الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

مصطفى وعلي أمين.. توأمان صاحبة الجلالة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعتبر فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي فترة نهضة فكرية وثقافية في مصر؛ ما دفع البعض أن يطلق على هذه الفترة "العصر الذهبي لمصر"، إذ شهدت طفرة في كل المجالات سواء في الفن أو الفكر أو الطب والإعلام؛ ومثلما كان طه حسين ورياض السنباطي وعبدالوهاب رواد فيما يخص الفن والثقافة والفكر، كان التوأمان مصطفى وعلي أمين خير مجددين في مجال الصحافة المصرية.
ولد التوأمان مصطفى وعلي أمين بحي السيدة زينب عام 1914، واعتبرهما باحثو الإعلام في الجامعات المصرية عملاقا الصحافة وأبرز أعلامها فى القرن العشرين، حيث أسسا مجلة آخر ساعة، وأنشآ مؤسسة أخبار اليوم الصحفية، وتوليا رئاسة العديد من الصحف والمجلات منها الأخبار وأخبار اليوم وآخر ساعة والإثنين والجيل.
كان والدهما أمين أبو يوسف محاميًا كبيرًا، أما والدتهما فهي ابنة أخت الزعيم سعد زغلول، ومن هنا انعكست الحياة السياسة بشكل كبير على حياة الطفلين، حيث نشآ وترعرعا في بيت زعيم الأمة.
سافر مصطفى أمين إلى أمريكا لإكمال دراسته، فالتحق بجامعة جورج تاون، ودرس العلوم السياسية، وحصل على درجة الماجيستير في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف الأولى عام 1938، ثم عاد إلى مصر وعمل كمدرس لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية لمدة أربع سنوات.
كانت الصحافة هي العشق الأول لمصطفى أمين وكذلك شقيقه، وبدآ العمل بها مبكرًا، وذلك عندما قدما معًا مجلة "الحقوق" في سن الثماني سنوات، والتي اختصت بنشر أخبار البيت، تلا ذلك إصدارهما لمجلة "التلميذ" عام 1928، وقاما فيها بمهاجمة الحكومة وانتقاد سياساتها، فما لبثت أن تم تعطيل إصدارها، أعقبها صدور مجلة "الأقلام" والتي لم تكن أوفر حظًا من سابقتها حيث تم إغلاقها أيضًا.
انضم مصطفى للعمل بمجلة "روز اليوسف"، وبعدها بعام تم تعيينه نائبًا لرئيس تحريرها وهو ما يزال طالبًا في المرحلة الثانوية، وحقق الكثير من التألق في عالم الصحافة، ثم انتقل للعمل بمجلة "آخر ساعة" والتي أسسها محمد التابعي، وكان مصطفى أمين هو من اختار لها هذا الاسم.
كان مصطفى أمين صحفيًا بارعًا يعشق مهنته يتصيد الأخبار ويحملها للمجلة، يتمتع بقدر كبير من الإصرار والمثابرة، ويسعى وراء الخبر أينما كان، وكان أول باب ثابت حرره بعنوان "لا يا شيخ" في مجلة روز اليوسف.
وقد أصدر مصطفى أمين عددًا من المجلات والصحف منها "مجلة الربيع" و"صدى الشرق" وغيرهما والتي أوقفتها الحكومة نظرًا للانتقادات التي توجهها هذه المجلات والصحف إليها.
