الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"صناعة الأدوية" بيزنس الكبار.. والمريض الضحية

السر يكمن فى سيطرة الشركات الأجنبية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«صحة البرلمان»: احتكار الشركات الخاصة للمصانع وراء تدهورها
«فاروق»: سياسات الحكومة وراء تدمير المصانع الوطنية
«حافظ»: عدم وجود مصانع لإنتاج المواد الخام يهدد قدرتنا على اكتشاف الأمصال
«الصيادلة»: المريض يدفع ثمن احتكار الشركات الأجنبية


كشفت أزمة أسعار الدواء الأخيرة فى أعقاب تعويم الجنيه، تهالك السياسات الدوائية فى مصر، وانحسار السيطرة عليها ما بين كوارث العشوائية، ومصالح الشركات الأجنبية المحتكرة لسوق الدواء المصرية، خاصة بعد النقص الحاد لأكثر من ٤ آلاف صنف من الأدوية، ممثلة فى أدوية الأمراض المزمنة كالضغط، والسكر، والكبد، والمحاليل الطبية، وأدوية الأورام، والصرع، والقلب، وأنواع الأنسولين ومشتقات الدم. 
فيما لم تجد الحكومة أمامها سوى مواجهة الأزمة برفع تسعيرة الدواء للحفاظ على أرباح شركات الدواء، ليصبح المريض هو من يتحمل تبعات هذا الارتفاع، حالة التخبط هذه فرضت عددًا من التساؤلات، أبرزها هو لماذا لا تتجه وزارة الصحة لإنشاء مصانع وطنية؟ وما أبرز معوقات إقامتها للحفاظ على أمن الدواء القومى؟.

من جانبه أكد الدكتور محيى حافظ، خبير صناعة الدواء، أن شركات القطاع الخاص الدوائى المصرى تسيطر على ٣٦٪ من السوق، علاوة على أن الشركات الأجنبية تستحوذ على ٥٨٪من سوق الدواء إلى جانب أن شركات الدواء الوطنية تستورد المواد الخام من الخارج، وبالتالى تظل البلاد تحت رحمة سياسات الشركات الأجنبية، حيث تفرض تلك الشركات منتجاتها وبكميات محدودة بأسعار مرتفعة، والتى تزداد مع ارتفاع سعر الدولار، مما يضر بالأمن القومى من ناحية، ويضر بالمريض الفقير من ناحية أخرى.
وأشار إلى أن سوق الدواء المصرية، بحاجة إلى دعم الدولة فى تطوير شركات قطاع الأعمال العام بالتكنولوجيا، مع إمدادها بالتمويل اللازم الذى يعطى مردودًا أعلى من تدعيم استيراد المواد الخام الدوائية، محذرًا من سيطرة شركات ومكاتب الدواء الأجنبية على ٦٠٪ من سوق الدواء، بينما شركات قطاع الأعمال العام تسيطر فقط على ٤٪ من السوق من ناحية السعر.
موضحًا أن القوات المسلحة لديها تقنيات تمكنها من صناعة دواء مصرى ١٠٠٪، ولكن ستظل عقبة رفض الشركات العالمية نقل تقنيات صناعة الدواء إلى الدول النامية، مشيرًا إلى افتقار مصر إلى وجود مصانع لإنتاج المواد الخام الدوائية، بسبب تدهور البحث العلمى الدوائى، حيث إن اكتشاف الأدوية والأمصال الجديدة بحاجة إلى قدرة الدولة على إنتاج المواد الخام فضلًا على امتلاكها لمصانع وطنية تجرى بداخلها التجارب، للتأكد من صلاحية الأدوية الجديدة. 
وحذر «حافظ» من خطورة توقف الاستيراد لأى سبب لعدة شهور، مؤكدا أنه يعتبر كارثة حقيقية على الدولة، يضاف إلى ذلك أن استيراد المواد الخام الدوائية من الخارج، يجعل الصناعة الدوائية فى مصر تحت تحكم السوق العالمية للدواء بجانب تأثر الدواء المصرى بتقلبات السوق العالمية سواء بسبب ارتفاع أسعار العملات أو حتى بسبب سياسات خاصة بالدول التى نستورد منها المواد الخام الدوائية.
وأشار إلى أن التصنيع المحلى له مميزات، وهى أن إنتاج المواد الخام الدوائية بأسعار زهيدة مقارنة بأسعار مثيلاتها التى تنتجها الشركات الأجنبية أو متعددة الجنسية، يوفر تكاليف النقل والجمارك. 
وأوصى خبير الدواء، بضرورة الاهتمام بمراكز الأبحاث الدوائية المتوافرة بالهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، وكليات الصيدلة، ووزارة الصحة، فى تطوير إنتاجنا المستقل من الأدوية بأنواعها، وترجمة ذلك للتصنيع المحلى والوصول إلى براءات اختراع أدوية جديدة.

