ترتبط مصر ارتباطا وثيقا مع دول حوض النيل باعتبار أن نهر النيل هو مصدر أساسى لتحقيق التنمية فى هذه الدول، لذلك سعت مصر لتوطيد علاقاتها مع دول الحوض من خلال مسارات متنوعة على مستوى العلاقات الثنائية التى تربطها بكل دولة على حدة، وتعزيز برامج التعاون الفنى إطار حرصھا على تنمية ھذه الدول من خلال مشروعات تقوم مصر بتنفيذھا لتعطى رسالة واضحة إلى أفريقيا أن القارة السمراء دائما فى قلب مصر.
وتتميز العلاقات المصرية التنزانية بعلاقات تاريخية ومتميزة من خلال لجنة مشتركة بين البلدين تجتمع لتدعيم أواصر العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية وغيرها من أوجه التعاون الشامل.
وتمتد العلاقات المشتركة بين الدولتين لانشاء مجلس أعمال تنزاني مصري يضم جمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة فى تنزانيا، وتقوم البلدان حاليا ببحث اتفاقية خاصة بتبادل الإعفاء الجمركي بين البلدين، والتعاون بين هيئة قناة السويس وشركاتها مع هيئة ميناء دار السلام..كما توفر مصر برامج تدريب في الأكاديمية العربية للنقل البحري بالإسكندرية.
كما عملت الهيئة العامة للاستثمار فى مصر لتفعيل سبل إقامة مشروعات مشتركة بين البلدين وفي مقدمتها الصناعات الغذائية والتعدينية والزراعية، وكذلك تزويد تنزانيا بالتكنولوجيا المصرية والمعاونة في تأهيل الكوادر الفنية المطلوبة للصناعة في دار السلام، خاصة أنها من الدول المرتبطة باتفاقيات مع الصندوق المصري للتعاون الفنى مع أفريقيا حيث تستفيد من الخبراء المصريين والمعونات الفنية المقدمة من مصر بهذا الخصوص خاصة في مجال الصناعات المعدنية والفلزات.
وفي مجال دعم سياسات الامن الغذائي، وقعت مصر وتنزانيا ومنظمة الفاو البرنامج الخاص للأمن الغذائي في تنزانيا، وتشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين تركز على تشجيع التعاون بين القطاع الخاص في البلدين وإيجاد حلول للمسائل المتعلقة بالنظم الضريبية وتعديلها بشكل يسمح بتوثيق العلاقات التجارية.
وأكدت مصر وتنزانيا علي أهمية تسيير خط ملاحي منتظم يخدم حركة التجارة بين البلدين، وقد طلب الجانب التنزانى بالاستفادة من الخبرة المصرية في مجال إنشاء وإدارة المناطق الحرة، وقد تم بالفعل تسيير الخط الملاحي بينهما، فيما يظل بحث الاستفادة المتوافرة فى البلاد فى مجال الطاقة الانتاجية الحيوانية ينتظر الاستثمار فى ظل كونها ثانى أكبر دولة افريقية بواقع 17 مليون رأس.
وتؤيد تنزانيا انشاء الخط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط على الرغم من انها خارج دول الاتفاقية (اوغندا وجنوب السودان والسودان ومصر) بتكلفة 4 مليارات جنيه، وذلك لانه يربط بين هضبة البحيرات الاستوائية وشرق أفريقيا مع البحر المتوسط، ويبدأ من بحيرة فيكتوريا، ثم البحيرات الاستوائية بأوغندا، حتى حدود السودان وبحر الجبل، ثم منطقة السدود، ثم للنيل الأبيض، ويلتقى بنهر السوباط، ثم النيل الأزرق، ثم نهر عطبرة ثم وادى حلفا، ثم بحيرة ناصر بأسوان، حتى يمتد المشروع للبحر المتوسط.
ويتم تنفيذ مشروعات التعاون الثنائي بين البلدين تحت مظلة مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين وزارة الموارد المائية والرى ووزارة المياه والرى بتنزانيا، وتتضمن حفر وتجهيز 70 بئرا بأنحاء متفرقة في تنزانيا بمنحة مصرية بهدف توفير المياه الصالحة للشرب لخدمة المواطنين المعزولين في المناطق المحرومة التي تعد الأكثر فقرًا في الأقاليم الجافة بتنزانيا، وانتهت القاهرة متمثلة فى وزارة الموارد المائية والرى المصرية من تسليم 30 بئرًا والتى اسندت الى شركة ريجوا للمياه الجوفية كمرحلة أولى من أصل ٧٠ بئرًا ضمن المنحة المصرية المقدمة لتنزانيا بقيمة ٥ ملايين دولار، فضلا عن باقي المنحة والمتضمنة دورات تدريبية للعاملين بوزارة المياه والري التنزانية تعقد بالقاهرة، إضافة إلى زيارات خبراء مصريين لتنزانيا لنقل الخبرة المصرية في العديد من مجالات إدارة الموارد المائية، سواء السطحية أو الجوفية للجانب التنزاني.
وتقوم مصر حاليًا متمثلة فى معهد صيانة القنوات المائية بالمركز القومى لبحوث المياه بدراسات مشتركة عن سبل مقاومة الحشائش المائية بكافة انواعها من عائمة وغاطسة وجرفية بالجزء الجنوبى من بحيرة فيكتوريا، وسيتم تطبيق اساليب حديثة لمقاومة الحشائش بالمقاومة البيلوجية والتى تعتمد على انواع معينة من الاسماك التى تتغذى على الحشائش.
ومن المتوقع ان تكون لانجازات هذه المشاريع التأثير المباشر على مواطنى القرى والمدن والتنمية الاقتصادية من خلال تطھير الاخوار الجنوبية لبحيرة فيكتوريا من الحشائش المائية مما سيسھم فى تنمية حركة الملاحة والثروة السمكية، كذلك سيؤدى الى تطوير شواطئ القرى والمدن والى ازدھار حركة النقل والبضائع وصيد الأسماك.
وربما يكون من المناسب تكثيف الجھود والعمل بشكل متكامل من القطاع الخاص بحيث تحذو نفس النھج الذى تنتھجه الهيئات المعنية خاصة وزارة الموارد المائية والرى تجاه التركيز فى المرحلة القادمة على تكثيف تقديم الدعم فى المناحى التنموية المختلفة ( تعليم – صحة - كھرباء – طاقة – موارد مائية – زراعة – إتصالات – سياحة - أديان) للنھوض بشعوب دول الحوض وتعزيز العلاقات مع مصر مما يمكن أن يمثل عاملا إيجابيا لعدم الإضرار بالمصالح المصرية ولا بالأمن المائى المصرى.