■ كميات مصابة بفيروسات « سى» و«بى» دخلت «ثلاجات الصرف» تمهيدًا لتقديمها للمرضى
■ إعدام 11 كيس دم «نادر الفصيلة» رغم تزايد الطلب.. وصرف ١٠ أكياس «بلازما» غير صالحة
■ فيديو يكشف بيع كيس لمواطن «فى عز الضهر».. وعدسة «البوابة» توثقه بالصوت والصورة
■ بأمر كتابى.. السماح للفنيين والكيميائيين بصرف الدم من الثانية ظهرًا حتى صباح اليوم التالي
■ مدير المعهد يهدد العاملين بعدم التحدث للإعلام.. ويجمع نسخ «البوابة» من بائعى الصحف
تواصلت ردود الأفعال حول حملة «البوابة» التى كشفت فيها مجموعة من المخالفات ووقائع الفساد داخل مستشفى معهد ناصر، والتى حذرت لجنة الصحة بمجلس النواب بأنها تهدد الأمن القومى، ووصلت أصداء الحملة إلى مجلس النواب، بتقرير كشف عدد من المخالفات الجديدة الموثقة بالصور والمستندات، والتى تم تقديمها ضمن طلب إحاطة لوزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين. وتتضمن هذه المخالفات، صرف أكياس دم مصابة على أنها سليمة باستخدام «أكواد خاطئة»، وصرف أكياس «منتهية الصلاحية» لمرضى المعهد، فضلًا عن دخول كميات مصابة بفيروسات « سى» و«بى»، ثلاجات الصرف، تمهيدًا لتقديمها للمرضى.
وتتضمن كذلك إعدام ١١ كيس دم نادر الفصيلة رغم تزايد الطلب، وصرف ١٠ أكياس «بلازما» غير صالحة، فضلًا عن رصد عدسة «البوابة» عملية بيع كيس لمواطن «فى عز الضهر»، والسماح للفنيين والكيميائيين بصرف الدم من الثانية ظهرًا حتى صباح اليوم التالى، بقرار رسمى حمل توقيع المديرة السابقة لبنك الدم بالمعهد.
وكالعادة، لم تلق هذه الحملة قبولًا لدى المخاطبين بها، عملًا بالمثل القائل «اللى على راسه بطحة»، وبدأ مسئولو المعهد فى تهديد العاملين بعدم التحدث للإعلام، وجمع نسخ «البوابة» من بائعى الصحف.
الکارثة تصل إلى البرلمان
وكشفت مذكرة تقدم بها النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، ضمن طلب إحاطة للدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، حول تجاوزات ومخالفات «بنك الدم» فى مستشفى «معهد ناصر»، مجموعة من المخالفات بالبنك.
وأوضحت المذكرة المرفقة بمجموعة من المستندات والصور، أن مسئولى «بنك الدم» يلصقون معلومات خاطئة على أكياس الدم المصابة بفيروسات، ومن ثم يتم نقلها للمرضى دون إعدامها، ما يرجح إمكانية إصابتهم بهذه الفيروسات، وأشارت كذلك إلى أن البنك صرف أكياس دم منتهية الصلاحية للمرضى.
وجاء فى المذكرة، التى حصلت «البوابة» على نسخة منها: «وفقًا لما ورد إلينا من مئات الشكاوى والاستغاثات من المواطنين، بخصوص بعض الممارسات الخاطئة ببنك الدم التابع لمعهد ناصر للبحوث والعلاج، أجرينا بحثا شاملا ودقيقا للتحقق من صحة تلك الممارسات، والوقوف على أبعاد المشكلة بشكل كامل»، وأضافت: «توصلنا إلى بعض الممارسات الخطيرة التى تتم داخل أروقة البنك».
الأکواد الخاطئة
ومن أبرز هذه الممارسات، بحسب ما ذكرته المذكرة: «مسئولو بنك الدم لصقوا أكوادا خاطئة على أكياس الدم والبلازما؛ وترتب على ذلك الخطأ الفادح دخول أكياس دم إيجابية الفيروسات C أو B أو الإيدز، من قبل إدارة البنك، فى الثلاجات المخصصة لصرفها للمرضى، دون عزلها أو وضعها فى أماكن خاصة تمهيدًا لإعدامها».
