ظل قرار البدء في المشروع النووي المصري حبيس الأدراج الحكومية في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، فيما عاد مشروع الضبعة للنور مرة أخرى بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي القيادة السياسية، ليدخل حيز التنفيذ.
واتفق خبراء في مجال الطاقة النووية إلى أن أحد أسباب تأخر مصر في تنفيذ مشروعها النووي بالضبعة يعود إلى تدخلات من جهات مغرضة في الخارج من مصلحتها عدم امتلاك الدولة للتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بالإضافة إلى اعتماد نظام مبارك للأمية الثقافية لعدد كبير من المجتمع المصري، حول أهمية تلك التكنولوجيا.
وكانت تصريحات للرئيس الأسبق "مبارك" بمثابة حجر عثرة أمام فتح الحوار حول إقامة محطة نووية في مصر بالضبعة، حيث قال: "إن أرض مدينة الضبعة التابعة لمحافظة مرسى مطروح، لا تصلح لإقامة المشروع النووي المصري، لما له من أثر بالغ الخطورة على حياة المواطنين وسلامتهم"، وترسخت هذه المقولة الخاطئة في أذهان الناس.
وبعدها شُن هجوم إداري على أرض الضبعة، وبدأت تسقط أراضيها قطعة تلو الأخرى في أيدى رجال أعمال "مبارك" من خلال تخصيص مساحات شاسعة منها بلغت نحو ألف متر مربع تقريبًا، لرجل الأعمال محمود الجمال، رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للاستثمار والتنمية السياحية، وآخرين.
وحاول مسئولو محافظة مرسى مطروح إزالة وضع اليد على أرض الضبعة من قبل "الجمال" بالإجراءات الإدارية ولكنها باءت جميعها بالفشل، نظرًا لتمركز العديد من جماعات البدو في العلمين والضبعة في هذه المساحة، والتي أقاموا بها عددا من الوحدات السكنية بشكل عشوائي.
وواجهت القيادة السياسية الحالية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية تذليل كافة العقبات أمام تنفيذ المشروع، وكانت أبرزها إزالة ما تم ترسيخه في أذهان المواطنين بالضبعة من ثقافة خاطئة من حجم الضرر الذى سوف يقع عليهم ويصيبهم من جراء إقامة المشروع النووي على هذه الأرض.
في الوقت نفسه بدأت أعمال تخريبية تستهدف البنية التحتية لمشروع الضبعة النووى، طالت نحو 3% من المساحة الإجمالية لأرض الضبعة، والتى يقطنها أهالى المدينة، وهم من النازحين من جنوب سيناء.
ورصدت تقارير أمنية حينها أن هناك أعمالًا تخريبية تقوم بها بعض العناصر الإرهابية تستهدف البنية التحتية لمشروع الضبعة النووى، ممن يعيشون فى أرض المشروع الاستثمارى لشركة الشرق الأوسط المملوكة لرجل الأعمال محمود الجمال.
وبدأ تدشين عصر النهضة النووية في مصر، أواخر عام 2014، حيث اتجهت الرؤى نحو تحويل مدينة الضبعة إلى منطقة تدريبية على العمل النووي في كافة المجالات والأنشطة، مما يدعم عملية تطوير ثقافة المواطن المصري تجاه الطاقة النووية.
وعقد المجلس الاستشارى الوطنى الذى يضم العديد من علماء مصر عدة جلسات أسفرت عن بدء اتخاذ خطوات إيجابية نحو اتجاه مصر لامتلاك التكنولوجيا النووية ببناء أول مفاعل نووى لإنتاج الكهرباء.
وبدأت في أكتوبر 2014 أولى المفاوضات بين الجانبين المصري والروسي بشأن إقامة أول محطة نووية مصرية تضم 4 مفاعلات من طراز VVER-1200
وكانت كراسة الشروط الخاصة بتنفيذ مشروع الضبعة النووي، متضمنة أن يتعهد المورد- الجانب الروسي- بتوفير 85% من المكون الأجنبي لثمن المحطة، وأن يكون 15% من المكون المحلى، على أن تسدد قيمة المكونات بعد تشغيل المحطة النووية وبفترة سماح ميسرة.
