لا أدرى ما هو السر حتى الآن فى أن يد التغيير الحكومى لا تمتد إلى البورصة المصرية أو الاسم الصحيح لها الآن المتداول على ألسنة المتعاملين مع البورصة وحملة الأسهم، «بورصة عمران» نسبة إلى محمد عمران، رئيس البورصة الحالى، الذى كان يأمل فى اختياره ضمن الوزراء الجدد فى التعديل الوزارى الأخير، بعد أن طل على الإعلام بتصريحات هدفها لفت النظر إليه وتوجيه رسالة إلى صانع القرار أنا هنا، متمنيا أن يتولى وزارة الاستثمار؟ ولكنها ذهبت لمن تستحقها، وهى الدكتورة سحر نصر.
فالحكومة غافلة تماما عن البورصة المصرية وما يحدث فيها، ونزيف الخسائر التى لحق بالمستثمرين وحملة الأسهم خلال عام ٢٠١٦ وحتى الآن، وعجز البورصة عن جذب استثمارات جديدة لدعم الاقتصاد المصرى.
فـ«بورصة عمران» سعيدة بأن عيون الحكومة لا تتابعها ولا تراقبها وتحاسبها، رغم أن جميع مؤسسات الدولة الآن تخضع للمحاسبة إلا البورصة المصرية، استنادًا إلى أنها إحدى الهيئات المستقلة، حتى نواب الشعب عجزوا عن محاسبة البورصة، واستدعاء رئيسها وتشكيل لجان تقصى حقائق حول ما يدور فى البورصة، وسر الخسائر التى تلحق بالمتعاملين.
والغريب أن بعض المكاسب والأرباح التى تحققت مؤخرا ليس لعمران ورجاله أى دور حقيقى فيها، لأن قرار تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف هو السبب الرئيسى فى هذه الأرباح والمكاسب، ولا يحق لعمران ورجاله التباهى بذلك، لأن رجال الاقتصاد وعملاء البورصة يعلمون ذلك جيدًا رغم حدوث خسائر أيضا فى ظل التعويم، لأن سوء الإدارة للبورصة هو السبب وراء ذلك.
والكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة فى التعامل داخل البورصة هو النهج الذى يتبناه محمد عمران، رئيس البورصة، ورجاله من خلال الإسراع بطرح شركات أخرى رغم توافر كل الشروط القانونية والاقتصادية ونماذج الحوكمة، وغيرها من المطالب، مما يكشف سوء النوايا فى إدارة البورصة، وأنها أصبحت عائقا أمام الاستثمار.
فالتعديل الوزارى الأخير، وخاصة فى مجال وزارة الاستثمار لن يكتب له النجاح إلا إذا امتدت يد التعديل إلى الأجهزة الأخرى المرتبطة بالاستثمار، وفى مقدمتها «بورصة عمران»، لتحريرها من الإدارة الحالية، وإطلاق قدراتها الاستثمارية، واختيار قيادات جديدة تتولى إدارتها، ودفع عجلة الاستثمار بها.
فـ«بورصة عمران» أكبر دليل على صدق مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى «إن الدستور الحالى وضع بحسن النوايا، ولكن البلاد لا تبنى بحسن النوايا»، والدليل أن هذه البورصة التى تعمل فى جزيرة منعزلة وضد توجهات الدولة فى جذب الاستثمارات، ولكنها ضد الاستثمار، وتعرقل قيد وطرح الشركات، بل تتعسف فى استخدام السلطة ضد المتعاملين معها.
ففتح ملفات «بورصة عمران» واجب على الحكومة دون أى تأخير، ومراجعة كشف الحساب لهذه البورصة فى عام ٢٠١٦ وما تم حتى الآن فى عام٢٠١٧، لأن استمرار البورصة بعيدة عن الحساب والمتابعة خطر كبير على الاستثمار فى مصر، وخطر أكبر على المتعاملين وحملة الأسهم وخاصة الصغار منهم.
فالحكومة لا يمكن أن تضحى بالبورصة والمستثمرين وحملة الأسهم من أجل بقاء محمد عمران على رأس هذه البورصة، لأن التضحية يجب أن تتم بالجنين من أجل بقاء الأم، واستمرارها وليس العكس، ويكفى عمران السنوات التى تولى فيها إدارة البورصة منذ عهد الببلاوى فى رئاسة الحكومة، ولا بد أن توجه إليه كلمة شكر، كما وجهت للوزراء الراحلين من الحكومة.
فإنقاذ البورصة مهمة ليس من جانب وزيرة الاستثمار، سحر نصر، فقط ولكن مهمة من جانب مجلس الوزراء بأكمله، بل ومجلس النواب أيضا، لأننا فى أشد الاحتياج لاستثمارات جديدة، وليس هروب وتطفيش المستثمرين، ورفض قيد وطرح الشركات، لأن «محمد عمران عاوز كده، وعاوزها بورصة عمران وليس البورصة المصرية».