قبل أسابيع غادر شاب مصرى بيته فى رحلة إلى باريس، عاصمة النور والثقافة، هذا الشاب مقيم بدولة الإمارات العربية المتحدة.
إلا أن سرعان ما كان هذا الشاب حديث العالم أجمع، حسب روايات الجانب الفرنسى لم يكن هدفه رحلته إلى باريس التنزه أو الحصول على فرصة عمل أو حياة مختلفة، أو الدراسة، بل كان هدفه الوحيد هو الهجوم على متحف اللوفر الفرنسى بسكين، وبخاخ طلاء ليغطى بها لوحات متحف اللوفر، وحسب ما تناولته وكالات الأنباء العالمية فإن هذا الشاب حاول الهجوم على عدد من رجال الأمن، وصرخ بالعربية "الله أكبر"، فأطلق عليه شرطى 5 رصاصات استقرت أخطرها فى منطقة البطن، وألقوا القبض عليه فى دقائق معدودة.
للأسف الشديد، استقبلنا نحن هذه القصة بكل ما فيها من عوار بالإدانة والشجب، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبى، ورغم أن كثيرا من الجوانب فى القصة تبدو غير مألوفة وغير منطقية فهذا الشاب كما سبق وأن أشارت وكالات الأنباء العالمية ينتمى لأسرة مصرية ميسورة، خدم والده فى جهاز الشرطة وخرج إلى المعاش برتبة لواء، كما يعمل أخواه فى أجهزة الأمن والجيش، ويكافحون الإرهاب.
الأغرب في الرواية الرسمية الإشارة إلى أن هذا الشاب قد هاجم المتحف بمفرده تمامًا دون تخطيط أو مشاركة من أى جهة، وعلى جانب آخر نجد ظهور حساب باسم الشاب المصرى على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر " يحمل عبارات متطرفة وبسرعة ظهور هذا الحساب كانت سرعة إختفائه أيضا، كل تلك المعلومات المتضاربة تشير إلى وجود عامل غامض يحيط بهذه القضية.
فإذا فكرنا فى لا معقولية الهجوم المفترض، فمن ذا الذى يبادر بترك وظيفة وحياة مستقرة، ليهاجم متحفا هو الأعلى تأمينا فى العالم، بسكين وبخاخ طلاء وحده وفى وضح النهار، إضافة إلى إن هذا الشاب لم يثبت بأى شكل لدى أجهزة الأمن المصرية والإماراتية والفرنسية حتى أنه تورط فى أى نشاط متطرف أو مشبوه سابقا.
ومن ثم لا يمكن التعامل مع الحادث بطريقة سطحية أو افتراض الفردية فيه حال ثبوت قيام هذا الشاب بهذا العمل فاللافت للنظر محاولات بعض الجهات إستغلال الواقعة فور حدوثها لإدانة جمهورية مصر العربية كدولة مصدرة للإرهاب وترويج للقصة واستغلالها وفق ما صاحبها من التهويل والتضخيم وما تلاها من إطلاق التصريحات الإعلامية دون بينة أو دليل والتي كان أشدها اشتباك الرئيس دونالد ترامب مع الحادثة على حسابه بتويتر، قائلا: " متطرف إسلامي جديد هاجم قبل قليل متحف اللوفر بباريس. تم تأمين السياح. فرنسا في الهاوية مجددا. للولايات المتحدة: تعاملي بذكاء " وجزمه بأن المتورط متطرف إسلامي قبل أن تعلن ذلك السلطات الفرنسية أو المصرية.
الحقيقة أنني لا أدرى مدى صدق الرواية الفرنسية عن الشاب المصري، وأجد تناقضا كبيرا بين بيانات هذا الشاب ما بين ما وفره والده من معلومات، وبين ما تزعم أجهزة الأمن الفرنسية أنه كان بصدد فعله، لذا فإنه يجب على السلطات المصرية أن تتمسك بحقها فى المشاركة فى تحقيق عادل والتأكد من صدق المعلومات ومعرفة الدوافع والاتهام خاصة بعد أن تضاربت تصريحات جهات التحقيق الفرنسية نفسها، فسارعت باعتبار الحادث إرهابيا فور وقوعه، ثم عادت التحقيقات لتؤكد أن هذا الشاب لم يكن يحمل متفجرات، وأنه استأجر شقة ترك فيها أوراقه وهى كلها سليمة، وبها كافة بياناته ومتعلقاته الشخصية من جواز سفر وبطاقات ائتمان.