وجدير بالذكر أن تكلفة إنتاج الكيلو وات أوير من الطاقة النووية أقل من تكلفة إنتاج نفس الوحدة الحرارية من المحطات الأخرى عدا الطاقة المنتجة باستخدام المساقط المائية.
وأشار الخبراء إلى أن أهمية دخول مصر عالم التكنولوجيا النووية تتمثل في أن العمل بالطاقة النووية وإنشاء العديد من المحطات، يسهم بشكل كبير، ويحفز الصناعة المصرية ورفع جودتها، بالإضافة إلى توفير الموارد المالية للدولة من خفض تكلفة إنتاج الوحدات الحرارية، مع الحفاظ أكثر على نظافة البيئة من مصادر الطاقة الأخرى، لاسيما أن بناء المحطات النووية يساهم في تشجيع السياحة من خلال زيارة مشروع المحطة النووية على طريقة مشروع السد العالي.
وفي أواخر أكتوبر 2014 أكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن العمل نحو تنفيذ مشروع الضبعة النووي يجرى بخطى ثابتة وتحركات منتظمة ومدروسة، وفقًا لخطة منهجية بشأن إنتاج مزيج من الطاقة من مصادرها المختلفة، والتي تتضمن إنتاج 2000 ميجا من الطاقة النووية.
في نوفمبر من نفس العام بدأت تحركات ثنائية بين الجانبين المصري والروسي، بشأن إنشاء محطات الطاقة النووية، تنفيذا لإحدى الخطى الحتمية في هذه المرحلة ولإقامة استراتيجية طويلة الأجل، تضمنت بدء الدراسات المتعلقة بالبنية الأساسية والموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي لإقامة مشروع الضبعة النووي.
في أواخر عام 2014 بدأت أعمال إعادة تأهيل موقع الضبعة، من استكمال أعمال البنية التحتية، وتحديث المواصفات بالتنسيق مع الاستشاري العالمي واستيفاء البيانات والمعلومات البيئية والتأمينية، في ظل تلقى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة عروض عدة من دول تقدم خبراتها للتعاون مع مصر في هذا المجال.
في يناير من العام 2015 وصل ملف المحطة النووية بالضبعة مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي، عقب الانتهاء من الأعمال التجهيزية لتنفيذ المشروع، منها إنشاء مبانٍ للعاملين وأبراج للأرصاد وقياس الرياح ودرجة الرطوبة وقياس التيارات البحرية والمياه الجوفية والزلازل، وتجهيزات إنشاء شبكة الكهرباء الخاصة بمشروع الضبعة، بالإضافة إلى إنشاء محطة المياه وشبكة الاتصالات، فيما أشرف فريق من المتخصصين من الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية على وضع اللمسات الأخيرة للمبانى الخاصة للمشروع، والتى بلغت تكلفتها نحو 20 مليون جنيه، من ضمنها إقامة ورش وجراجات ومبنى إدارى، وخزانات، ووحدة معامل ودراسات.
وفي فبراير من العام 2015 التقى المجلس الأعلى للطاقة الذرية السلمية برئاسة رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بممثلى شركة "روس أتوم" فى العاصمة الروسية "موسكو" وعقد لقاء آخر فى "فيينا" لبحث سبل التعاون فى مجال إنشاء المحطات النووية فى مصر.
وأسفرت هذه اللقاءات عن اتفاق الجانبين على تنفيذ مشروع الضبعة النووي، وأبدى "الروس" موافقة على التعاون المشترك مع الجانب المصرى فى مجال الطاقة النووية، وبشريطة مصرية تنص على استخدام المصانع للكهرباء المنتجة من الطاقة النووية، وهو ما لم يكن محض حوار أو نقاش فيما قبل مع دول أخرى.
وشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، في 19 نوفمبر 2015 توقيع عقد الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا لإقامة أول محطة نووية بالضبعة لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجا وات بحضور وزير الكهرباء ورئيس شركة روس أتوم الروسية.
