السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوادث وقضايا

"البوابة" داخل منزل قتيل العمرانية.. الجيران: كان دائم التعدي على والده بالحذاء.. والمتهم أعطاه 5 جنيهات لشراء كشري واصطحبه لشقته وتخلص منه وقطعه ووضعه في شنطة لمدة 18 يومًا.. وأبوه ظن أنها لحمة فاسدة

اكتشاف الجثة بعد 18 يوما..

منزل قتيل العمرانية
منزل قتيل العمرانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلف الغُرف والأبواب المغلقة أسرارٌ تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة، لا يعرفها الجميع، وصراعات رهيبة لا يحسمها إلا جرائم قتل بشِعة ستظل عالقة فى الأذهان على مدى سنوات، والأكثر بشاعة عندما تتعلق هذه الجرائم بالآباء والأمهات والأبناء، وهذا ما حدث فى منطقة العمرانية بشارع عبدالفتاح الدالي الذي كان شاهدًا على واحدة من أبشع الجرائم التي حدثت منذ سنوات طويلة، فعلى غرار فيلم "المرأة والسطور" لكن مع اختلاف الشخصيات قام مجند بقتل شقيقه الأصغر وتقطيعه لـ7 أجزاء دون أن تأخذه رحمة به أو شفقة.
البوابة انتقلت إلى مسرح الجريمة؛ لرصدها والتعرف على ملابساتها من خلال الحديث مع الجيران والأهالي، وكانت البداية مع "أم محمد"، المرأة ذات الخمسين ربيعًا، التي تمتلك محل خردوات يقع أمام منزل الضحية وشقيقه.
وبسؤالها عما حدث سرعان ما بدأت فى سرد الأيام التي مرت قبل أن يكتشف أهل المجني عليه الواقعة، قائلة: "أحمد إبراهيم مات وأخد سره معاه، مافيش حد يعرف إيه اللي حصل بينه وبين أخوه، وليه قتله، رغم أن فتحي "المتهم" كان محترم وعُمرنا ما سِمعنا منه العِيبة، وكان فى حاله لا ليه صاحب ولا غيره، من شغله للبيت ومن البيت للشغل، لكن أخوه كان معروف بين الناس بسُمعته السيئة، وأنه قليل الأدب وكثير المشاكل رغم صغر سنه.
وأضافت: "أن المجني عليه تسبَّب فى حدوث مشاكل بين أسرته وجيرانهم الأقباط المقيمين فى العقار المقابل للعقار الذى شهد الواقعة، وكان ذلك بسبب كثرة تناوله الخمرة والبرشام، حيث إنه فى إحدى المرات نشبت بينه وبين أطفال الأسرة المسيحية مشاجرة قاموا خلالها بطعنه بمطواة فى بطنه، وكان هيموت، وأهالي المنطقة اجتمعوا وحاولوا حل هذه المشكلة، وانتهى الأمر بينهم بالاتفاق على "قاعدة" يحضرها طرفا العائلتين، وانتهي الأمر بينهم بتوقيع جزاء على أسرة القباط وإلزامهم بدفع 10 آلاف جنيه على سبيل الفدية، وجابوا جِدْي ودبحوه على الباب من سنة.
وأشارت: "إلا أنه بعد مرور فترة حاول أصحاب المجني عليه أن يسيطروا على عقله وأكدوا له أنه لم يصبح راجل فى حالة إن قبِل الفدية من الأسرة المسيحية وطلبوا منه إعادتها لهم مرة أخرى، فذهب إلى والديه وطلب منهم إعادتها لأصحابها وأنه لا يرغب فيها، رفضوا ومع إصراره، وخاصة في ظل تناوله المواد المخدِّرة قرروا وضعه داخل مصحّة لعلاجه من الإدمان، توالت الأيام وأصبحت الأسرة لا تمتلك الكثير من المال، خاصة أن نفقات المجني عليه كانت كثيرة، حيث تكلِّفهم المصحة في اليوم الواحد 650 جنيهًا، لذلك قرروا إخراجه وإكمال علاجه في المنزل ولم يتوقعوا أن تتدهور أحواله".

