في لقاء الجمعة، مع عمرو أديب، قالت الفنانة نانسي
عجرم، إن حفلتها الأخيرة في لندن، كان أغلب الجمهور من الصينين، وكانوا يرقصون
ويُغنون معها، الأمر الذي أدخل السعادة والسرور إلى قلبها، نفس تلك السعادة تشعر
بها الريفيات، حينما يشاهدون الصينين في القرى والنجوع، يحملون حقائبهم، وينادون
على بضائعهم، يُتاجرون في كل شيء، المفارش والملابس والأدوات والذهب الصيني ولعب
الأطفال، حتى أصبح شعار «صنع في الصين» في كل منزل، هم لا يتاجرون فقط، بل يدرسون
ويحللون ويشكلون النمط الاستهلاكي للمصريين، فلا عجب إذًا أن نجد حجم الواردات
المصرية من الصين، تبلغ ما يقارب 5 مليار دولار للعام المالي 2015/2016، بنسبة
8.4% من حجم الواردات المصرية، لتكون بذلك أكبر الدول التي تستقبل مصر صادراتها،
لكن الشيء الجدير بالبحث من سمح لهؤلاء بالتجول وتصريف منتجاتهم في قرى مصر؟!، هل
يسدد هؤلاء حق الدولة، في ضرائب القيمة المضافة وضرائب الدخل؟!.
يمكن أن أتفهم انتشار المنتجات الصينية لدى الباعة
الجائلين وسكان الأرصفة ومدخل محطات المترو، فهم يبحثون عن لقمة العيش والصين وفرت
لهم تلك المنتجات بأسعار أقل بكثير من مثيلاتها في الأسواق، هم يشعرون بالفخر
لأنهم يقدمون منتج رخيص الثمن، في الوقت الذي يشعر فيه الجميع بالحسرة لما أصاب
الصناعة المصرية، وإغلاق أكثر من 8 آلاف مصنع مصري واندثار العديد من الحرف
اليدوية!!، ماذا لو روج الباعة الجائلين المنتجات المصرية؟، ماذا لو وجدت المنتجات
المصرية طريقها للمستهلك بلا تعدد للوسطاء، وبلا تعدد للضرائب، هل ستُنافس؟!، إذا
كان الأمر مرفوض قانونيًا، فليس أقل من أن يجد المنتج الصيني نفس المعاملة التي
يجدها المنتج المصري.
دعونا الآن نفكر في الجانب المُشرق، في التجربة،
الذهاب إلى الأسواق الأجنبية، دراستها، إنتاج ما يلزمها، الصين تنتج سجاد الصلاة،
وتصدره للعالم الإسلامي، العالم قرية صغيرة، الصين نجحت في التواجد في أرجائها،
ومصر تستطيع، المصريون منتشرون في كل دول العالم، يسافرون، يعملون، يدرسون
ويعودون، ماذا لو قام كل عائد بملأ استمارة استقصاء عن الدول التي سافر إليها، يدوّن
أنماطهم الاستهلاكية؟، ماذا لو قام الملحق التجاري، والقنصليات المصرية التي تُنافس
في انتشارها الدول العملاقة، بعمل دراسات لأسواق تلك القرية الصغيرة، وكيفية
التواجد في أرجائها؟، ماذا لو أدركت الحكومة أن البداية من هناك، من السوق، من
المستهلك، وعملت على هذا؟، نعم مصر تستطيع، لكن يجب أن نبدأ.
***
اقتباس:
«نحن لا نتوقع الحصول على
عشاءنا بفضل نزعة الخير لدى اللحام أو الساقي أو الخباز، بل من اهتمامهم بمصلحتهم
الخاصة»
--
آدم سميث- كتاب ثروة الأمم