كانت شركة "روس أتوم" الروسية أعلنت أنه سيتم توقيع الاتفاق النووى بين روسيا ومصر اليوم الخميس، وسيكون اتفاق تعاون فى بناء التكنولوجيات الروسية وتشغيل أول محطة للطاقة النووية، لتكون حجم الاستفادة من استخدام الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية كبيرة في رفع كفائة وجودة الصناعة المحلية، وخلق فرص عمل يوفرها المشروع النووى، فضلًا عن خلق مجتمعات عمرانية جديدة فى المواقع المحيطة بالمشروع النووى، وذلك بداية بتشغيل وإقامة نحو 3000 عامل يعملون فى إنشاء أولى محطة نووية حديثة.
وتتضمن شروط تنفيذ مشروع الضبعة النووى أن يتم إنشاء محطتين نوويتين قدرة إنتاج المحطة الواحدة 1400 ميجاوات، بالإضافة إلى استكمال البناء وإنشاء المحطات فى الضبعة إلى أن يصل عددها إلى 8 محطات نووية.
وتبادل الجانبان المصرى والروسى الزيارات بينهما، وأسفرت عن رفع نسبة إدخال المكون المحلى فى إنشاء "الضبعة" إلى 35% مقابل 65% روسى.
ونشرت الجريدة الرسمية في عددها الصادر الخميس 19 مايو 2016، قرار رئيس الجمهورية رقم 484 لسنة 2015 بالموافقة على الاتفاقية الموقعة بين حكومتي مصر وروسيا بشأن تقديم قرض تصدير حكومي من الأخيرة إلى مصر لإنشاء محطة طاقة نووية بقيمة 25 مليار دولار.
ووقعت الاتفاقية التي شهدها الرئيس عبدالفتاح السيسي، في 19 نوفمبر 2015، بين مدير عام شركة "روس أتوم" سيرجى كيريينكو، ووزير الكهرباء والطاقة في مصر محمد شاكر.
ونصت الاتفاقية في المادة الأولى على أن يقدم الطرف الروسي قرض تصدير حكومي لصالح الطرف المصري من أجل تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لوحدات الطاقة الخاصة بمحطة الطاقة النووية.
ويستخدم القرض بواسطة الطرف المصري لتمويل 85% من قيمة كل عقد لصالح تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات المتعلقة بالمعدات، ويسدد الطرف المصري القيمة المتبقية للتمويل والبالغة 15% في أقساط، إما بالدولار أو بالجنيه المصري لصالح المؤسسات الروسية.
وذكرت الاتفاقية استخدام الطرف المصري القرض لمدة 13 عامًا خلال الفترة من ( 2016 حتى 2028)، حسب الاتفاق بين وزارتي المالية المصرية والروسية في صورة دفعات على سنوات يستحق في عام 2016 مبلغ 247.8 مليون دولار، وفى عام 2017 مبلغ 241.1 مليون دولار، وفى عام 2018 مبلغ 744.7 مليون دولار، وعام 2019 مبلغ 1854.8 مليون دولار، وعام 2020 مبلغ 2148.5 مليون دولار، وعام 2021 2561.1 مليون دولار، وعام 2022 مبلغ 3728.4 مليون دولار، وعام 2023 مبلغ 4193.5 مليون دولار، وعام 2024 مبلغ 3463.8 مليون دولار، وعام 2025 مبلغ 2616.3 مليون دولار، وعام 2026 مبلغ 1307.8 مليون دولار، وعام 2027 مبلغ 217.3 مليون دولار، وعام 2028 قيمة المتبقي من الرصيد.
وذكرت الاتفاقية، أن الطرف المصري يسدد المبالغ المستخدمة من القرض على مدار 22 عامًا بـ43 قسطًا نصف سنوي متساويًا في 15 إبريل و15 أكتوبر من كل عام شريطة أن يجري سداد الدفعة الأولى من أصل القرض في يوم 15 أكتوبر 2029.
وعن الفائدة، ذكرت الاتفاقية أن الطرف المصري يدفع فائدة على القرض بمعدل 3% سنويًا، وتستحق الفائدة على أساس يومي بداية من استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائي لكل مبلغ من مبالغ أصل القرض، ويسري سداد آخر دفعة من الفائدة بالتزامن مع السداد النهائي لأصل القرض.
وأعفت الاتفاقية كل المبالغ، التي يسددها الطرف المصري بموجب القرض من أي ضرائب وتسدد دون قيود أو استقطاعات أو سحوبات أو احتجاز تعويضي.