شهد عام 1944 مولد جريدة "أخبار اليوم" بواسطة كل من مصطفى وعلي أمين، وكانت هذه الجريدة بمثابة الحلم الذي تحقق لهما، وبدآ التفكير بها بعد استقالة مصطفى من مجلة "الإثنين" حيث أعلن عن رغبته في امتلاك دار صحفية تأتي على غرار الدور الصحفية الأوروبية، وبالفعل ذهب مصطفى أمين إلى أحمد باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية ليتحدث معه في الصحيفة الجديدة، وطلب منه ترخيص لإصدار صحيفة سياسية باللغة العربية باسم "أخبار اليوم"، وبدأ مصطفى في اتخاذ الإجراءات القانونية لإصدار الصحيفة في 22 أكتوبر 1944، وجاء يوم السبت 11 نوفمبر ليشهد صدور أول عدد من "أخبار اليوم"، وقد حققت الصحيفة انتشارًا هائلًا، وتم توزيع عشرات النسخ منها مع صدور العدد الأول، وقد سبق صدورها حملة دعاية ضخمة تولتها الأهرام، وقد قام الأخوان أمين بعد ذلك بشراء مجلة "آخر ساعة" عام 1946 من محمد التابعي.
أما مصطفى أمين فتختلف حياته بعض الشيء عن حياة علي أمين إذ التحق بروز اليوسف وهو طالب ثم انتقل من روزاليوسف إلى آخر ساعة عندما أسسها محمد التابعي عام 1934، وكان قد بدأ مصطفى أمين في روز اليوسف بعد أن صدرت عام 1925، وهو الذي قدم إحسان عبدالقدوس لمحمد التابعي بعد أن اختلف إحسان مع والدته السيدة فاطمة اليوسف، وترك مصطفى أمين آخر ساعة إلى دار الهلال، ومن الطريف في حياة مصطفى أمين أنه حكم عليه عام 1939 بالسجن لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ بتهمة العيب في ذات الأمير محمد علي ولي العهد وقد ألغي الحكم عام 1942 في عهد وزارة مصطفى النحاس باشا.
وقد بدأت العلاقة بين سلطة 23 يوليو وبين صاحبي أخبار اليوم بداية درامية، فقد اعتقلا يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952، وخرجت العناصر المعادية للتوأم وأخبار اليوم ولكن مساء يوم 26 يوليو عام 1952 لم توجه لهما السلطة الجديدة أي اتهام وخرجا يمارسان العمل في أخبار اليوم.
ويذكر القراء ما قام به الصحفي الوطني مصطفى شردي رئيس تحرير الوفد فيما بعد، وما قام به مصطفى أمين إزاء العدوان الثلاثي أكتوبر عام 1956.
وظل شردي داخل بورسعيد وحمل آلة تصوير وجعل الأفلام التي تفضح بشاعة العدوان وتسلل في ليل دامس في ملابس صياد وغاص في بحيرة المنزلة.
ووصل إلى دار أخبار اليوم في الفجر وسلم أفلام الدمار إلى الأستاذين مصطفى وعلي أمين وبأمر من القيادة حمل مصطفى أمين هذه الصور النادرة، وطار بها، ووزع الصور على كبرى صحف العالم لتنشر على صدر صفحاتها الأولى بفضح العدوان الثلاثي من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل.
القضية التي اتهم فيها مصطفى أمين بأنه كان مكلفا من جمال عبدالناصر باستمرار الاتصال بالولايات المتحدة، وكانت القيادة تمده بما ينبغي أن يقوله لمندوبي أمريكا، وأن ينقل إلى جمال عبدالناصر ما يقوله الأمريكيون، وعندما ساءت العلاقات بين مصطفى أمين وعبدالناصر وغيره من القيادات قبضوا عليه وحاكموه بالمعلومات التي كانوا قد أعطوها له سلفا ليسلمها إلى المندوبين الأمريكيين، وصدر عليه الحكم بالسجن 9 سنوات قضاها مصطفى أمين في السجن وقضاها على أمين خارج مصر.
ومن جهة أخرى، أكد صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية في كتابه "عملاء الخيانة وحديث الإفك" وهو كتاب صدر في عام 1975 أن مصطفى أمين جاسوس فعلًا، وشرح بالتفصيل علاقة الصحفي الشهير مصطفى أمين بالمخابرات الأمريكية والأكثر من ذلك ذكر صلاح نصر أن جهاز مكافحة التجسس كان يحتفظ بملف لـ"مصطفى أمين" حول علاقته بالمخابرات الأمريكية حتى من قبل ثورة يوليو 1952.