الدولار، خبر الصباح اليومي المزعج، أسعاره متذبذبة وانخفاضات هامشية لا تتعدى المليمات والقروش، أحدث تراجع له سجل 7 قروشا أمام الجنيه المصري ، ليستقر سعره عند 18 جنيها ونصف في البنوك، و20 في السوق السودا، اقتصاديون رأوا الوضع بالنتيجة الطبيعية وقالوا الدولار يحتفظ بعرشه، فيما وصف ماليون الهبوطه أمام الجنيه بـ"الهامشي".
المؤشرات تقول إن العملة الأجنبية وبخاصة الدولار مستمرة في تحدي الجنيه، توقعات بانفلات في سوق العملات الأجنبية في الشهور القليلة المقبلة، اليورو بـ20 جنيهًا.. الدينار بـ 62.. الريال بـ 5 جنيهات، فيما يظل هناك مصير غامض للعملة الوطنية مع تساؤلات عن القادم له وقيمتها في الايام القادمة واثر ذلك علي الاسعار وحال البلاد والعباد والتضخم.
الدكتور رضا عيسى، أستاذ الاقتصاد، يرى الكثير للصورة القادمة ويقول، الواقع يؤكد أن الجنيه سيواصل الانخفاض أمام العملات الأخرى إضافة الى انخفاضه أمام اسعار السلع كالخضروات والفواكه، مضيفا أن العام الجاري سيكون حصيلة تراكمية لكل ما يحدث حيث أن تحرير سعر الصرف له توابع وما يحدث الان من توابع هى السهلة والسريعة متوقعا أن تكون التوابع عميقة العام القادم بحيث أن كل الشركات الصناعية المدينة بالعملات الأجنبية سيكون لديها مشاكل لأن ميزانيتها تضخمت بشكل كبير وأعباء خدمة الدين زادت بشكل كبير وبالتالي ستتعثر في سداد المديونيات المستحقة عليها.
أضاف عيسى، هذه المشكلة من الممكن أن تتسب في أزمة في بعض البنوك نظرا لأن بعضها يعاني من الديون المعدومة هذا بخلاف بعض الشركات كشركات التسويق العقاري التي تبيع الشقق بالأقساط على سبع سنوات وبأسعار ثابتة وبأقساط محددة هذه المدة تكلفتها سترتفع فماذا ستفعل مع عملائها الذين لم يستلموا شققهم بعد ويدفعون اقساط أو من استلموا ولازال عليهم اقساط، بالتأكيد هذه الشركات ستقع فى مشكلة، موضحا أن عام 2017 سيواجه صعوبات كبيرة حتى على مستوى الموازنة العامة المصرية متوقعا أن يكون العام الحالي عام حصاد الشوك الذى زرعناه فى تعويم الجنيه ، واصفا تراجعات الدولار بالوهم.
تابع عيسى، أن الفترة المقبلة ستشهد زيادات كبيرة في أسعار السلع وزيادة التضخم، إضافة إلى معاناة الشركات والمصانع نفسها، أكد عيسى أنه مع وجود المجموعة الاقتصادية الحالية بالحكومة المصرية فأنه ليس هناك حلول لأنهم مقتنعون بما يفعلوه وهذه كارثة ، موضحا أن مشكلة الاقتصاد المصري أنه لا يعرف المنافسة في الداخل والخارج ولأننا نستورد أغلب الأشياء من الخارج إضافة إلى أننا ليس لدينا صادرات كافية للحصول على الدولارات وهذه هي المشكلة الأصلية فالمنظومة الاقتصادية بها مشكلة كبيرة جدا.
أكد استاذ الاقتصاد، أنه إذا لم تتحرك الحكومة لإنقاذ الاقتصاد سيكون هناك تعويم أخر للجنيه، موضحا أن مشكلة تعويم الجنيه ليست أول مرة تحدث لكنها حدثت مرتين من قبل مرة فى عهد عاطف صدقي في التسعينات ثم كررها عاطف عبيد فى عام 2003 ثم حاكاهم شريف إسماعيل فى 2016 وبالتالي هذا سيتبعه نقص شديد للمعروض من الدولار.
فيما توقع الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الجنيه سيستمر في الانخفاض لسبب أنه يعتمد على عرض الدولار الذى أصبح قليلا بسبب الزيادة في الأسعار وهذا أدى لنقص 8 مليار دولار من 80 مليار دولار حجم فاتورة الواردات المصرية ولا شك فى هذا اضافة الى ثبات الصادرات أمامها وعدم زيادتها ولازالت كما هي حجمها 18 مليار دولار بدون زيادة، مؤكدا أن السبب الجوهري لزيادة الجنيه أمام الدولار هو زيادة الإنتاج ومصر تعانى بل توقف فى عجلة الإنتاج فى القطاعين الأساسيين وهما الزراعة والصناعة لانهم سبب الإنتاج الحقيقي المصري وهذا يتبعه انخفاض العملة المحلية.
