عبر مواطنو عاصمة جنوب السودان (جوبا) عن ارتياحهم لجهود حكومة الرئيس سالفا كير ميار ديت من أجل تحقيق السلام والاستقرار والوحدة بين كافة القبائل، مشيدين بمساعي الحكومة نحو تنفيذ كافة بنود اتفاق السلام الشامل الموقع في 2015 بين الحكومة والمتمردين.
ووقع الرئيس سالفا كير في 26 أغسطس 2015 اتفاقا نهائيا للسلام بمدينة جوبا؛ من أجل فتح مسار سلام جديد مع المتمردين، وذلك بعد أن وقع زعيم المتمردين رياك مشار والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم في 17 أغسطس من نفس العام في أديس أبابا.
وفي عام 2013، أعلن الرئيس سالفاكير عن إحباط مخطط انقلاب كان نائبه رياك مشار يعتزم القيام به؛ ما أدى إلى عزله من منصبه، وفور ذلك انطلقت شرارة الصراع المسلح بإعلان مشار التمرد المسلح وتعبئة المليشيات باتجاه انتزاع الحكم عنوة.
وكافحت حكومة جنوب السودان منذ الاستقلال في 9 يوليو 2011 باتجاه بناء الدولة وتثبيت أركان مؤسسات الحكم الرشيد، غير أن الاحتراب الداخلي حال دون ذلك، ولكن الأمور يبدو الآن تتجه نحو بناء مؤسسي للدولة.
أحد الجنوبيين، ويدعى تابان مانويل، رأى أن بلاده أنهك بسبب الصراع المسلح، وباتت الحكومة تتجه أكثر إلى تضميد الأرض التي ذبلت إثر المعارك الطاحنة التي أدخلتها المعارضة المسلحة ضمن معادلة الحياة بجنوب السودان؛ "وهو ما أثر علينا كمواطنين وشرد الآلاف، ولكن نشعر اليوم أن طريقة إدارة حكومة الرئيس باتت تتعامل بشكل يغلفه الحكمة والخوف على هذا الوطن".
شعور يكتنفه الطمأنينة ذلك الذي تحدث من خلاله الجنوبي مانويل، الذي يدرس الاقتصاد، معربا عن أمله في استمرار الهدوء الذي يسود قطاعات كبيرة وواسعة بالبلاد.
وحذر مانويل من أن أي موجة عنف جديدة قد تهوى بالبلاد إلى أتون الهلاك الذي سيطيح بما تبقى من مقومات حياة من بلدنا، غير أنه أعرب عن اعتقاده من أن حكمة الرئيس سالفاكير ستحول دون أن تنزلق البلاد إلى التفكك.
"أشعر بالسلام" عبارة استهلت بها مونكا يوساي الجنوبية، 26 عاما، حديثها مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى جوبا، وقالت إن توافد رؤساء دول إلى بلدنا، في إشارة إلى زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس بداية هذا الشهر، يشعرنا بعودة بلدنا للنهوض مرة أخرى.
واستطردت مونكا "إن زيارة الملك محمد السادس عززت من موقف الرئيس سالفاكير في مواجهة الحالة التي كانت المعارضة المسلحة تتعمد إضفاءها على بلدنا". قصدت مونكا أن تتحدث بنبرة فخر مما آلت إليه الأوضاع من استقرار في بلادها.
وناضل جنوب السودان من أجل استقلاله، حيث علت الحركة الشعبية لتحرير السودان لواء مصلحة الجنوب الموحد، وظفر ناضلها في عام 2005، حينما وقعت على اتفاقية السلام منحت جنوب السودان حكما ذاتيا، إلى أن توجته باستفتاء يناير 2011 الذي أعلن جنوب السودان جمهورية مستقلة ذات سيادة منفصلة عن دولة السودان.
واستحضر ايوين اجاك - 56 عاما - لحظة إعلان نتيجة الاستفتاء والفرحة التي أدمعت عيناه وقتها من أن مستقبلا مشرقا ينتظره وأبناء وطنه، متمنيا أن تعود لحظات الفرحة تلك إلى كافة شعوب وطنه.
وفي التاسع من يوليو 2011، عمت الاحتفالات أرجاء جنوب السودان إثر إعلان الرئيس سالفاكير الاستقلال عن الشمال، ولم تهدأ وقتها حركة الطيران إلى جوبا منذ الساعات الأولى لذلك اليوم وسط توافد لرؤساء الدول والحكومات والوفود الرسمية العربية والإفريقية والدولية للاحتفال بإعلان ولادة الدولة رقم 193 في العالم.
وأصر أجاك أن يروى تفاصيل ذلك اليوم البهيج الذي قال إنه حينما تضيق به الأمور يستحضر تلك المشاهد، وقتما امتلأت الشوارع بالحشود وعندما انتصفت عقارب الساعة الليل، ألهبت الألعاب النارية السماء، ليقف "أجاك" منشدا (جنوب السودان ياي)، وهى تحية خاصة عرفت بها الحركة الشعبية، مرددا "يا إلهي.. دعم لنا متحدين في سلام ووئام".