السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القضاء وأمن الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الهجوم العنيف والانتقاد الشديد اللذان وصلا إلى حد الاتهام للقضاء الأمريكى من جانب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، بسبب إلغاء قراره بحظر دخول جنسيات ٧ دول إسلامية للولايات المتحدة الأمريكية وإلغاء المحكمة الفيدرالية لهذا القرار، فجر قضية علاقة القضاء بحماية أمن الأوطان خاصة أن ترامب اتهم القاضى صاحب الحكم بأنه يعرض بلاده لخطر الإرهاب، وإذا حدث شيء فاللوم يقع عليه وعلى النظام القضائى.
هذا الاتهام من جانب الرئيس الأمريكى للنظام القضائى، لو صدر من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى لانقلبت الدنيا رأسًا على عقب، وهاج وماج نشطاء حقوق الإنسان ليس فى مصر وحدها، بل فى الولايات المتحدة الأمريكية، بل ربما طالب البعض بمحاكمة الرئيس السيسى بسبب هذا الاتهام.
فهذا الاتهام للنظام القضائى الأمريكى، وحكم قضائى ضد رغبة الإدارة الأمريكية ربما يكون الأول من نوعه فى تاريخ العلاقة بين الطرفين، وبالتأكيد ليست زلة لسان من الرئيس الأمريكى ولكنها كلمة مقصودة وتعبر عن حالة غضب رئاسى من القاضى الذى أصدر الحكم، ودونالد ترامب يعى كل كلمة ذكرها فى هذا الاتهام كما يعى مكامن الخطر الذى يواجه بلاده والشعب الأمريكى من ظاهرة الإرهاب التى تعم العالم.
كما أن هذه العبارة تذكرنا بما صدر منذ فترة قليلة، وعقب الحادث الإرهابى فى الكنيسة البطرسية والذى أودى بحياة ٢٩ مصريًا ومصرية من الأبرياء، وخلال تشييع الجنازة عندما طالب الرئيس السيسى البرلمان والقضاء بالتحرك لتحقيق العدالة الناجزة فى مواجهة الإرهاب، والقضاء عليه بسيف القانون الرادع بدلًا من حالة التدليل القضائى للإرهابيين حاليا وبقائهم دون أى عقاب رادع. فهذه القضية تفجر سؤالا هامًا مطروحا على أذهان الرأى العام المصرى بصفة عامة، وأذهان أسر الشهداء، ومصابى الإرهاب بصفة خاصة، هل القضاء المصرى كفيل بحماية أمن الوطن والمواطنين؟ وهل الأحكام الصادرة عنه أحيانا تؤكد هذا المعنى وتجعله فى خندق الدفاع عن الوطن وحماية أمنه؟ أم أن الأحكام الصادرة عنه تراعى معايير أخرى وتجعله عادلا فى نظر المتهمين بالإرهاب وليس عادلا فى مواجهة الطرف الآخر المجنى عليه؟
ترامب عندما طالب الشعب الأمريكى بأن يلوم القضاء إذا حصل هجوم إرهابى على أمريكا، لم يراع أى انتقادات من النشطاء، ووضع مصلحة أمريكا فوق كل اعتبار، لأنه أقسم على ذلك عند توليه الرئاسة، كما وضع مبدأ جديدا، وهو حق رؤساء الدول فى انتقاد واتهام القضاء إذا تعارضت أحكامه مع مصالح وأمن الوطن.
فالتفسير الصحيح لاستقلالية القضاء، هو استقلاليته داخل حدود إطار الوطن وحماية أمن الوطن وليست استقلالية قد تضر بأمن الوطن، ولا أحد يطلب من القاضى أن يكون ظالما أو يصدر أحكاما على غير الحقيقة، ولكننا نطلب من القاضى أن يضع مصلحة وأمن الوطن عند نظر قضايا الإرهاب بصفة خاصة، وألا تكون أوراق الدعوى هى السبيل الوحيد لإصدار الأحكام، ولكن أمن الوطن فوق كل اعتبار عند صدور الأحكام القضائية.
فالولايات المتحدة الأمريكية لا أحد من نشطاء السبوبة وحقوق الإنسان يزايد على التزامها بمبادئ الديمقراطية والفصل بين السلطات ورئيسها وجه اتهاما للقضاء من أجل أمن الوطن، ومن باب أولى أن الدول الصغيرة وليست العظمى والتى تعانى من خطر الإرهاب الذى يهدد وجودها وأمن شعوبها أن توجه نفس الانتقادات والملاحظات للقاضى الذى يتجاهل أمن الوطن.
فإذا كانت أمريكا تقدم بعض الدروس لدول العالم الأخرى فى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان كما يتشدق بذلك دعاة الحرية وحقوق الإنسان ونشطاء السبوبة، فلا بد من الاستفادة من درس ترامب والاتهام الذى وجهه لقاضى المحكمة الفيدرالية، وأن نسير نحن أيضًا على نفس المنهج والمنوال مع أى قاض لا يضع أمن الوطن فى الاعتبار عند إصدار الأحكام القضائية خاصة أن الإرهاب يهدد أمن القضاه أيضًا.
فلا استقلال حقيقيًا للقضاة فى وطن تهدده جماعات الإرهاب، وتسعى للنيل من أمن شعبه والعمل على تقسيم أرضه واستعداء الخارج عليه، ولا نجاح لمعركة مصر ضد الإرهاب برجال الجيش والشرطة، ولكن بقضاء مصر الحاسم والحازم فى أحكامه الرادعة والقوية ضد الإرهابيين، وإحباط خطط محامى الإرهاب أمام المحاكم، وألا نقول كما قال ترامب، فليتحمل القضاء اللوم على سقوط المزيد من الضحايا المصريين بأيدى الإرهابيين.