وأضافت المذكرة: «الصور والمستندات تؤكد وجود شبهة لصق كود مصاب، فى حين أن الكيس الأصلى للمتبرع سليم، ما قد يهدر قيمة هذا الكيس، والعكس صحيح»، وأيدت ذلك بأن كيس الدم السليم الخاص بالمتبرع «أيمن علوان أحمد»، ورقمه «٢٨٧٣»، وهو مصاب بـ«فيروس B»، تم لصق كود خاطئ عليه باسم «أمير فوزى عبدالفتاح» برقم «٢٨٣٧»، وهو شخص سليم، ما قد يؤدى إلى إصابة الشخص السليم الذى سينقل إليه هذا الدم بـ «فيروس B»، نتيجة ذلك الخطأ والإهمال فى التعامل مع أكياس الدم.
واستدلت المذكرة كذلك بكيس دم خاص بالمتبرع «محمد محمد أحمد» ويحمل الكود الأصلى رقم «١١٣٥٦»، وفصيلة الدم O، ملصق عليه كود باسم «السيد مصطفى سليم» برقم «١١٢٥٦» وفصيلة دم A+، فضلا عن أن فصيلة الدم تم تعديلها كتابيًا من خلال «الكشط وكتابة الفصيلة الجديدة»، وهو ما وضحته صورة حصلت عليها «البوابة» من داخل بنك الدم بالمعهد.
ولم يقتصر الأمر على أكياس الدم، وتعدى ليصل إلى أكياس الصفائح الدموية «بلازما»، والتى بحسب التقرير حمل بعضها أكوادًا خاطئة، وتحديدًا فى تلك المحملة بفيروس C غير المفصولة عن الأكياس المعدة للمرضى ببنك الدم، دليل ذلك كما بينت المذكرة أن كيس الدم الذى يحمل كود «٤٢١١»، يتضمن تحذيرًا من خطأ الكود عليه، رغم أنه معد للصرف.
إعدام «الفصائل النادرة»
وكشف تقرير النائب كذلك عن وجود شبهة إعدام أكياس دم نادرة بشكل غير سليم، وفيه تعمد عدم صرفه للمرضى لأنها فصائل من نوع نادر، ومن أمثلة ذلك إعدام البنك ١١ كيس دم تقريبًا من فصيلة A- النادرة فى وقت واحد، مع العلم أنه كان من المفترض إعدامها بشكل تدريجى وليس بالجملة. ويفتح ذلك الباب حول شبهة إعدام أكياس دم نادرة بشكل غير سليم، لأن هناك قواعد أساسية لإعدام الدم، وخاصة الفصائل النادرة منه، والتى عليها طلب مستمر، ومنها أن يكون غير صالح للاستخدام، وأن يكون محملا بالفيروسات أو الأمراض، وكذلك انتهاء صلاحية تلك الأكياس، والتى تحدد بفترة ٣٥ يوما، وتساءل التقرير بصيغة استنكارية: «هل مرت تلك المدة على الأكياس المعدة للإعدام؟»، مضيفًا: «وإذا كانت تلك الفصيلة نادرة الوجود، والطلب عليها كبير وبصفة مستمرة، فلماذا تم تخزينها حتى انتهت صلاحيتها، وبكل هذه الكمية المعدمة؟».
ورصد التقرير بعضًا من أكواد الأكياس المعدمة، الواردة إلى عضو مجلس النواب، والمشتبه فى إعدامها منذ حوالى شهرين بشكل مخالف، وحذفها من السجلات، وهى: «٦٨٦٨- ٣٠٣٩-٢٩٨٩ - ٣٤٤٤-٣٣٨٨-٣٣٠٦-٣٢٣١-٣١٤٢-٣١١٩»، لافتا إلى أن ذلك «دليل على سوء تخزين أكياس الدم من قبل مسئولى معهد ناصر، أو أن الأجهزة التى يحفظ فيها الدم غير مجهزة للتخزين أو حفظه بالطريقة السليمة».
وأشار التقرير إلى وجود شبهة داخل بنك الدم بمعهد ناصر، حول صرف أكياس دم منتهية الصلاحية للمرضى والمترددين على المعهد، وذكر: «وجدت بعض أكياس الدم منتهية الصلاحية معدة للصرف إلى المرضى، وتعمد فى صرف وإصدار أكياس دم وصفائح دموية منتهية الصلاحية للمرضى من مكان الصرف المخصص للأكياس السليمة، وهو ما تم بالفعل ورصدته الصور والمستندات المرفقة».
وتشير وثيقة استند إليها التقرير إلى صرف ١٠ أكياس صفائح دموية بعد مدة انتهاء صلاحيتها، موضحة أن الصرف تم فى ٢٤ يوليو ٢٠١٦ رغم انتهاء صلاحيتها ٢٣ يوليو ٢٠١٦، بما يعنى أن الصرف للمرضى تم بعد انتهاء مدة الصلاحية بيوم، رغم أنه كان من المفروض أن يتم إعدامها، والتخلص منها بالطرق السليمة.