وأكملت الجارة حديثها مرة أخرى قائلة: فور خروجه من المصحة وقبل الواقعة بأيام نشبت بين المجني عليه ووالده مشكلة حاول الجميع التدخل لحلِّها لكن دون جدوى مما دفعه إلى التعدي على والده وضربه بالحذاء أمام الجميع، كما أنه قام بالتعدي على والدته هي الأخرى وضربها بالكرسي، وعندما شاهد المتهم كل هذا تدخَّل لتخليصهما من يده، فى حين أن المجني عليه كان مُصِرًّا على أخذ مبلغ الفدية وإعادته للأقباط، فردَّ عليه المتهم قائلًا: "منين، إحنا ما بقاش معانا فلوس"، وأعطى له مبلغ 5 جنيهات لشراء علبة كشري، وذهب المجني عليه، ومنذ هذه اللحظة لم يشاهده أحد، وظل مختفيًا لأكثر من 18 يومًا، وفِضلنا ندوَّر عليه، وعمُّه سامي حرَّر بلاغ باختفائه فى قسم الشرطة، وفكَّرنا إنه انتحر أو رمى نفسه فى النيل، لكننا قلنا كان زمان جثته طلعت.
وعن يوم اكتشاف الواقعة تؤكد "أم محمد" أن والده صعد إلى شقة شقيقه المتهم ليتفقدها فاكتشف وجود رائحة كريهة تنبعث منها، فبحث عنها، وبمجرد دخوله عثَر على شنطة فيها لحم متقطع، فنادى زوجته وسألها عن مصدر هذه اللحوم، وبفحصها تبيَّن أنها خاصة بجثة نجلهم المتوفَّى، ومن هنا كانت الكارثة، وبدأ لغز الواقعة، وقاموا بتحرير محضر، وتم التحفظ على الأسرة كلها.
وبسؤالهم والتحقيق معهم تبيَّن أن شقيق المجني عليه "فتحي" المجنَّد هو مَن قام بارتكاب الواقعة وقتل شقيقه، وقام تقطيعه لأجزاء وأخفاه بالشقة.
واختتمت الجارة حديثها قائلة: "مافيش حد مستغرب من اللي حصل، إذا كان والدهم مريض نفسي ومعاه شهادة معاملة أطفال منذ الصغر، فطبيعي يكون الأبناء لديهم مشكلة".

وبالتجول في الشارع محل الواقعة التقينا "أشرف شهدي"، أحد أفراد الأسرة القبطية ووالد الابن الذي تَشاجر مع المجني عليه قبل عام من ارتكاب الواقعة، والذي تحدَّث عن المشكلة التي واجهها مع أسرة المتهم والمجني عليه، قائلًا: "أنا كنت في حالي من بيتي لشغلي في مصنع الشمعدان، لم أرغب يومًا في عداء أحد، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمنذ عام نشبت مشاجرة بين نجلي والمجني عليه وانتهي الأمر بينهم على عقد صلح واتفقنا على أن أدفع فدية مالية قدرها 11500 جنيه، وعادت الأمور لطبيعتها، ودائمًا كنا نذهب إليهم في الأفراح والأحزان، وكانت مشاكل عادية بين شباب بسبب سب الدين، وانتهت الأمور مع الصلح، وكان فى شرط جزائى إن اللي يعتدي على الثاني بعد الصلح يدفع غرامة 22 ألف جنيه، حاولت حماية أسرتي فقررت دفع الفدية ولحد دلوقتي بسد الفلوس اللي عليا رغم أن مرتبي صغير 900 جنيه في الشهر، بس أعمل إيه، الحمد لله إنها انتهت على كدة.
وبسؤال جيران المجني عليه أكدت داليا حسن، أحد سكان الشارع، أن أسرة المجني عليه يقيمون جميعًا فى منزل واحد "بيت عائلة "مغلق عليهم، ولا يستطيع أحد الدخول إليهم أو التعامل معهم فى شىء، ناس دائمًا فى حالها، كل فرد من العائلة يذهب لقضاء احتياجاته ويعود مرة أخرى ليغلق عليهم باب المنزل، أهل الشارع جميعًا يشعروا بالحزن على المجني عليه.

وفيما يخص المتهم أشارت غادة حسن إلى أنه لم يكن يفتعل مشاكل مع أحد، يذهب إلى الخدمة العسكرية، ثم يعود لقضاء إجازته، لم نسمع يومًا عن مشاكل ظهرت بينه وبين شقيقه الضحية، حتي فؤجئنا بخبر وفاة الأخير، فقبل الواقعة بأكثر من 18 يوم اختفى أحمد من منزله وظل الجميع يبحث عنه وقاموا بتحرير محضر بغيابه، ولم يكن أحد يعلم أن شقيقه تخلَّص منه وتركه فى شقته التي يجهزها، حتى اشتكى بعض الأهالي من انبعاث رائحة كريهة من داخل منزل أسرة المجني عليه، وبالبحث تبيَّن أنها أجزاء جثة "أحمد"، الجميع تعجَّب مما فعله المتهم وكيف تخلَّص من شقيقه بهذه الطريقة "المجني عليه مكنش يستاهل اللي حصل معاه والموت بالطريقة البشعة دي، بس مافيش حد يعرف لحد الآن سبب ارتكاب الجريمة لأن كلهم عائلة واحدة، وأسرارهم مش معروفة. 
يُذكر أن المقدِّم محمد الجوهري، رئيس مباحث قسم العمرانية، تلقَّى بلاغًا من "إبراهيم فتحي" صاحب محل، يفيد بأنه عثَر على جثة نجله "أحمد" مقطَّعة إلى أجزاء داخل شقة شقيقه التي كانت تحت التشطيب بعد غياب 18 يومًا، وبتكثيف الجهود والبحث تبيَّن أن وراء ارتكاب الواقعة شقيقه فتحي البالغ من العمر 23 عامًا، مجنَّد بالأمن المركزي، وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة، وقام بتمثيل جريمته، وأمرت نيابة حوادث جنوب الجيزة برئاسة المستشار عبدالحميد الجرف، بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.