بينما أكد أحمد فاروق شعبان، أمين عام نقابة الصيادلة، أن سوق الدواء بحاجة إلى دعم وتطوير الشركات الوطنية من القطاع العام، لتطوير إنتاجها للاستجابة إلى الحد الأقصى من احتياجاتنا وتطوير إنتاجها، فمن غير المعقول أننا كنا ننتج ٥ أنواع من المضادات الحيوية، ثم نوقف خطة إنتاجها حتى الآن! ومن غير المعقول أثناء أزمة غسيل الكلى أن تتقاعس وزارة الصحة عن ترخيص فلاتر محلية تنتجها شركة النصر لأربعة أشهر كاملة رغم استيفاء كل أوراقها، ورغم استعداد الشركة لإنتاج ١.٨ مليون فلتر سنويًا. 
وقال فاروق إن أزمة الدواء الأخيرة كشفت الحكومة، وإنها لا تمتلك رؤية واضحة لتطوير صناعة الأدوية، أو دعم شركات قطاع الأعمال التى تخضع لإشراف الدولة، والتى تُركت فريسة سهلة أمام الشركات الأجنبية ورجال الأعمال.
وأوضح، أمين عام نقابة الصيادلة، أن سوق صناعة الدواء المصرى تواجه أزمة حقيقية، بعد تعاظم تواجد الشركات الأجنبية وعملها على احتكار بعض الأنواع لصالحها فقط دون غيرها من الشركات، مشيرا إلى أن ارتفاع سعر الدولار زاد من حدة الأزمة، الأمر الذى ينعكس بشكل سلبى على المريض المصرى، فالتقارير تؤكد أن ٦٥٪ إلى ٨٠٪ من الأدوية مستوردة من الخارج، وحتى التى تصنع فى المصانع الوطنية تكون المادة الخام مستوردة.
موضحا أن الصناعة الدوائية فى مصر مقتصرة على تصنيع الدواء فى شكله النهائى فقط، أى أنها لا تقوم بتصنيع المواد الخام الدوائية حيث إن مصر تقوم باستيراد أكثر من ٨٥٪ من المواد الخام وكل المواد الفعالة تقريبًا، لذا فإن أسعار الدواء دائمًا ما تكون تحت رحمة الشركات العالمية وتقلبات أسعار الصرف.
وأضاف أمين عام نقابة الصيادلة، أن نقابة الصيادلة تطالب وزارة الصحة بضرورة إنشاء الهيئة العليا للدواء التى تدرس وتضع سياسات للنهوض بالصناعة الوطنية للدواء، مما يساهم فى الحد من سياسات احتكار الشركات الأجنبية لسوق الدواء المصرية، ويظل المريض تحت رحمة تلك الشركات الأجنبية أو متعددة الجنسية التى لا تسعى سوى للربح دون الأخذ فى الاعتبار صحة المريض.
وأكد فاروق أن صناعة الدواء الوطنية بحاجة إلى مراكز الأبحاث والتطوير، حتى ترتقى لمستوى الصناعات الأجنبية فى مجال تصنيع المادة الدوائية الخام، مؤكدًا أن سياسات وزارة الصحة تهدد الأمن القومى، حيث تفرض شروطًا تعجيزية أمام إنشاء الصناعات الوطنية، مرورًا بالمحاولات المستميتة لتدمير شركات قطاع الأعمال عن طريق زيادة مديونياتها، واللجوء إلى إغلاقها، أو بيعها بأبخس الأسعار بدعوى الخسارة، مشيرا إلى وصول مديونية وزارة الصحة لدى الشركة المصرية لتجارة الأدوية فقط إلى أكثر من مليار و٢٠٠ مليون جنيه، وهذه هى مديونية الوزارة لشركة واحدة فقط من قطاع الأعمال.
وفى نفس السياق طالب عضو لجنة الصحة بالبرلمان حاتم عبدالحميد بضرورة إنشاء هيئة عليا للدواء، تقوم بالتخطيط والتنظيم لصناعة الدواء فى مصر، واستنكر إنشاء هذه الهيئة داخل دول الخليج منذ عشر سنوات فى حين أن مصر لم تتقدم حتى الآن بقانون إنشائها.
وأرجع عضو مجلس النواب تدهور صناعة الدواء فى مصر بسبب احتكار الشركات الخاصة والقطاع الخاص للمصانع الدوائية، حيث يحتل نصيب الحكومة من مصانع الدواء ٤٪ فقط، بينما يمتلك القطاع الخاص ٩٦٪، وهذا ما يجعل صناعة الدواء ذات خطورة، ويجب على الحكومة إعادة التحكم فى سوق الدواء، فهو أمن قومى بالنسبة للمواطنين.
وأضاف عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أن هناك تكنولوجيا عالية داخل مصر تمكنها من التقدم فى صناعة الدواء، بالإضافة إلى إمكانية تصنيع المواد الخام من خلال الباحثين والأساتذة من كليات الصيدلة والمراكز البحثية المتخصصة، مما يرقى بالوضع الصناعى للدواء فى مصر.