من المخالفات الأخرى التى أشار إليها التقرير البرلمانى، سوء التداول لأكياس الدم والصفائح الدموية داخل بنك الدم، وقال: «فى بعض الأحيان يتم ترك أكياس الدم والصفائح الدموية لفترات طويلة فى غير الأماكن المخصصة لحفظها، ما يجعلها عرضة بشكل كبير إلى الفساد والإهدار».
واختتم التقرير بتوصية لجنة الصحة بمجلس النواب، والمجلس ذاته، بضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات ملزمة للجهات التنفيذية، من شأنها محاسبة المسئولين عن تلك الممارسات الخطيرة التى تنعكس سلبا على الأمن القومى المصرى، نظرا لأنه يمس بصورة صريحة ومباشرة صحة وسلامة أرواح المواطنين.
بیع فى السوق السوداء «عینى عینک»
وإلى جانب مذكرة عضو مجلس النواب، حصلت «البوابة» على فيديو خطير من داخل المعهد، يعكس العشوائية والاستهانة بالمريض من قبل مسئولى بنك الدم، ويظهر فيه أحد العاملين بمعهد ناصر يخفى كيس دم داخل ملابسه ويعطيه لأحد المواطنين الذى يبدو أنه من أهل أحد المرضى، والذى يخفى بدوره الكيس داخل جلبابه ثم خرج به، دون معرفة إذا ما كان هذا الكيس مصابا بفيروس أو إذا ما كان معدًا للإعدام أم لا.
وقال أحد المصادر فى المعهد، تعليقًا على الفيديو، إن هذا المشهد يعكس وجود كوارث تمارس داخل بنك الدم، وتثير تساؤلًا عن كيفية خروج الكيس من البنك، رغم أنه مفترض خضوعه لدرجة حرارة معينة حتى لا يفسد، وبالتالى فإن المريض الذى ينقل إليه معرض للموت، مضيفًا: «كيف للشخص الذى أخذ الكيس التأكد من خلو الدم من الفيروسات التى من الممكن أن تفتك بالمريض عندما يتلقى الدم؟».
السماح للفنیین بصرف الأکیاس
وتكشف وثيقة أخرى حصلت عليها «البوابة» موافقة المديرة السابقة لبنك الدم فى معهد ناصر، الدكتورة سناء عبدالشافى، ومساعدتها فى إدارة البنك، بأمر كتابى ممهور بتوقيعها الشخصى، للكيميائيين والفنيين، بصرف أكياس الدم للمرضى من حجرة الصرف أثناء النوبتجية الليلية، من بعد الثانية ظهرًا وحتى صباح اليوم التالى، بدون وجود أطباء يشرفون على عملية الصرف، ذلك لأن معظمهم لهم أعمالهم الخاصة الخارجية، رغم ما يتقاضونه شهريًا من آلاف الجنيهات كرواتب ومكافآت وحوافز، باعتبارهم منتدبين وليسوا معينين.
ويعد ذلك من الكوارث التى تحدث فى حق المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، خاصة أن النوبتجية الليلية بالمستشفيات الحكومية تعد من أهم الورديات داخل القطاع الطبى، فهى لا تقتصر على صرف أكياس الدم فقط، بل من مهامها أيضًا ترتيب وتسلسل صرف الأكياس الخاصة بعمليات اليوم التالى، الأمر الذى يعرض حياة المرضى للخطر، بسبب الإهمال والتسيب فى إصدار القرارات.
وصدرت هذه الأوامر كتابيا من مديرة بنك الدم المشار إليها ومساعدتها، ما أدى إلى الإهمال فى بنك الدم، والتسبب فى خطورة على حياة المرضى دون أدنى مسئولية أو محاسبة من قبل مسئولى وزارة الصحة.
سبوبة التدریب
يبدو أن العبث طال كل شيء حتى وصل مجال تدريب الأطباء، ووفق ما علمت «البوابة» فإن أحد مسئولى المعهد ويدعى «ح. ش»، والذى يعمل طبيبًا لأمراض النساء، وكذلك مسئول إدارة التدريب بالمعهد ذاته، أعلن عن تنظيم دورات تدريبية للأطباء بالهند، فى عدة مجالات على رأسها الطب المتخصص، وفى عدد من الفروع.
