"زغلول": لن نخفف الضغط على الدولار بسبب حاجتنا لاستيراد المواد الخام
"فؤاد": يمكننا فقط إنتاج الأمصال ولبن الأطفال.. وتوجد أصناف محظورة علينا
أكد متخصصون فى صناعة الدواء، أن محاولات مصر تخفيف الضغط على طلب الدولار لاستيراد الأدوية هو أمر جيد، إلا أنه من الصعب تنفيذه فى الوقت الحالى، نظرا للعديد من الصعوبات التى تواجه عملية التصنيع، وتتمثل فى عدم توافر التكنولوجيا المتطورة والبنية التحتية لأنواع الماكينات المستخدمة فى صناعة أدوية الأورام والأنسولين، وغيرها من العلاجات التى لا يوجد لها مثيل فى مصر.
وقال الدكتور أحمد زغلول، الرئيس التنفيذى لشركة «أكتوبر فارما»، إن هناك صعوبات عديدة تواجه تصنيع الدواء المستورد فى مصر، منها أن صناعة الأدوية المزمنة والأورام وغير الموجودة فى مصر تحتاج إلى تكلفة مرتفعة جدا، وإلى سوق كبيرة تكون قادرة على استيعابها، وبالتالى فإن «الجدوى الاقتصادية ستكون صعبة على أى شركة، إلا إذا كانت تضع خطة تسويقية قوية تستطيع من خلالها بيع هذه الأدوية.
وأوضح أن تصنيع الأدوية المستوردة فى مصر لن يكون حلًا لتخفيف الضغط على الدولار، خاصة أن صناعة الأدوية بالكامل، والتى تصل تكلفتها فى مصر إلى نحو ٥٠ مليار جنيه تقريبًا، تحتاج إلى شراء المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من الخارج، وبالتالى فهى تحتاج إلى الدولار، كما أن حجم استيراد الأدوية من الخارج يقدر بنحو ١٠٪ تقريبا من السوق المحلية، أى ما يقرب من ٦ مليارات جنيه، وهو ما يجعل فرصة استيرادها من الخارج أكبر من عملة التصنيع.
ورأى ضرورة أن تعيد الحكومة هيكلة وتطوير شركات الأدوية التابعة لها، بدلا من أن تضخ أموالًا فى شركات جديدة، وأن تغلق منابع الفساد فى الشركات الحكومية، وتعمل على تقليل العمالة ومنع المحسوبية، والتركيز على تصنيع الأدوية الأساسية التى تحقق ربحًا عادلًا، مع وضع أسعار عادلة.
ولم يختلف عنه رأى محمود فؤاد، مدير مركز «الحق فى الدواء» والذى قال إن صناعة الأدوية من الصناعات الحساسة التى تحتاج إلى تكنولوجيا عالية وأجهزة متطورة، وهى غير موجودة فى مصر، ولا توجد بنية تحتية لها، مضيفًا: «تفعيل ذلك يحتاج إلى مليارات الدولارات»، فضلًا عن أنها مصنفة من دول العالم الثالث، وبالتالى هناك العديد من أنواع الأدوية لا يمكن صناعتها فى دول العالم الثالث، للعديد من الاعتبارات الدولية.
وأضاف: «هناك بعض أنواع الأدوية التى يمكن صناعتها فى مصر، وبالتالى تقليل الاعتماد على الاستيراد ومنها جميع أنواع الأمصال ولبن الأطفال الذى يكلف الدولة نحو مليار جنيه سنويا، بجانب بعض الأنواع الأخرى المسموح بتصنيعها، لكن ذلك يحتاج إلى العديد من المصانع، وإلى بنية تحتية جديدة من خطوط إنتاج وتكنولوجيا»، لافتًا إلى أنه «ربما يكون إنشاء شركة جديدة للأدوية من قبل وزارة الإنتاج الحربى عاملًا مساعدًا فى التمهيد لتصنيع جزء من الأدوية المستوردة».
وأكد على عوف، رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة، أن صناعة الدواء فى مصر تحتاج لخطة استراتيجية، وإمكانيات عالية التقنية، وذلك غير متوافر بالمصانع الحالية، موضحًا أن إنتاج مصر من الدواء يصل لـ ٨٥٪، بينما يتم استيراد ١٥٪، وكلها من الأدوية المزمنة متمثلة فى أدوية السرطان وأنسولين مرضى السكر وأدوية الهرمونات.
وأوضح أن صناعة الدواء من السلع الاستراتيجية، وتكون لها اشتراطات قياسية ومواصفات ذات جودة معينة، وتحتاج إلى استثمارات عالية تقدر ما بين ١٥٠ إلى ٢٥٠ مليون جنيه، كما ينبغى أن تحقق مكاسب حتى يمكن ضخها فى مشروعات جديدة، إلا أن وجود «تسعيرة جبرية» يشكل عائقًا أمام تحقيق مكاسب جيدة، بجانب وجود آليات عقيمة فى تسجيل الأدوية بوزارة الصحة. وأضاف: «التغيرات الوزارية المستمرة أحدثت عرقلة للخطوات السابقة التى تم اتخاذها لإنشاء مصانع جديدة، وبالتالى نحتاج لسياسة واضحة لتسجيل وتسعير الدواء».
وشدد على أهمية فصل الدواء من إشراف وزير الصحة، على أن تكون هناك لجنة عليا للصيدلة والدواء تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، وأن يكون هناك تكاتف بين وزارات الاستثمار والتخطيط والتجارة والصناعة والصحة لوضع خطوط واضحة تساهم فى عملية الاستثمار لإنشاء مصانع للأدوية.