تميز بأسلوبه الأدبي وبجمالياته وتقنياته الأسلوبية، كما تميز بحساسية أدبية رفيعة وبالتزام إنساني عميق، ولم يتوقف بجرأته الحكائية عن تناول قضايا وطنه، من خلال طروحات سياسية أو إيديولوجية، بل من خلال الحياة العادية، وما يكتنفها من طغيان واستبداد وموت مجاني، إنه الكاتب العراقي عبدالرحمن فؤاد التركلي.
عمل التريكلي في بداية حياته ككاتب تحقيق وبعدها محاميا، ثم قاضيا، وتولى عدة مناصب في الدولة ومنها في القضاء العراقي حيث تم تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد عام 1964، وبعدها سافر إلى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل العراقية، عمل منذ أوائل الخمسينات حاكم تحقيق أولا ثم قاضيا فرئيس قضاة قبل تقاعده عام 1985 وتفرغه للكتابة، لكن هذا العمل في قلب العتمة ساعده على التماسّ مع أولئك المتهمين بمختلف الجرائم. ولعل جرائم الشرف وما تحمله من إمكانيات وقوع اعتداءات داخل عائلات الضحايا كسبب لها وراء اهتمام التكرلي بموضوع العلاقات المحرمة في قصصه القصيرة ورواياته.
نشر التركلي أولى قصصه القصيرة في عام 1951 في مجلة الأديب اللبنانية، ولم ينقطع عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، كما صدرت له في تونس عام 1991 مجموعة قصصية بعنوان "موعد النار". وفي عام 1995 صدرت له رواية "خاتم الرمل"، وكتب روايته الأخيرة "اللاسؤال واللاجواب" عام 2007.
تميز التكرلي عن الكثيرين من أبناء جيله من المبدعين بندرة إبداعه الأدبي، وذلك ناجم عن تعامله مع الكتابة مثل تعامل الصائغ مع مواده كما شبهه الناقد علي جواد الطاهر، بين أول قصة نشرها عام 1951 وحتى عام 1980 لم ينشر الراحل التكرلي سوى 14 قصة قصيرة، لكن الكثير منها مجوهرات حقيقية، رسخت للأجيال اللاحقة من القاصين العراقيين إطارا مفتوحا للكتابة القصصية كفن قبل كل شيء، أما روايته "الرجع البعيد" فاستغرقت كتابتها 12 عاما.
توفي التركلي بعد معاناة طويلة من مرض سرطان البروستاتا في عمان عن عمر ناهز الثمانين عاما في 11 فبراير 2008، وخلف منجزا إبداعيا غنيا يعد من ركائز الحداثة في القصة العراقية ويتسم بقربه من معاناة الإنسان العراقي من خلال تناول المشاكل السياسية والاجتماعية في بلاد الرافدين.