وبحسب الإعلان الذى وزعه هذا المسئول فإن الدورات تجرى فى الهند، وتتراوح مدة التدريب فيها ما بين ١٥ يومًا و٦ شهور، فى تخصصات مختلفة، دون الأخذ فى الاعتبار أن مدة ١٥ يوما لا تكفى لتدريبات عادية وليست فى مجال الطب، أو فترات الإقامة والمغادرة للأطباء فى دولة مثل الهند تبعد عنا آلاف الأميال، بالإضافة إلى مشقة السفر والراحة.
ولم يوضح الإعلان المشار إليه «الكورس التدريبى» المفترض أن يتم تقديمه للأطباء، فيما يتعلق تحديدًا بالإقامة وفترة التدريب ونموذج التدريب وأماكن التنقلات، أو حتى تحديد أوقاتها وجداولها الزمنية، بعدد ساعات عمل وتدريب معتمدة، وترك موضوع التدريب يحيط به الغموض.
ولم تستطع اللافتة التى تم تعليقها على أحد جدران المعهد كشف هذا الغموض، ليترك كنوع من أنواع سد الخانة لمركز التدريب، أو إعلان التفاصيل التى تكشف عما سيتم تطبيقه للأطباء، ما يشير إلى أنها «سبوبة مع سبق الإصرار والترصد».
ذعر بسبب «البوابة»
«ذعر فى معهد ناصر بعد تحقيقات البوابة».. عبارة تعد الأكثر تعبيرًا عما يشهده المعهد منذ نشر تحقيقات «البوابة» عما بداخل المستشفى من مخالفات ووقائع إهمال ترقى فى معظمها لحد «الجرائم مكتملة الأركان».
ودفعت حالة الذعر تلك الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة، التى يرأسها الدكتور أحمد محيى القاصد، لمزيد من «التخبط»، وظهر ذلك فى إصدارها بيانات لوسائل الإعلام لا تمت للحقيقة وللوقائع التى ننشرها بأى صلة، بل أرادت من خلالها تضليل المسئولين فى وزارة الصحة، وكذلك الرأى العام، عن طريق اختلاق قصص واهية لا علاقة لها بالفساد فى معهد ناصر أو ما ننشره على صفحات «البوابة» من تجاوزات داخل الأمانة.
وأصدرت الأمانة، برئاسة الدكتور أحمد محيى، بيانات فى الصحف والقنوات التليفزيونية ليرد على حملة «البوابة» التى لا نبغى من ورائها إلا محاربة الفساد ومحاسبة المسئولين عنه، وكذلك حماية المرضى، الطرف الأضعف فى القضية.
ولا يمت ما نشر سواء فى هذه الوسائل، أو فى ردهم على تساؤلات برلمانية، للحقيقة بصلة، وإنما كان الغرض منه تضليل الرأى العام، وكذلك توريط وزارة الصحة فى بيانات كاذبة لحماية الفساد والفاسدين فى الأمانة العامة للمراكز المتخصصة ومعهد ناصر.
ووفق ما علمته «البوابة» فإن الدكتور حازم الفيل، مدير معهد ناصر، عقد اجتماعات مع المسئولين بالمعهد من أطباء وفنيين ورؤساء أقسام ليشرح لهم ما يتم نشره من وقائع ومستندات تدين المسئولين بالمعهد والأمانة العامة للمراكز المتخصصة.
وما يعكس هذه الحالة من الذعر جمعه أعداد جريدة «البوابة» فى منطقة شبرا والساحل، المجاورتين لمعهد ناصر، حتى لا يتسنى لأى من العاملين شراء الجريدة، بالإضافة إلى تفتيش العاملين بالمعهد من قبل إدارة الأمن أثناء الدخول لمنعهم من شراء أو توزيع الجريدة داخل المعهد، ظنا منه أنه بذلك يمنع العاملين من الوصول للحقيقة. الغريب فى الأمر أن إدارة الأمن تحيل أى موظف أو طبيب يتم العثور بحوزته على نسخة من الجريدة إلى الشئون القانونية بتهمة تكدير صفو الأمانة العامة للمراكز المتخصصة، وذلك بأوامر من الدكتور حازم الفيل، مدير معهد ناصر، والذى هدد العاملين أثناء أحد الاجتماعات من التحدث لوسائل الإعلام أو إظهار أى مستندات، وإلا سيلحقون بزملائهم من أصحاب القرار رقم ١٣ الذى شهد استبعاد الأطباء والفنيين الذين كشفوا فساد ما يحدث فى الأمانة ومعهد ناصر، وبينته «البوابة» بكافة تفاصيله لقرائها فى حلقاتها السابقة.