لا أحد يختلف داخل مصر وخارجها على أن نجيب ساويرس رجل أعمال ناجح، بل ناجح جدًا، واستطاع أن يكون ثروة هائلة دون النظر إلى الوسائل والأساليب، وأصبح واحدًا من أبرز رجال الأعمال فى مصر والعالم، واستطاع أن يكسب جميع المعارك الاقتصادية التى خاضها خلال مسيرته كرجل أعمال، واشتهر بهذه الصفة، ولكنه ليس من رجال السياسة على الإطلاق.
فالمهندس نجيب ساويرس ليس من زمرة السياسيين وليس لديه إلمام بقواعد اللعبة السياسية التى دخلها على كبر وبعد ٢٥ يناير، مستندًا إلى ثروته المالية وأيضا الأذرع الإعلامية التى كان يملكها وقتها والقنوات الفضائية التى باعها بعد ذلك.
حتى عندما قام بتأسيس حزب المصريين الأحرار بعد ٢٥ يناير اعتمد على ثروته المالية كقاعدة إنشاء أساسية لهذا الحزب وليس القواعد السياسية والحزبية فى إنشاء الأحزاب، ولم يسع للاعتماد على أهل الخبرة السياسية، بل سعى إلى أهل الثقة والمقربين منه والعاملين فى شركاته، وأراد أن يصبح زعيما روحيا للحزب وليس رئيسا له، لأن حلم الزعامة كان يسيطر عليه ويطارده فى بداية دخوله عالم السياسة والأحزاب.
وعندما قرر خوض تجربة أول تحالف سياسى من خلال «الكتلة» مع حزبى المصرى الديمقراطى والتجمع استند إلى ظهير طائفى فى دعم الكتلة وليس ظهيرا شعبيا سياسيا، وكان هو الممول لحملة انتخابات الكتلة فى عام ٢٠١٢، ولم يستطع أن يحصد المقاعد التى كان يحلم بها رغم الإنفاق المالى الكبير الذى تم إنفاقه على قوائم ومرشحى الكتلة.
ولم يكن حزب المصريين الأحرار رقمًا فى المعادلة السياسية والحزبية قبل ٣٠ يونيو كما توهم ساويرس وأن ثروته لم تعد كافية فقط لجعل حزب المصريين الأحرار هو الحزب الحاكم وصاحب الأغلبية لتحقيق طموحه السياسى والجلوس على مقعد الوزارة هو أو أحد أشقائه، ولدى قيادات الحزب فى تلك الفترة ومنهم أحمد سعيد رئيس الحزب المستقيل الكثير من الأسرار.
وبعد قيام ونجاح ثورة ٣٠ يونيو بإرادة الشعب وليس بإرادة الأحزاب، ومع قرب الاستعداد لانتخابات البرلمان تجددت آمال وطموح ساويرس مع تولى الأمر لأصحاب الخبرة السياسية وفى مقدمتهم الدكتور عصام خليل رئيس الحزب الحالى والذى استطاع أن يجذب ويضم عددا كبيرا من القيادات السياسية والبرلمانية القادرين على حصد المقاعد باسم المصريين الأحرار حتى حصل الحزب على أكبر عدد من المقاعد بالنسبة للأحزاب.
وكان لساويرس دور من خلال الإنفاق والدعم المالى للمرشحين فقط وليس بأى دعم آخر، بل إن ترديد اسم ساويرس فى بعض المعارك الانتخابية كان له أثر سلبى، وأدى لسقوط بعض المرشحين خاصة فى معارك الإعادة، ولكن نشاط ودور عصام خليل الذى رفض الترشح وفضل التفرغ لإدارة المعركة أدى إلى إنقاذ الموقف فى بعض الدوائر الانتخابية، بل وإقناع بعض المرشحين بالاستمرار وعدم الاستقالة من الحزب.
ويبدو أن ساويرس كانت له أهداف وأغراض أخرى من وراء حصد هذه المقاعد للمصريين، وتصور أن النواب الذين نجحوا هم مجرد موظفين لديه، وأنهم لا يملكون سوى السمع والطاعة لأوامر وتوجهات ساويرس ورغباته، بل وأحلامه دون أن يدرك أن الشعب أسقط السمع والطاعة لدولة المرشد الإخوانى الإرهابى، ولن يسمح بدولة ساويرس للسمع والطاعة.
وظهرت النوايا الحقيقية مع الممارسة البرلمانية الوطنية لكتلة وهيئة المصريين الأحرار تحت قبة مجلس النواب حماية لهوية الدولة المصرية ودفاعا عن مؤسسات الدولة وإقامة مبدأ الشراكة البرلمانية مع ائتلاف دعم مصر وباقى الأحزاب السياسية والتى رسم خطوطها المايسترو السياسى الدكتور عصام خليل رئيس الحزب ونفذها باقتدار وحكمة علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب انحيازًا للوطن وليس للحكومة.
ولم يرض ذلك ساويرس صاحب ومؤسس الحزب فقرر خوض معركة ضد العناصر الوطنية والسعى لإبعادها لصالح مجلس الوصاية الذى يرأسه ويديره دون أن يدرك أن الحزب ليس ملكا أو إرثًا له، وتلقى صفعة سياسية لم يتوقعها بفصله من الحزب وإسقاط مجلس الوصاية برئاسته حتى يستمر الحزب فى مسيرته الوطنية مدعوما بإرادة الشعب المصرى ولكنه ما زال لم يع ويفهم هذا الدرس، مصمما على خوض معركة سياسية خاسرة ضد كتيبة الوطنيين داخل المصريين الأحرار.
فعلى ساويرس أن يعلم أن حزب المصريين الأحرار كأحد الأحزاب السياسية الوطنية لن يضيع وقته فى معارك وينسى معارك الشعب الحقيقية فى الحياة الكريمة والقضاء على الإرهاب ودعم الفقراء ومحدودى الدخل، وإن من يقود المعارك من داخل القصور والصالونات واستراحات الفنادق الفاخرة لن يستطيع أن يحقق مكسبا على من يعيشون وسط المواطنين من نواب المصريين الأحرار.
فعلى ساويرس أن يحتكم لصوت العقل والحكمة ويعود إلى رشده وصوابه ويحافظ على شعرة معاوية بينه وبين قيادات ورئيس حزب المصريين الأحرار ويترك السياسة لرجالها ويتفرغ لأعماله وأنشطته الاقتصادية والتجارية، لأن المصريين الأحرار لن يصبحوا أبدًا عبيدًا لساويرس بعد أن تحرروا من قيودهم وحرروا الحزب من وصايته.