التركية لا تزال تأمل بمعجزة تنتهى بالتصويت ضد أردوغان وحزب التنمية والعدالة، إلا أننى أجد ذلك صعبًا مع أننى أرجو أن يحصل.
رئيس حزب الشعب المعارض «كمال كيليجدار أوغلو»، تحدث عن الصعوبات التى وضعتها حكومة أردوغان فى وجه المعارضة من سياسية وإعلامية وغيرها، لضمان الموافقة على مشروع القانون الذى يتألف من ١٨ مادة مجموعها يعنى أن يعود إلى الحكم فى تركيا «سلطان» يقود البلاد كما يشاء، رئيس المعارضة لم يستبعد حصول «معجزة» خلال التصويت، إلا أن هذا حلم وليس واقعًا، بعد محاولة الانقلاب الفاشل قمع أردوغان أحزاب المعارضة المؤيدة للأكراد، وبعض أركانها فى السجن الآن، وشن حربا على حزب العمال الكردستانى الذى رد بعمليات إرهابية أدينها، دخول العسكر التركى سورية استعمار جديد، لا بد أن يرتد على تركيا. كل ما سبق لا يمنع «السلطان» أردوغان من الاستمرار فى محاولة إقامة دولة عثمانية جديدة، ولتحقيق الهدف كل الوسائل متاحة من دون خجل أو وجل. كان أردوغان بعد الهجوم على مجلة «شارلى إيبدو» الساخرة فى فرنسا سنة ٢٠١٥، حذر من أن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام ستطلق حملة تخويف من الإسلام يدفع ثمنها مسلمون أبرياء، أردوغان نفسه وأعضاء حكومته يمنعون اليوم أى كلام ضد الرئيس دونالد ترامب، حتى بعد منع اللاجئين من سبع دول مسلمة من دخول الولايات المتحدة، ونقض المحاكم الأميركية نفسها القرار الرئاسى لأنه يخالف نص الدستور وروحه والقانون الأميركي، أردوغان يريد ترامب إلى جانبه بأى ثمن.
بكلام آخر، أردوغان يعترض على مجلة ساخرة ولكن يسمح لترامب بقمع المسلمين.
نقلا عن «الحياة» اللندنية