قال محمد عبدالمجيد هندي، مؤسس المجلس القومي للعمال والفلاحين: إن النقابات المستقلة هي تنظيمات جماعية للعاملين بأجر، في المجالات المختلفة، سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية، موضحًا أن "الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي والخصخصة أسقطت ورقة التوت الأخيرة التي كانت تواري سوءة القوانين التي عفا عليها الزمن"، مشيرًا إلى أن حالات الانتهاكات التي وصلت ضد العمال تعد بالآلاف كالفصل التعسفي والمشكلات المتعلقة بالأجور، وعدم مراعات التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على البلاد".
وأكد "هندي" أنه يجب على الدولة إفساح المجال للنقابات المستقلة، أن تتوسع، لتشمل جميع القطاعات، وتوسيع دائرة المفاهيم الديمقراطية، وإشراك النساء في الإدارات العمالية النقابية، وإفساح المجال لهن للتعبير عن مطالبهن والمساهمة الواعية للارتقاء بدورهن النقابي المباشر في سبيل خدمة المجتمع واكتساب الخبرة الاجتماعية والسياسية".
وإلى نص الحوار:
• في البداية، ما هو الدور الذي تأسست له النقابات المستقلة، وتاريخ إنشائها؟
النقابات المستقلة هي تنظيمات جماعية اختيارية للعاملين بأجر سواء في الصناعة أو الزراعة أو الخدامات، وكانت أول المحاولات لحماية حقوق العمال من خلال القانون الدولي بدأت من قبل بعض المثقفين في بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا أواسط القرن التاسع عشر، ولكنها لم تتخذ شكلا منظما حتى سنة 1890.
بعد الحرب العالمية الأولى تم عقد أول مؤتمر حول هذه المسألة في مدينة بيرن السويسرية وأتت القفزة أعقاب نهاية الحرب، حيث نصّ القسم الثامن من معاهدة فيرساي للسلام سنة 1919 على تأسيس منظمة العمل الدولية تكون من ضمن واجباتها وضع مسودة المعاهدات الدولية لحماية حقوق العمال وإصدار التوصيات وكانت مصر من أول الدول المنضمة للمنظمة عام 1936.
وفي ستينات القرن الماضي تحولت مصر من مجتمع زراعي إلى صناعي، تلاه بعد ذلك تحولات اقتصادية واجتماعية متعاقبة أدت إلى تطبيق سياسة الانفتاح في السبعينيات ثم الخصخصة وسقوط ورقة التوت الأخيرة التي كانت تورى سوأة قوانين عفا عليها الزمان، ووزارة القوى العاملة واتحاد عام للعمال عاجزين تمامًا عن حماية أبسط حقوق الطبقة العاملة المكفولة لهم سواء في القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية أو حتى القوانين المحلية.
• ما هي التعسفات والمشكلات التي يواجهها العمال في مصر؟
يواجه آلاف العمال في مصر حالات تعسفية ومشكلات، تتعلق معظمها بالفصل وقلة الأجور، ولم يراعي العديد التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي طرأت على البلاد خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد توقيع مصر على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الخصوص، وما تحمله مصر من أعباء وقعت على كاهلها بصفتها المسؤول المباشر عن حماية وضع العمال على الوجه الأمثل، فإننا نجد أن عمال مصر ما بين مطرقة معيشة قاسية جدًا وسندان القوانين المحلية التي لم يتم تعديلها لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية والتي صدقت عليها مصر.
• هل يعطي الدستور الحق في إنشاء منظمات مستقلة ولها شخصيتها المستقلة؟
دستور 2014 يعطي الحق في إنشاء المنظمات والاتحادات والكيانات المستقلة مكفولة وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتقوم على أساس ديمقراطي وتمارس نشاطها بحرية وتشارك في خدمة المجتمع لرفع مستوى كفاءة العمال في كل المجالات المهنية وعلى النصوص والمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالحقوق والحريات، وأيضا على الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 والاتفاقية الدولية رقم 98 لسنة 1949 الموقعتان من الحكومة المصرية، ولما كان البين من دستورية منظمة العمل الدولية أن مبدأ الحرية في تكوين المنظمات المستقلة يعتبر لازمًا لتحسين أوضاع العمال في كل المجالات المهنية لضمان الاستقرار والسلام الاجتماعي لهم.
كما اعتمد المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته الحادية والثلاثين في شأن الحرية التي تخول وبدون تمييز من أي نوع الحق لأي شخص في تكوين وإنشاء المنظمات والكيانات والاتحادات المستقلة التي تساعد على تحسين أوضاع العمال اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا لتطبيق العدالة، واحقاق الحق لتفعيل الديموقراطية الحقيقية والحريات بدون تمييز بما أقرته الاتفاقيات والمعاهدات العمل الدولية المتعلقة بهذا الشأن والتي صدقت عليها الحكومة المصرية وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من تشريعاتها.
