يحيي الشعب الليبي اليوم الجمعة الذكرى
السادسة لثورة 17 فبراير لعام 2011 والتي أنهت حكم العقيد معمر القذافي، وعكست
الاحتفالات هذا العام حالة التشظي والانقسام التي يعيشها الشعب الليبي جراء هيمنة
الجماعات المتشددة على مفاصل الدولة منذ 6 سنوات مضت فالبعض يؤكد أنها لم تكن ثورة
بل نكبة جلبت الخراب إلى ليبيا ويراها البعض بداية شرارة الحرب الأهلية التي وضعت
مستقبل وحدة الدولة الليبية على المحك بينما تفضل بعض التيارات الاحتفال بها
فلولاها ما سقط حكم العقيد الذي استمر لأكثر من أربعة عقود من الزمان.
وبخلاف المدن التي تسيطر عليها الجماعات المتشددة
مثل درنة في شمال شرق ليبيا وطرابلس العاصمة التي تخضع لسطوة الجماعة الليبية
المقاتلة ومصراتة مدينة الإخوان المختطفة آثرت المدن الليبية عدم الاحتفال بهذه
الذكرى التي جلبت الآلام للشعب الليبي ويتفق الجميع على أن تجاوز الماضي والمصالحة
الوطنية وبناء الجيش واستعادة مؤسسات الدولة هو المخرج من النفق المظلم الذي أدخل
فيه الإرهابيون ليبيا التائه منذ 6 سنوات.
وأصدر كل من المجلس البلدي في البيضاء وطبرق قرارًا
بإلغاء الاحتفالات الخاصة بالذكرى السادسة للثورة الليبية، مرجعين سبب الإلغاء إلى
الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد، مشيرين إلى أن الاحتفال تأجل حتى تستقر
الأوضاع الأمنية وتحرير كافة التراب الليبي من قوات الارهاب، كما وجه حفيد الملك
الليبي ادريس السنوسي محمد لقمان السنوسي، رسالة لليبيين بمناسبة ذكرى الثورة، دعا
فيها إلى المصالحة العامة وبناء الدولة دون إقصاء لأحد.
ومن جهته دعا رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار
عقيلة صالح، الشعب الليبي بجميع اتجاهاته السياسية، إلى التوحد والوقوف صفًا
واحدًا ضد الإرهاب، والخارجين عن القانون، وضد من تسول له نفسه انتهاك السيادة
الليبية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها صالح، أمس الخميس، في
البرلمان الليبي، بمناسبة الذكرى السادسة للثورة الليبية، والتي جاء فيها: "الشعب
الليبي العظيم، تمر علينا اليوم الذكرى السادسة لقيام ثورة السابع عشر من فبراير،
وفي هذه المناسبة لابد أن نحيي التضحيات الجمة التي قدمتها القوات المسلحة الباسلة
والشباب المساند الشجعان وكل القبائل والمدن والقرى في ليبيا الحبيبة"،
وتابع: "وهنا وجب الترحم على أرواح أولئك الأبطال الذين ارتفعوا إلى مراتب
الشهداء ونحيي صبر جرحانا الأشاوس وذويهم الذين تحملوا الآلام الفقد والفراق، من
أجل تحرير الوطن من الإرهابيين، الذين جاءوا من كل أقطار الأرض مجندين كل
المنحرفين والمطاردين، وتحت شعارات كاذبة قطعوا الرءوس ونهبوا الأموال ودمروا
مقدرات الشعب الليبى".
وقدم رئيس مجلس النواب اللبيبي التحية
لكل من صمدوا فى وجه الإرهابيين، ووقفوا إلى جانب الوطن، رافضين التدخل الأجنبي في
الشأن الليبي الداخلي، وللدول الشقيقة التي وقفت مع الشعب الليبي في معركته ضد
الإرهاب.
وقال صالح: "إن ما تمر به بلادنا يدعونا جميعا
للوقوف مع أنفسنا وأمام التاريخ وقفة نراجع فيها أنفسنا لنعرف أين وصلنا ونلبي
نداء الوطن ونتفق ونطوى صفحة الماضى ونبنى معا المؤسسات والقانون"، مؤكدًا أن
الوطن وسيادته، وإنقاذه من بؤر الإرهاب والاحتلال الأجنبى، أغلى من كل المكاسب
الشخصية.
وأخيرًا دعا صالح في كلمته للشعب الليبي إلى النظر
إلى ما يمكن أن يقدمه كل مواطن من أجل بلده، ومن أجل مستقبل الأبناء والأحفاد
والتخلي عن الأنانية، والانتباه للذين يخلقون الأزمات ويعطلون عمل المؤسسات لأغراض
شخصية دون النظر لما تمر به البلاد من مؤامرات خارجية، متابعًا: "بهذه
المناسبة عازمون على السير بالبلاد في طريق التنمية وبناء دولة القانون والمؤسسات
دولة تسودها الحرية والعدالة وتحفظ حقوق وكرامة المواطن". كما لم يفت أنصار
نظام العقيد القذافي والليبيين المهجرين في الخارج ذكرى 17 فبراير حيث اعتبروها
الذكرى السادسة للصمود في وجه الاستعمار وحرب حلف الناتو على ليبيا، وطالب
المهجرون الشعب الليبي بالتلاحم والوحدة في وجه الإرهاب ودول الشر التي تعبث
بمقدرات الدولة الليبية والتي اتخذت ما سمي بالربيع العربي مدخلا لتدمير ليبيا
وتنفيذ أجندتها الخاصة في المنطقة العربية.
كما دعوا المشككين في أن 17 فبراير ثورة وليست نكبة
أن يتأملوا من يحتفلون بهذه الذكرى داخل ليبيا سيجدون تنظيم القاعدة في درنة
والجماعات الإرهابية المشابهة في مصراتة وطرابلس وهي الجماعات التي استباحت دماء
الليبيين بالباطل ونهبت ثوراتهم وأفشلت دولتهم.