"زينب" لم تكن الضحية الأولى ولا الأخيرة لأعمال الدجل والشعوذة التى أصبحت مسيطرة على عقول معظم البشر، فزوجُها لم يكن يعلم أن محاولته علاجها من الجن سيقضي عليها ويتركها جثة هامدة تاركة طفلًا لم يتجاوز الـ8 سنوات من عمره.
بدأت تفاصيل الواقعة عندما عاد الزوج من الخارج من دولة السعودية إلى منزله وزوجته، ووجد زوجته الموظَّفة بمحكمة شبين الكوم تُصاب بنوبات تعب بجسدها، وأقنعه البعض بأن عين الحاسد أصابتهم فور عودته من الخارج وتعرّضهم لمسِّ الجن.
حكى الزوج إلى أحد أصدقائه بمدينة الباجور فاقترح عليه الذهاب إلى أحد الشيوخ؛ لمعالجته بالقرآن هو وزوجته بمدينة منوف، فاتفق الزوج مع أحد الشيوخ للذهاب إلى منزله لمعالجتهم.
وبعد مرور يومين حضر أحد الدجّالين إلى المنزل معه البخور والأعشاب تسمَّى "عرق الصليب"؛ لمعالجتهم من مسِّ الجن، كما ادَّعى المُشَعْوِذ، وطالبهم ببلعها وقاموا ببلع كميات كبيرة أدخلتهم فى غيبوبة فورية فقام الدجَّال بسرقتهم وسرقة مشغولات ذهبية خاصة بالزوجة ومبلغ 25 ألف ريال سعودي وترَكهم وفرَّ هاربًا.
وأبلغ نجلهم الصغير الذى لم يتجاوز الـ8 سنوات عمَّه بغياب والده ووالدته عن الوعي، وتم نقلهم إلى مستشفى شبين الكوم لتلقَى الأم مصرعها ويعيش الأب الذى لم يصارح أحدًا بما حدث؛ خوفًا من المساءلة القانونية وخوفًا من أهل زوجته.
بدأت الواقعة ببلاغٍ تلقّاه اللواء خالد أبو الفتوح مدير أمن المنوفية، من رئيس مباحث شبين الكوم بإصابة "م. ف. ع. م" 55 سنة، عامل، ووفاة زوجته "ز. م. ع. ا" 50 سنة، موظفة، بحالة تسمُّم.
وبسؤال شقيق الأول قرر عِلمه من نجل شقيقه الطفل البالغ من العمر 8 أعوام، بإصابة والديه بحالة إعياء، فقام بنقلهما إلى المستشفى، وأفاد بأن سبب إصابتهما تناولهما مبيدًا حشريًّا عن طريق الخطأ، ونفى الشبهة الجنائية.
وجاء تقرير مفتش الصحة بأن سبب الوفاة نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية والقلب، ولا توجد إصابات ظاهرة، والسبب المحتمَل فى الوفاة غير واضح، ويُترك الأمر للطب الشرعي؛ للوقوف على سبب الوفاة.
وبالعرض على النيابة قررت انتداب الطبيب الشرعى لتشريح الجثة والإفادة بتقرير بسبب الوفاة وطلب تحريات المباحث حول الواقعة.
وعقب تشكيل فريق بحث، برئاسة العميد السيد سلطان مدير إدارة البحث الجنائي، وضباط الإدارة وضباط مباحث مركز شبين، تبيَّن أن المجني عليهما كانا يساورهما اعتقاد بمسِّهما بالجن، وأن الزوج بحث عن أحد المشايخ لعلاجه، وتعرَّف حالَ ذلك على "أ. م. ذ. ب" 48 سنة، عاطل، ومقيم مركز منوف والمشهور عنه معالجة مثل هذه الحالات. وبتاريخ الواقعة حضر المذكور لمنزل المجني عليهما بدعوى علاجهما بمناولتهما بعض الأعشاب والبخور لمعالجتهما، وعقب تعاطيهما هذه الأعشاب انتابتهم حالة غيبوبة ونُقلا على إثرها للمستشفى.
وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتحرَّى عنه، وبمواجهته بما توصلت إليه التحريات اعترف بارتكاب الواقعة، وأن جرعة الأعشاب هي التي أدت إلى حدوث الغيبوبة دون قصدٍ منه، وأنه استغلَّ ذلك واستولى على ذهب المجني عليها "4 خواتم+ 2 توينز+ غويشة"، ومبلغ مالي مائة ألف جنيه.
وبإرشاده تم ضبط المصوغات ومبلغ 74 ألف جنيه، مؤكدًا أن باقي المبلغ قام بالتصرف فيه.
وباستدعاء الزوج ومواجهته أقر بمضمون ما جاء بأقوال المتحرَّى عنه وأنه لم يُبلغ عن حقيقة الواقعة خوفًا من أهل زوجته، وتم التحفظ على المضبوطات.
وقررت النيابة حبس الدجَّال على ذمة القضية، والتحقيق مع الزوج؛ لمعرفة ملابسات الواقعة.