• هل يحق للعامل لدى الغير بأجر أن يضمن الحد الأدنى من الحماية؟
من حق كل من يعمل بأجر لدى الغير، أن يكون له ضمان حد أدنى من الحماية بما يشجعه على مزيد من العمل والانتاج وبعد قيام ثورتين جاءت الفرصة لطبقتنا لتثبت قدراتها في تكوين النقابات المستقلة.
• وما الذي يجب توافره لضمان ذلك الحق للعامل؟
يجب على الدولة افساح المجال للنقابات المستقلة بان تتوسع لتشمل جميع القطاعات لمنح الفرص لتشكيل اتحادات رجال الأعمال وجعل الأمر متاحا لكل العمال والفلاحين لتكوين نقاباتها بكل حرية وشفافية بعيدة عن الحساسيات السياسية، وينبغي توسيع دائرة المفاهيم الديمقراطية بما يؤسس للديمقراطية النقابية أو كفالة حق التنظيم النقابي للعمال وتقويتها وإشاعة روحها والتفاهم واتفاق الآراء لتقوية الوجود الحركي للعمال والفلاحين من أجل انتخاب ممثليهم بشكل ديمقراطي على أساس الكفاءة والجهادية الداعية للدفاع عن مصالحهم وعدم التفريط بها.
• هل ستتوسع النقابات العمالية لتشمل كل المحافظات؟
النقابات العمالية تتوسع دائرة نشاطها في مدن مصر للمساهمة الفعلية في مجال نشاطها الجغرافي لتحديد المجالات الاقتصادية وتحديد مقومات العمل مثلا أو تحديد العدد الحقيقي للقوى العمل وهذا يشمل النساء والرجال ولا ننسى الطلبة منهم وتسجيل ذلك بوثائق تساعد المعنيين للتخطيط لمستقبل القوى العاملة التي تعد العامل الحاسم للتطور الاقتصادي.
كما أن المهارات والقدرات العاملة وتحديد الخبرات والمشاركة الفعلية في تحديد مهام مكاتب العمل تعمل على الاتصال المباشر بالوزارات والدوائر الحكومية وكذلك للنشاط الاقتصادي المصر والعربي والدولي. ونؤكد هنا على أنَّ كل شخص يبلغ من العمر أكثر من ثمانية عشر عاما يجب أن يسجل هذا في هذه الدوائر كشخص بالغ قادر على العمل له الحق على ان يمنح الفرصة للعمل حسب مهارة معينة وحسب رغبته.
• هل للمؤسسات الصحفية والإعلامية دور لتطبيق مفهوم الديمقراطية؟
بالطبع، للصحافة والاعلام دورهما المؤثر والأساسي لتطبيق الكثير من المناهج مثل ترسيخ مفهوم الديمقراطية في الحياة العامة وإبراز دور الطبقة العاملة لبناء وتطوير المجتمع فيجب الاهتمام والالتفات اليها مع فسح المجال لها لتقوية الروابط بين العمال أنفسهم وبين مؤسسات الدولة ومؤسسات العمل الخاصة مع الاخذ بعين الاعتبار ضرورة إبراز دور مؤسسة أو دائرة في مجال معين يمكن أن يكون له التأثير المباشر للتحفيز المباشر للتنافس الحر الشريف لتنمية القدرات الذاتية والعامة للعاملين والمؤسسات الأخرى بشكل مشترك وتلك هي مهمة إعلامية بالأساس حيث ان الاعلام سيبرز العاملين النشطين والنقابيين الماهرين ويطلع الجماهير العمالية على تجاربهم وقدراتهم ومهاراتهم مما يخدم المجتمع ككل ويجعل العاملين في محل فخر وسعادة لإبراز دورهم المميز وكذلك مجال فخر مؤسساتهم وعوائلهم وزملائهم.
• هل للعامل الحق في زيادة خبراته وتزويد مهاراته لمواكبة التغيرات؟
لأي عامل الحق في زيادة خبراته وتطوير مهاراته لذا يستلزم ان تكون هناك مدارس ومعاهد التعليم المهني القادرة على ان تزيد مهاراتهم ويجب ان يكون لكل عامل الحق في الالتحاق بهذه المؤسسات التعليمية لمواكبة التطورات التكنولوجية والمهنية لكي نتواصل مع التغيرات العلمية الحاصلة بسرعة يجب اللحاق بها اذا كنا نريد لمصر الوطن الغالي ان يتطور ويواكب التطورات العالمية، فعلينا هنا أن نعطي الفرصة لعمالنا أن يستثمروا طاقاتهم المتقدمة ويعتنوا في التطورات الجارية لكافة مجالات الحياة ولا يبقوا أسرى معرفتهم بجمود ومحدودية.