أضاف صيام، أننا لدينا ضعف فى مصادر الدولار الأساسية كالسياحة والتحويلات الاجنبية وغيرها فهي لم تتحرك حتى الان ولا يوجد مؤشرات يؤكد تحركها فى العام الجاري وبالتتالي سيستمر الدولار فى الارتفاع والجنيه فى الانخفاض لان سياسة الحكومة لم تنجح فى تحريك عجلة الإنتاج والصناعة، اضافة الى أننا لم نبدأ بعد فى المشروعات القومية والانتاج والتي ستبتلع جزء كبير من العملة أيضا.
وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، لست متفائلا بما يجري حاليا على الأقل على المستوى الاقتصادي وتابع :" ستظل الاوضاع كما هي عليه بل ستزداد سوء إذا لم يتخذ الرئيس قرارا جريئا واستبدال الحكومة بأخرى مع تغيير محافظ البنك المركزي وقال عبده : "هم من خلقوا الأزمة الاقتصادية الحالية والذى خلق الأزمة ليس هو الذى يستطيع حلها".
أضاف عبده أن أسعار الدولار سترتفع قليلا مستقبلا لتصل من 20 الى 21 جنيها ثم ستنخفض لتصل إلى 15 إلى 16 جنيها فى النصف الثاني من عام 2017، وقال إن هذا كله يتوقف على عمل الحكومة وتابع : "حتى الآن لم تنشط الاستثمار والإنتاج والعمل ولم تحسن بيئة العمل والاستثمار ولم تقضى على الفساد والبيروقراطية وبالتالي لو استمرت على هذا الحال سيزداد الوضع الاقتصادي سوء، ولكن الحل بتغيير تلك الوزارة والمجيء بوزراء لديهم فكر وسياسات اقتصادية حتى يتحسن الوضع الاقتصادي"، دون ان يعلق على تراجع الدولار الأخير .
وقال هاني الحسيني، الخبير الاقتصادي، وعضو الهيئة الاقتصادية بحزب التجمع، رغم مرور شهرين من العام الجاري إلا أننا غير متأكدين أو متفائلين سياسيا واقتصاديا لأن القرارات الاقتصادية التي حدثت كلها غير مسبوقة في تاريخ مصر بما لها من أثار كبيرة فى السوق وبما لها من أثار على مستوى الاقتصاد الكلى، مضيفا أن الحكومة لديها تفاؤل فقد رأت أن هذه القرارات جيدة وتصحيح للأوضاع لكن السوق يرد عليها بعدم التفاؤل فالسوق يجد نفسه لأول مرة في أزمة وفي ارتفاع في تكاليف الإنتاج وبنسب تصل الـ 100 % وهذا لم يحدث من قبل وهذا يتبعه ارتفاع في الأسعار وهذا يؤكد أن وضع 2017 غير موثوق به.
لفت الحسيني، إلى أنه عندما خرجت قرارات 3 نوفمبر الاقتصادية المؤشرات قالت إن الدولار بـ 13 جنيها يزيد او يقل 10 % غير أننا فوجئنا أن المعاملات في البنوك وصلت إلى 19 جنيها للدولار الآن بعد مرور أكثر من شهر على هذه القرارات والمؤشرات لا تدل ان هناك نوع من الانخفاض وهذا يخلق ما يسمى بعدم التأكد من توقعات جيدة لعام 2017، مضيفا أن هناك جزء من المشكلة هي أن من تعتمد عليهم الحكومة بداية من الوزراء وحتى الأقل منهم من فنيين ومساعدين ومستشارين وغيرهم ليسوا على مستوى الكفاءة حتى كفاءتهم أقل ممن كانوا في عهد مبارك فكان أيام مبارك ازمات ومشاكل اقتصادية ولكن كانت الحكومة تتعامل معها بكفاءة وتحلها أما الأسلوب الحالي خطير ولا يود به أي نوع من السياسة بل عشوائي فهو يضغط على المواطنين فجأة اضافة الى اللجوء للغة "مفيش غير كده"، إضافة إلى أن الحكومة لا تسمع إلى خبراء الاقتصاد الكبار ولا يوجد أي استعانة بهم ولا رد فعل لما يطرحونه، وتابع أن كثيرين من هؤلاء الخبراء يقدمون اقتراحات وأفكارا في الأسعار وهوامش الربح وحتى التسعيرة الجبرية ولا يتم الأخذ بها، متابعا ان الحكومة لم تدرس تكلفة الإنتاج في كل المنتجات حتى تعلم كم يكسب وتحدد له هامش الربح ولا تجعله يزيد في الأسعار بشكل كبير.