في خطوة اعتبرتها مصادر أمنية أردنية "خطيرة للغاية" استولى ما يسمى "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش" الإرهابي على بلدات (تسيل، سحم الجولان، عدوان) في ريف درعا مستغلا انشغال الفصائل المسلحة في الجبهة الجنوبية بالمعارك الدائرة مع القوات السورية في حي المنشية في درعا البلد، والتي تحمل اسم "الموت ولا المذلة".
وقالت المصادر: إن الحكومة الأردنية تراقب الوضع عن كثب، وإنها دفعت بتعزيزات عسكرية ثقيلة إلى الحدود مع سوريا خاصة وأن "جيش خالد بن الوليد" يتجه للسيطرة على بلدة حيط قرب الحدود مع المملكة.
وقال ناشطون من المعارضة السورية في المنطقة: إن تنظيم "داعش" فرض حظر تجول على السكان في المناطق التي سيطر عليها، ويدور الحديث عن عمليات ترويع وقتل لكل من يحاول المقاومة من المدنيين، فيما تحاول فصائل المعارضة السورية استعادة هذه المناطق من التنظيم عبر شن هجوم معاكس.
من جانبها، أعلنت قيادة "الجبهة الجنوبية" في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن إغلاق الطريق المؤدية إلى منطقة حوض اليرموك، في خطوة مبدئية للتحرك واستعادة المناطق التي تقدم فيها التنظيم.
وأوضحت الجبهة الجنوبية في بيانها أنها ستغلق الطريق حتى إشعار آخر إلا للحالات الإنسانية المتفق عليها وبالتنسيق مع رئيس المجلس المحلي لحوض اليرموك. ولفت البيان إلى أن الطريق المذكور يعتبر منطقة عمليات ويُمنع منعًا باتًا استخدامه.
و"جيش خالد بن الوليد" عبارة عن ائتلاف يضم "لواء شهداء اليرموك" و"حركة المثنى الإسلامية" وهما مواليان لتنظيم "داعش".
من جهة أخرى، حذر فيتالي نعومكين المستشار السياسي للمبعوث الأممي إلى سوريا من مغبة تشظي سوريا إلى مناطق نفوذ شبيهة بالدول إذا ما طالت التسوية السياسية في هذا البلد.
وفي حديث أدلى به الاثنين، اعتبر الأكاديمي نعومكين أن صمود الهدنة في سوريا وطول أمد العملية السياسية للتسوية، أو انهيار جهود التسوية بالكامل فيها، قد يجعلها تواجه تقسيمها إلى مناطق نفوذ.
وتابع "إذا ما حالف النجاح عملية أستانة وتم على الأرض تنفيذ مقرراتها وتثبيتها، سوف تبرز حينها، ولجملة من العوامل، مسألة تقرير مصير المناطق الخاضعة لأطراف النزاع وتلك التي يستمر تحريرها من الإرهابيين".
وأضاف "دعونا نتصور ماذا سيحدث في حال استمرار صمود وقف إطلاق النار تزامنا مع خمول وبطء سير التسوية السياسية أو تسويفها، أو انهيارها. وفي مثل هذه الحال، أليس من الممكن مثلا في محافظة إدلب، أن تعزز فصائل المعارضة المسلحة المرعية من تركيا مواقعها، لتتحول هذه الأراضي إلى دولة شكلية هناك؟".
واعتبر نعومكين أن هذا الأمر قد ينسحب على المناطق الخاضعة لتركيا والمتاخمة لقطاعات الأكراد شمال سوريا، وعلى المناطق الجنوبية التي يشرف عليها الأردن جنوب سوريا.
واستطرد قائلا:"وهذا بحد ذاته سوف يثير، إذا ما تم، تقاسم سوريا على الأرض، السؤال حول احتمال أن يفضي الواقع القائم إلى تعقيد العملية السياسية، حيث إن الفصائل المعارضة والجهات الأجنبية الراعية لها، لن تكون بحاجة لتأييد الحوار السياسي لأن الجميع في مثل هذه الحال سوف يكونون راضين عن وضعهم".
ويرى نعومكين أن ما يعزز سيناريو الفيدرالية على الأرض في سوريا، المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لإقامة مناطق عازلة في سوريا. وأضاف نعومكين: "من غير الواضح حتى الآن ما يمكن لوضع كهذا أن يحمل في طياته، فقد اتفقت واشنطن وأنقرة قبل أيام على حشد الجهود بما يخدم استحداث هذه المناطق الآمنة".
وتابع قائلا: لا شك في أن تركيا سوف تفضل قيام المناطق الآمنة على الأراضي الخاضعة لسيطرتها، مشيرا إلى "تسريبات حول نوايا رعاة خطط المناطق الآمنة تشييد مدن سكنية متكاملة فيها ببناها التحتية لإسكان اللاجئين وعناصر فصائل المعارضة المسلحة، الأمر الذي سيعني قيام قطاع تموله تركيا بدعم من واشنطن وأوروبا على الأراضي السورية يتحول إلى منافس لباقي مناطق البلاد".
ولفت نعومكين إلى أن ما يعزز طرح قدرة القطاع المشار إليه على المنافسة مع باقي مناطق سوريا، "تدفق الاستثمارات عليه وما سيتمخض عن ذلك من تطور البنى التحتية، وتشييد المباني وخلق ظرف عيش أفضل فيه، قياسا بباقي المناطق المدمرة والخاضعة لدمشق والتي سيتعذر على الأخيرة إعادة إعمارها بمعزل عن الدعم الخارجي"، إذ لا تلوح في الأفق وباستثناء البعض، البلدان والمنظمات الدولية المستعدة لإعمار المحافظات السورية.
وكانت مؤسسة "راند" الأمريكية طرحت العام الماضي خطة للحل في سوريا، تضمنت إقامة ثلاث مناطق آمنة متفق عليها في سوريا، واحدة متصلة جغرافيًا، واثنتان غير متصلتين. كما طرحت الخطة، وضع منطقة رابعة تحت إدارة دولية، ويجلى منها تنظيم "داعش" تدريجيًا.
وطرحت الخطة أيضا، ضرورة السير في سياسة الهدن في سوريا، وتحدثت عن مقترحات للحكم المستقبلي، بدءًا من اللامركزية المخففة إلى اللامركزية المتماثلة كما وصفتها الدراسة.