• وما الدور الذي يلعبه الضمان الاجتماعي مع العمال؟
مكاتب الضمان الاجتماعي لها دور ريادي في ضمان حقوق العمال وهي العامل القوى لشعور العامل انه سوف يكون بمأمن من البطالة وبعيدا عن الفقر اذا ما قامت هذه الدوائر بعملها بشكل صحيح وفاعل ونحن بحاجة فعلية وحقيقية لضمان أنفسنا من الفقر والحاجة لذا يجب أن تكون دوائر الضمان الاجتماعي حريصة كل الحرص على ان توفر المعاش الامن لكل عاطل عن العمل وكل عاجز ومحتاج ولكن بدون منـّة أحد واستعطاف واعتباره حقا من حقوقها يجب توافره لإبعاد افراد المجتمع عن الجريمة والجهل.
• ما أبرز المطالب النقابية وبرامجها للعمال لضمان الحقوق؟
لا يمكن لأي نقابة أن تقوم بدون برامج عمل يحدد هويتها ويعيِّن مطالب أعضائها ورغباتهم في خضم الصراع من أجل أن يكون للعمال حقوق إليها ومطالب يجب توفيرها حسب طبيعة العمل وليس بعيدا عن حقوق الانسان الحقيقية التي يجب توافرها وإقرارها ضمن القوانين الاساسية لأي دولة، مما يضمن له الحق الكامل في العيش الكريم.
كما أن البرامج النقابات العمالية ومنظماتها هي الشعلة التي يستنير بها العمال لتحديد عملهم ومطالبهم وسعيهم لتحقيقها لخدمة المنطوين تحت راياتها ويمكن ان تكون هذه البرامج والمطالب ذات مطالب مرحلية آنية ومستقبلية تتماشى مع الوضع الاقتصادي والسياسي العام في مصر، ولابد من التركيز على مشاركة النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني المصري في التخطيط الاتي والمستقبلي لمصر بالتعاون مع الجهات الرسمية وغير الرسمية التي تضع الخطيط والاحصاءات لتقييم عملية البناء والأعمار.
• ما دور النقابات العمالية لنشر ثقافة الوعي للعامل؟
عملية نشر الوعي الثقافي والتعرف إلى مؤسسات المجتمع المدني تحتاج الى اللقاءات المباشرة ما بين المعنيين بالشأن النقابي وجماهير العمال والمثقفين ورؤساء الاحزاب والمنظمات ولذا يتطلب اقامة الندوات الجماهيرية والاحتكاك المباشر بين المعنيين والجمهور لاستعراض اراءهم ومعرفة طموحاتهم ووضعها موضع دراسة واهتمام مناسبين.
كما أن دور النقابات العمالية ذات تأثير مباشر في التعامل بين هذه المؤسسة ومنتسبيها عن احد تأثيرات الانظمة القمعية السابقة على نفسية المواطن المصري وخصوصا العمال ومعروف مدى الاضطهاد المادي والمعنوي عليهم وتأثيراته النفسية عليهم ولذا من المستحسن ان تكون هناك مراكز متخصصة للعلاجات النفسية لهم وكذلك لتشجيع العمال على السعي الحثيث للبحث عن عمل ورفض الاتكالية وابراز طاقاتهم وتحسين مستواهم المادي والبحث عن الهدوء النفسي.
• ما هي أولويات العمل النقابي؟
أولويات العمل النقابي هو الدفاع الحقيقي والواضح عن حقوق العمال والسعي الدائم لخدمة مصالحهم ويكون نصب اعينهم الهدف السامي الرئيسي ألا وهو الارتفاع بالمستوى المعيشي للعمال وزيادة رواتبهم بما يتناسب والوضع الاقتصادي العام ومواجهة الغلاء وزيادة الاسعار. إضافة الى السعي لتوفير الخدمات الطبية والصحية المؤمنة المجانية وكذلك توفير عدد من الخدمات الاجتماعية وبعض الاسواق والجمعيات الخاصة بهم التي توفر لهم بعض الحاجيات بأسعار مناسبة ولا يفوتنا التعليم المجاني والدورات التكنيكية المساعدة لتطوير المهارات او التغلب على الامية والقضاء عليها بين حقوق العمال كمجهود يجب اخذه بنظر الاعتبار.
بالإضافة إلى اقامة المجالس المشتركة ما بين اصحاب العمل في القطاعات الخاصة والحكومية وممثلي النقابات العامة لإقامة الاتفاقيات المشتركة التي يتفاهم فيها الطرفان على جملة من الامور المساعدة على توفير الجو المناسب للعمال بما يخدم زيادة الانتاج وتوسيعه مع توفير الخدمات المساعدة للعمال مثل المطاعم المناسبة في موقع عمل كبير او دور حضانة للأطفال قرب تلك المواقع.